اسمه الثلاثي: جورج سجعان غرداق، الشاعر والكاتب والأديب اللبناني الذي عرفه الناس.. بقصيدة (هذه ليلتي) التي غنتها أم كلثوم، مع أن نجاة حسني (نجاة الصغيرة) قد شدت له قصيدة جميلة عنوانها (أنا لياليك يا حبيبي) التي منها: النيل في نغمتي، ودجلة وحلم بغداد وهي طفلة لعالم عمره ألف ليلة أنا لياليك.. يا حبيبي وهي في نظري، أكثر رقة وجمالاً وشاعرية من قصيدة (هذه ليلتي) وجورج غرداق هو أحد العباقرة العرب المعاصرين الذين أثروا المكتبة العربية بعدد من المؤلفات والموسوعات والدواوين والدراسات الأدبية والنقدية، وسنذكر ذلك لاحقاً.. ولد جورج غرداق عام 1933م بـ(مرجعيون) اللبنانية، وتوفي في الخامس من الشهر الحالي نوفمبر 2014م، إذ ْكان من المنتظر أن يحضر حفل تكريمه وفوزه بجائزة الإبداع الشعري لمؤسسة البابطين في مراكش. عرفتُه– أول ما عرفته– شاعرا لقصيدة (هذه ليلتي) التي سبق ذكرها، ثم أخذت الصحف العربية تنشر أخباره، ومقالاته وقصائده التي كشفت عن عمق فكره وأدبه بوقت مبكر، فكتب في عدد من الصحف والمجلات اللبنانية والمصرية والكويتية.. واتسم أدبه بالفلسفة العالمية وتأثُّره بالكاتب الألماني فاجنر، كما اتسم بالأسلوب الساخر الطريف في تناوله النقدي، وبخاصة حينما يكتب عن قضية اجتماعية أو فنية، وقد بدا ذلك بشكل واضح في مؤلفاته. ولعل أبرز موسوعة فكرية كتبها أديب مسيحي عن شخصية إسلامية، هي موسوعته الشهيرة: (الإمام علي صوت العدالة الإنسانية) من خمسة مجلدات، يتناول كل مجلد جانبا من شخصية الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، وهي: عليّ وحقوق الإنسان، وعليّ والقومية العربية، وعلي والثورة الفرنسية، وعليّ وعصره، وعليّ وسقراط.. ويتناول في هذه الموسوعة، التي كتب مقدمتها الشاعر والأديب ميخائيل نعيمة، الجانب الإنساني والفكري والسلوكي والبلاغي للإمام علي (رضي الله عنه)، ويقارنه بأسلوب عصري مع من وضعهم قبالته كسقراط، والثورة الفرنسية وغيرهما. وإكمالاً لهذه الشخصية فقد أصدر غرداق كتاباً آخر بعنوان (روائع نهج البلاغة)، اختارها من أقوال الإمام علي، وقدم لها بدراسة نقدية واسعة. ويطول الحديث عن هذه الموسوعة القيمة التي ألفها عام 1958م، ولكن السؤال: ما الذي يدفع مسيحيا أن يكتب (موسوعة) كاملة، لا مقالاً ولا كتاباً عن شخصية إسلامية؟ حسنا، نغادر هذا الجزء، ونأتي إلى المؤلفات الأخرى لأديبنا.. فأمامي الآن أربعة مؤلفات من روائعه النثرية الأدبية، التي وضع فيها عصارة فكره وتجاربه ومشاهداته بأسلوب ساخر حد العظم والكتب هي: نجوم الظـُّهْر.. مجموعة من المقالات والحوارات الطريفة والمفيدة. حديث الغواني.. مجموعة مقالات خصصها لبنات علب الليل، اللاتي يبتززن بعض الرجال من أجل الحصول على المال بأساليب عدة، وكذلك للراقصات والمغنّيات اللواتي يشوّهن الفن والغناء من خلال حضوره لبعض المناسبات. حديث الملاهي، وهو كتاب يشبه سابقه، ومن عناوين هذا الكتاب: الجرادة الحسناء، الهرب من الطرب، شركة جديدة لتفقيس المطربين، يعوون بالمقلوب، الطبّاخة متأثرة بالمتنبي.. إلخ. حديث الحمار.. وهو كتاب غارق في السخرية ومحاكاة الواقع السياسي العربي، وشخصية الإنسان المهزوم و(المعَـتـّر) أي الرجل البسيط الذي يعمل بيديه في أعمال دونية لكسب لقمة العيش، وغيرها من الموضوعات، كل ذلك بأسلوب ساخر على لسان الحمار، ولعل ذلك يذكّرنا بكتب ومسرحيات الأديب توفيق الحكيم عن الحمار. أما دواوينه الشعرية، فهي : أنا شرقية، وبوهيمية، وقصائد حب ،وعبور إلى الحسين، وأبدع الأغاني.. وغيرها، ولقد التقيته عام 2002 في الكويت. وختام المقال: هذه الأبيات من قصيدته: وجهي يسأل فجر الكون: ألم تكوني مُـشْـقََةَ الريح إذا هَبَّت، ووجه النسمة المخدِّرة ؟ وكل ألوان البساتين وكل الهمسات اللـَّـيِّــنات العَـطِــرة ألم تكوني موجة لاهية زرقاء.. مَدّتْ شعرها للقَمَرة ألم تكوني النيل، أو دجلة أو منابع الأنهار في عُمق الكُرَة ؟ شاعر وكاتب، عضو مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي، والمدير الإداري
مشاركة :