يبدو المشهد الانتخابي في دائرة الشوف – عاليه معقدا أكثر من أي دائرة أخرى، نظرا لتعدد السيناريوهات المطروحة، ما أدى لارتفاع حدة الاحتقان إلى أعلى مستوياتها وتمظهّر من خلال إشكالات في الشارع، مع تدخل الزعامات الدرزية لاحتوائه. ولعل فشل رؤساء الأحزاب الدروز بالانضواء في لائحة ائتلافية واحدة، وهي مبادرة كان يقودها رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط، عزز حالة الانقسام وأحرج بشكل خاص حلفاء القيادات الدرزية وأبرزهم حزب الله.وتتنافس في الدائرة المذكورة 6 لوائح، الأولى هي لائحة «المصالحة» شكلها جنبلاط بالتحالف مع تيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية»، الثانية شكلها الحزب «الديمقراطي اللبناني» الذي يرأسه الوزير طلال أرسلان و«التيار الوطني الحر» و«الحزب السوري القومي الاجتماعي» باسم «ضمانة الجبل»، الثالثة شكلها رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب، الرابعة حزب «الكتائب» ومستقلون، أما الخامسة والسادسة فلائحتان تمثلان المجتمع المدني.وقد فشل حزب الله طوال المرحلة الماضية رغم الجهود الكبيرة التي بذلها في جمع حليفيه أرسلان ووهاب على لائحة واحدة،، ما دفع الحزب إلى اتخاذ قرار بتقسيم أصوات ناخبيه ما بينهما، وهو ما أكدته مصادر مقربة من الحزب، كما مصادر درزية ناشطة على خط الانتخابات في دائرة الشوف – عاليه. وأشارت هذه المصادر إلى أن ما بين 3000 و3500 صوت شيعي سيصبون لمصلحة وهاب في الشوف، فيما سيصب نحو 4000 صوت لمصلحة لائحة أرسلان في عاليه، مع ترجيح أن تقسّم الأصوات التفضيلية ما بين أرسلان واللواء المتقاعد علي الحاج لعدم حاجة رئيس «الديمقراطي اللبناني» لكل أصوات كتلة حزب الله.من جهتها، أشارت مصادر في «الديمقراطي اللبناني» في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى تبلغهم رسالة من أمين عام حزب الله حسن نصر الله خلال أحد الاجتماعات ببلدة كيفون، تلاها مسؤول حزب الله في الجبل، مفادها دعوته للعمل للائحة «ضمانة الجبل» كما يتم العمل للوائح المقاومة: «وهو ما اعتبرناه أشبه بتكليف شرعي، وإن كان هناك نوع من الغموض في التعامل مع هذا الملف».ويبلغ عدد الأصوات الشيعية في دائرة الشوف - عاليه 8444 أو ما نسبته 2.6 في المائة من الناخبين، ويمتلك حزب الله الكتلة الناخبة الأكبر فيما يبلغ عدد ناخبي «أمل» نحو 1500. ورجحت المصادر أن يعطوا أصواتهم التفضيلية للائحة جنبلاط التي يرأسها نجله تيمور.ويتنافس المرشحون عن قضاءي الشوف وعاليه على 13 مقعدا نيابيا، 5 للموارنة، 4 للدروز، 2 للسنة، 1 للكاثوليك و1 للأرثوذكس. ويتوزع الناخبون وفق آخر تحديث أجرته وزارة الداخلية في مارس (آذار) 2017 ما بين 131929 ناخبا درزيا أو ما نسبته 40.55 في المائة من الناخبين، 87730 ناخبا مارونيا أو ما نسبته 26.96 في المائة من الناخبين، 60738 ناخبا سنيا أو ما نسبته 18.67 في المائة من الناخبين. إضافة إلى 16843 ناخب كاثوليكي أو ما نسبته 5.18 في المائة من الناخبين، 16709 ناخبين أرثوذكسيين، 8444 ناخبا شيعيا 1543 ناخبا إنجيليا.ويُرجح خبراء انتخابيون أن يكون الحاصل الانتخابي 12700 صوت، إذا ما قسنا نسبة الاقتراع عام 2009 والتي بلغت 50.63 في المائة على عدد الناخبين اليوم 325364 ناخبا.ويؤكد الخبراء أن قسما كبيرا من المقاعد الـ13 محسومة وبالتحديد لكل من أرسلان وتيمور جنبلاط وأكرم شهيب وهنري حلو وسيزار أبي خليل وجورج عدوان ومحمد الحجار وماريو عون.وقد سُجل في الآونة الأخيرة أكثر من إشكال بين مناصري الحزب «التقدمي الاشتراكي» وحزب «التوحيد العربي»، وبين «التقدمي» و«الديمقراطي اللبناني»، مع توجيه أرسلان، رسالة إلى جنبلاط قيل إنها «الأقوى في التاريخ»، اعتبر فيها أن رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» «مقتنع بأن قوته تأتي بالتزعم على مجتمع ضعيف يحتاجه في كل شيء، بصحته ولقمة عيشه، بالترغيب والترهيب». وبعد تدهور الأوضاع في الشارع الدرزي سارع الزعيمان لاحتواء الوضع قبل أيام من خلال اتصال هاتفي، أكدا خلاله على «التعاون المشترك لتهيئة المناخات الهادئة لخوض الاستحقاق الانتخابي بهدوء وبعيداً عما يمكن أن يشكل توتراً على الأرض وفي القرى والبلدات المختلفة، بمعزل عن الخلافات السياسية والتباين في وجهات النظر حيال عدد من القضايا والملفات».
مشاركة :