انطلقت فعاليات «القمة العالمية لصناعة الطيران 2018» في أبو ظبي اليوم (الإثنين)، التي تبحث في جلساتها على مدى 3 أيام، مستقبل قطاعات الطيران والدفاع والفضاء، بمشاركة إقليمية ودولية في دوائر صناعة الطيران في العالم. وأكد وزير دولة الإمارات لشؤون الدفاع محمد بن أحمد البواردي، في مستهل الفعاليات، أن اقتصاد المعرفة والتنوع الاقتصادي في دولة الإمارات بات من صميم سياسات الدولة طويلة المدى، ويلعبان دورًا حيوياً ومؤثرًا في تحديد مستقبل الاقتصاد الوطني، وكنتيجةٍ لذلك فقد أصبح الناتج المحلي للدولة لا يعتمد على القطاع النفطي بل على قطاعات إنتاجية متعددة. وقال: «إن دولة الإمارات حرصت على توفير منظومة تشمل مجالات صناعية واقتصادية متنوعة ومتقدمة، كما عملنا على إيجاد بيئةٍ محفزة للاستثمار في صناعات جديدة، حيث أحرزنا تقدمًا كبيرًا نحو تحقيق أهدافنا الإستراتيجية بالتعاون مع شركائنا في القطاع الخاص في الدولة وكذلك مع شركائنا الدوليين». واعتبر البواردي أن وضع إستراتيجية وطنية تهدف إلى دعم الجهود الرامية لتنويع الاقتصاد الإماراتي من خلال إنتاج الصناعات الدفاعية المتطورة في مجالاتٍ منتقاة تشمل التكنولوجيا المتقدمة وصناعة الطيران العسكري إلى جانب الطيران المدني، بالتعاون مع شركائها المعنيين داخل الدولة وخارجها، يأتي «كجزءٍ أساسي من المنظومة الوطنية». وأضاف: «أن ذلك يأتي في إطار دعم الجهود العظيمة لمجلس التوازن الاقتصادي وشركة مبادلة وشركة الإمارات للصناعات العسكرية، وفي سبيل تشجيع الصناعات المحلية». وأكد البواردي، أن الإمارات تعتبر في طليعة الدول النامية التي تستثمر في مجال الصناعات الدفاعية المتقدمة، «ليس فقط بهدف تحقيق قدرة نوعية عالية للقوات المسلحة وتوفير متطلبات الإمداد الإستراتيجي، إنما لتكون محفزًا لبناء قاعدة صناعية محلية متنوعة، وكذلك توفير فرص عمل مميزة للمواطنين الإماراتيين»، إضافة إلى توظيف حصة أكبر من الإنفاق السنوي في السوق المحلية، ومن أجل ذلك تعمل الوزارة على تهيئة الظروف والأسباب لإنجاح المنظومة الوطنية في ترجمة رؤية القيادة إلى واقعٍ ملموس ولتحقيق غايتها الإستراتيجية. من جهته، أكد الرئيس التنفيذي لقطاع صناعة الطيران والطاقة النظيفة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لدى «مبادلة» خالد القبيسي أن الإمارات تمتلك واحداً من أكبر أساطيل الطائرات وأحدثها في المنطقة، إذ تقدر قيمة قطاع النقل الجوي في الإمارات بنحو 80 مليار دولار أمريكي، ويوفر هذا القطاع نحو 500 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة لـ 9 ملايين نسمة يعيشون في الإمارات. ويتمتع قطاع صناعة الطيران والمجالات المرتبطة به بإمكانات نمو مستقبلي كبيرة، ومن المتوقع أن يسهم هذا القطاع بما نسبته 16% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارات بحلول عام 2025. وأضاف القبيسي: «تشير جميع هذه المعطيات بوضوح إلى أن المناطق التي تشهد نمواً كبيراً في مجال صناعة الطيران، مثل منطقة الشرق الأوسط، تستطيع أن تلعب دوراً أكبر على الصعيد العالمي، وأن تعزز ارتباطها بسلسلة التوريد العالمية، وذلك نظراً لإمكانات النمو الكبيرة التي يتوقع أن تشهدها على مدى العقد القادم، ومع أن عولمة قطاع صناعة الطيران ما تزال في بداياتها، إلا أن تعزيز التعاون مع الشركات الغربية المصنعة للمعدات الأصلية سيسمح لجميع الجهات في القطاع بالمشاركة الإيجابية، والاستفادة من المزايا التنافسية لاقتناص فرص استثمار بتكلفة أقل، وبالتالي تحقيق أعلى فائدة ممكنة من الفرص المتاحة في قطاع النقل الجوي». واعتبر القبيسي أن ثمة تغيرات ملحوظة في المشهد الدولي، ففي القارة الآسيوية، تزداد أهمية الصين كشريك استثماري من خلال مبادرة «حزام واحد طريق واحد»، التي تشمل دولة الإمارات ودول الخليج العربية. كما تواصل الهند مسيرة تطور مذهلة، ومن الواضح أن نفوذها سيزداد أكثر في السوق الآسيوية خلال العقود القادمة. وأشار إلى أن النمو الاقتصادي السريع الذي شهدته هذه الدول أدى إلى دفع عجلة النمو على امتداد سلسلة القيمة من خلال زيادة قدراتها في الاستثمار في البنية التحتية والتطور التكنولوجي والاستفادة من التنمية الشاملة في رأس المال البشري، ما يساهم في توسيع قاعدة الكفاءات المحلية المؤهلة. ومع أن النمو في هذه الأسواق يجلب معه بعض التحديات، مثل ازدياد حدة المنافسة، إلا أنه أيضاً يتيح فرصاً أكبر للشراكات والمبيعات. وعلى صعيد منطقة الخليج العربي، أكد القبيسي أنها تشهد حالياً تغييرات كبيرة، إذ تبذل دول مثل المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات، جهوداً حثيثة من أجل تنويع اقتصاداتها من خلال تنفيذ إستراتيجيات طموحة طويلة الأمد. وقد اكتسبت تلك الإستراتيجيات المزيد من الأهمية بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية في الآونة الأخيرة، وتستهدف هذه الإستراتيجيات الحكومية الجريئة تطوير صناعات متقدمة من خلال انتهاج وسائل متعددة تتضمن الاستثمار في التقنيات المتطورة، والتعاون المتبادل، ورعاية الكفاءات المحلية. واستضافت القمة مجموعة من جلسات العمل والحوار بين مختلف القادة والمسؤولين في القطاعات الفضائية وصناعة الطيران على الصعيدين الإقليمي والعالمي. وتستعرض جلسات المؤتمر مختلف المواضيع التي تبحث في مستقبل التصنيع ومدى تأثيره على صناعة الطيران، وذلك بمشاركة خبراء محليين ودوليين من القطاع، حيث سيركزون على إمكانات بيئة التصنيع والورش الميدانية التي يتم فيها استخدام التقنيات الرقمية المتقدمة بهدف تحسين العمليات، وتجنب مشكلات التجميع وتقليل التكاليف، مسلطة الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه البيانات الضخمة وإمكانات الذكاء الاصطناعي والروبوتات في تعزيز الابتكارات المميّزة في قطاع صناعة الطيران.
مشاركة :