البئر «مقوع 149»

  • 5/1/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الحوادث النفطية في الكويت وفي كل العالم أمر حتمي، إلا أن الفارق بينها هو ما إذا كان حادثاً عرضياً أو إرهابياً، أو متعمداً كما فعلها صدام في أكثر من سبعمئة بئر نفطية. الكويت تحديداً عانت الأمرين من كل هذه الحوادث والكوارث، وتم التغلب عليها كلها، فقطاع النفط الكويتي مر بتجارب حقيقة مريرة، ومن لم يشاهدها ولم يشارك فيها فلن يفهم ما أقوله حرفياً. وما حدث مؤخراً في البئر «مقوع 149» كان أحدها، فشركة نفط الكويت خبرت حوادث وتسربات لآبار نفطية شبيهة، وتمت السيطرة عليها خلال أيام معدودات، إلا أن الحادثة الأخيرة كانت استثنائية تماماً، لأن التسرب لم يكن عمودياً عن طريق رأس البئر، بل كان أفقياً خلال مكمن وارة، فخطورته أنه تسرب من الصعب السيطرة عليه. ما حدث في هذه البئر سببه على ما يبدو الاستعجال، بعد التحرير مباشرة، في حفر آبار جديدة لإنتاج النفط بأسرع وقت وأكبر كمية، فالمعتاد في آبار النفط أن يكون إنتاج النفط من كل بئر عن طريقين، الأنبوب الداخلي، وهو الأعمق Tubing، وله مخرجان أيمن وأيسر، والأنبوب الخارجي أو البطانة Casing، وله أيضا مخرجان أيمن وأيسر، فيخرج النفط إنتاجه إلى رأس البئر عن طريق مخارجهما المستقلة، وكان الدارج أن تقوم شركات متخصصة بصيانة الآبار النفطية بشكل دوري للتأكد من سلامة الأنابيب الداخلية والخارجية وحتى مخارجها، ما حصل للبئر «مقوع 149» وضع مختلف، فقد تم إنتاج نفطها من الأنبوب الداخلي والبطانة الخارجية عن طريق مخرج واحد، وبما أن نوعية النفط المنتجة من الانبوب الداخلي مشبعة بالمركبات الحامضية والماء فقد تسببت، مع مرور الزمن، بتآكل في البطانة الخارجية واهترائها، فحدث الشرخ فيها، الذي أدى إلى التسرب في مكمن وارة، وقد يكون هناك سبب آخر للتآكل السريع سببه نوعية الأنابيب الداخلية تحت الأرض، وغياب الصيانة الدورية عنها، وهذه ملاحظة لا أجزم بها. يبدو الآن، وكما أعلن، أن وضع البئر «مقوع 149» داخل الأرض تحت السيطرة، وهو الأهم والأصعب، فهناك اطمئنان بأن التسرب محدود في مكانه، وأن ليس هناك خطورة على كامل مكمن وارة، ولكن يظل أن نفهم أن العمل على السيطرة النهائية يحتاج إلى وقت وصبر وحيطة في التعامل مع هذا الوضع الاستثنائي خوفاً على سلامة العاملين، وعلى المكامن النفطية، أما الفرق التي ساهمت في هذه الجهود فهي كويتية، إضافة إلى شركات كويتية وأجنبية متخصصة موجودة أصلاً في الكويت، كانت هناك مبالغات إعلامية أخافت المواطنين من دون معرفة الحقيقة كاملة، وكان هناك هجوم غير مبرر على العاملين في شركة نفط الكويت. نقول: حادثة البئر «مقوع 149» يجب ألا تمر مرور الكرام، لأن هناك آباراً شبيهة بها حفرت في نفس فترة ما بعد التحرير، ومن المفترض أن تكون الآن تحت المراقبة اللصيقة، أما القصور الإعلامي من قبل المسؤولين النفطيين فيجب تلافيه، فقد كشف عن خلل ما من جانب العلاقات العامة، دل على ذلك الغموض الذي شاب تصريحات بعض المسؤولين، والتأخر في توصيل المعلومة الصحيحة للمواطن العادي المهتم بشؤون بلده، فليس مقبولا أن يتم التوضيح عبر مراسلين صحافيين لا يفهمون ما يسمعونه، ولا يفقهون في مصطلحات وتفسيرات نفطية ألقيت على مسامعهم، ويكفي أن كل محرر كتب حسب فهمه هو، مما سبب الكثير من البلبلة وسوء الفهم لحقيقة ما حصل على أرض الواقع. طلال عبد الكريم العربtalalalarab@yahoo.com

مشاركة :