واجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، اتهامات بأن المعلومات التي كشفها على التليفزيون بشأن برنامج إيران النووي تفتقر إلى أدلة على أن إيران انتهكت الاتفاق النووي المبرم في 2015. وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أنها ستدرس أي معلومات جديدة ذات علاقة، لكنها أكدت أن تقيماتها خلال السنوات الثلاث الماضية تظهر بأنه لا يوجد “أي مؤشر له مصداقية” بأن إيران سعت إلى امتلاك سلاح نووي بعد 2009. وقدم نتنياهو عرضا مفصلا مباشرة على الهواء ليل الإثنين قبل القرار الحاسم الذي سيتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحلول 12 مايو/أيار حول ما إذا كانت بلاده ستنسحب من الاتفاق النووي المبرم بين طهران والقوى العظمى. وقال نتنياهو، إن عشرات آلاف الوثائق تم الحصول عليها “قبل بضعة أسابيع في عملية ناجحة بشكل مذهل في مجال الاستخبارات”. وهذه الوثائق، سواء الورقية منها أو ضمن قرص مدمج، تشكل “دليلا جديدا قاطعا على برنامج الأسلحة النووية الذي تخفيه إيران منذ سنوات عن أنظار المجتمع الدولي في محفوظاتها النووية السرية”، حسب قوله. وتظهر هذه الوثائق، أنه رغم تأكيدات القادة الإيرانيين أنهم لم يسعوا أبدا إلى الحصول على أسلحة نووية، فإن “إيران كذبت”، حسب قول نتانياهو. غير أن هذا العرض، الذي اشتمل على أدوات مساعدة وتسجيل فيديو وشرائح أدى إلى اتهامات فورية من البعض بأن البيت الأبيض ونتنياهو نسقا هذه الخطوة مع استعداد ترامب لاتخاذ قراره. وقال بعض المحللين وعدد من مؤيدي الاتفاق النووي أن نتنياهو قدم تفاصيل معروفة سابقا وأخفق في تقديم أدلة تظهر أن إيران لا تلتزم بالاتفاق. واعتبرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موجيريني أن تصريحات نتانياهو لا تدفع إلى التشكيك باحترام طهران للاتفاق النووي الإيراني المُوقع عام 2015. وقالت “ما رأيته في التقارير الأولية أن رئيس الوزراء نتنياهو لم يشكك باحترام ايران التزامات الاتفاق النووي” الذي وقعته مع الدول العظمى (الصين، الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا اضافة إلى ألمانيا). وتابعت “لم أر حججا لرئيس الوزراء نتانياهو حتى الآن عن وجود عدم احترام، ما يعني انتهاك إيران التزاماتها النووية”. وأشارت موجيريني إلى أن الاتفاق النووي “ليس مبينا على فرضيات نوايا حسنة أو ثقة”، إنما “هو مبني على التزامات ملموسة وآليات تحقق صارمة للوقائع، تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، التي تشير تقاريرها إلى أن “إيران احترمت تماما التزاماتها”. كما اعتبر وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، الثلاثاء، أن تصريحات نتانياهو تؤكد “أهمية الحفاظ على الاتفاق النووي”. وكتب جونسون، على تويتر، أن “خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي حول ما قامت به إيران في الماضي من أبحاث حول الأسلحة النووية يظهر سبب حاجتنا إلى الاتفاق حول النووي الإيراني، إن الاتفاق مع إيران لا يستند إلى الثقة، بل إلى عمليات تحقق”. وإذ شدد على “أهمية الحفاظ على القيود” التي تضمنها الاتفاق، أكد في بيان أن “هذه التدابير على صعيد عمليات التحقق تجعل قيام إيران مجددا بعمليات أبحاث مماثلة، عملية أكثر صعوبة”. كما رأت فرنسا أن اتهامات نتنياهو تؤكد على أهمية الاتفاق النووي. وأفادت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان، “أن أهمية هذا الاتفاق تتعزز بالعناصر التي قدمتها إسرائيل: أن كل النشاطات المرتبطة بتطوير سلاح نووي يحظرها الاتفاق بشكل دائم، أن نظام التفتيش الذي وضعته الوكالة الدولية للطاقة الذرية بناءًا على هذا الاتفاق هو الأكثر شمولا وصرامة في تاريخ اتفاقات عدم انتشار الأسلحة النووية”. وتابع البيان أن “المعلومات الجديدة التي قدمتها إسرائيل يمكن أيضا أن تؤكد ضرورة الضمانات الطويلة الأمد حول البرنامج الإيراني التي سبق أن اقترحها رئيس الجمهورية”. “مدمن على الكذب” من جهتها، اعتبرت إيران أن اتهامات نتنياهو صنيعة “شخص مدمن على الكذب ويفتقر إلى الأفكار”. وصرح وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، عقب تصريحات نتانياهو بأن نتنياهو كاذب. إلا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بيومبيو رحبا بتصريحات نتنياهو . وتسبب البيت الأبيض ببعض الارتباك بتصريحاته بشأن المعلومات التي كشف عنها نتنياهو، فقد قال في البداية إنها تظهر أن إيران “لديها” برنامج أسلحة نووية سري، إلا أنه غير رأيه لاحقا، وقال إن إيران “كان لديها” ذلك البرنامج. وجاء في بيان البيت الأبيض، أن “هذه الحقائق تتناسب مع ما تعرفه الولايات المتحدة منذ فترة طويلة، وهو أن إيران كانت تمتلك برنامج أسلحة نووية سري وقوي، وأنها حاولت وفشلت في إخفائه عن العالم وعن شعبها”. وأضاف أن “النظام الإيراني أظهر أنه سيستخدم أسلحة مدمرة ضد جيرانه وغيرهم. وعلى إيران أن لا تمتلك مطلقا أسلحة نووية”. نصف طن قال نتنياهو في أثناء العرض الذي قدمه ليلة الإثنين باللغة الإنجليزية أمام مكتبة مليئة بالملفات، التي قال إنها تحتوي على نسخ من وثائق رسمية وأقراص مدمجة أن الملفات التي تم الحصول عليها تزن نصف طن. وأضاف أن هذه الوثائق المخزنة في ملفات وعلى أقراص مدمجة عرضت من حوله خلال مؤتمره الصحافي، نقلت عام 2017 إلى موقع سري ومترهل على ما يبدو في طهران. وأكد نتنياهو، أن المواد التي حصلت عليها إسرائيل “تشير بكل وضوح إلى العمليات التي بادرت إليها إيران بغية امتلاك الأسلحة النووية” مؤكدا أنها “تثبت أن إيران كذّبت على العالم بشكل سافر كي تصادق الدول العظمى على الاتفاقية النووية معها”. وقال مستعينا بوثائق وخرائط نشرت على شاشة أن بوسع إسرائيل أن “تثبت أن إيران تخزن سريا مواد من مشروع آماد لاستخدامها في الوقت الذي تختاره وتطوير أسلحة نووية”. والأسبوع الماضي، وصف بومبيو هذه المعلومات بأنها حقيقية، وأن الكثير منها جديد. إلا أن آخرين قالوا، ان هذه المعلومات لم تظهر أن الاتفاق النووي “فظيع”، كما وصفه نتانياهو، بينما قال البعض، إن ما قدمه نتنياهو يدعم حجة مؤيدي الاتفاق. وصرح دان شابيرو، سفير الولايات المتحدة إلى إسرائيل تحت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، في تغريدة على تويتر، بأن “هذه المعلومات الواردة في الوثائق التي كشف عنها نتنياهو ليست جديدة”. إلا أنه أضاف أن ما قدمه نتنياهو سيكون “مفيدا لترامب عندما يعلن أنه سيخرج من الاتفاق بحلول 12 مايو/أيار، وأعتقد أنه اتخذ ذلك القرار بالفعل، وهذا العرض (الذي قدمه نتانياهو) تم بالتنسيق مع فريقه وسيستشهد به كدليل لتبرير القرار”.
مشاركة :