تركت سارة بيري، الكاتبة البريطانية، وظائف عدة كانت تعمل بها من أجل التفرغ للكتابة. عملت ككاتبة فى الإعلانات التجارية، كما عملت بأحد المكاتب القانونية كسكرتيرة، وكاتبة صحفية لدى إحدى المجلات، كانت «بيرى» تتنقل بين هذه الوظائف فور تخرجها فى الجامعة، وبعد قضاء فترة الخدمة المدنية (عمل إجبارى فى الدول الأجنبية يقوم به الأفراد عقب انتهاء دراستهم الجامعية) من أجل توفير الأموال لكى تضمن لنفسها حياة مستقرة ماديًا تمكنها من التفرغ للحلم الأكبر وهو أن تصبح كاتبة. نشرت «بيرى» كتابها الأول وهى فى عمر 34 عامًا، بعد أن حصلت على درجة الماجستير والدكتوراه فى الكتابة الإبداعية، وتقول «بيرى» خلال حوار أجرته معها صحيفة «الجارديان»، إنها تدرك جيدًا أن الكتابة الإبداعية لا يمكنها أن تؤمن حياة كريمة لأى كتاب فى أى دولة فى العالم، ولذا فالتاريخ حافل بقصص عمل كبار الكتاب ولا سيما العظماء منهم، فى وظائف ثابتة منهم فليب لاركن الذى كان يعمل أمينًا فى إحدى المكتبات، وإس إليوت الذى عمل موظفًا فى أحد البنوك. وتضيف أن الكاتب يظل يعمل ليلًا ونهارًا من أجل قارئ ربما لا يبالي، لا يدرك أن الكتابة عملية صعبة ومعقدة، ويزداد إهماله للقراءة خاصة عندما يمر مجتمع ما بأزمة اقتصادية، ومن هنا يضاف إلى معاناة الكتاب والمثقفين عبئًا آخر، حتى تحدث المعجزة وهى حصول أحد الكتاب على جائزة ما ومن هنا يبدأ الكاتب حياة جديدة تختلف عما قبلها كليًا. تشبه «بيرى» حصول كاتب على الجائزة بالحديث عبر مكبر الصوت، فيمكن للكثير أن يسمعوا عنك، وهو شعور اختبرته عندما حصلت على جائزة «إيست إنجلين» عام 2014، عن رواية «أنا ومن بعدى الطوفان». وتقول «بيرى» إن الجوائز الأدبية تعطى الكاتب إحساسًا بالشرعية؛ حيث يبدى مجموعة من الكتاب والنقاد لهم باع طويل فى مجال الأدب والثقافة إعجابا بأعمالك، بما يعنى أنهم يقولون لك «اكتب أكثر»، وعلى المستوى المادى يتمكن الكاتب من خلال القيمة المادية للجائزة ببعض الهدايا مثل تغيير هاتفك المحمول أو الكمبيوتر الخاص بك، تشترى الجوائز أيضًا الحرية للكاتب فى أن يكتب ويقول ما يراه يتوافق مع تفكيره وضميره فقط. أصدرت «بيرى» البالغة من العمر 39 عاما، ست روايات، حقق بعضها مبيعات عالية، وجاءت على قوائم البيست سيلر، كما اختيرت عضو لجنة تحكيم فى عدد من الجوائز الأدبية فى بريطانيا، ومن أبرز رواياتها «أنا ومن بعدى الطوفان، وأفعى إيسكس، وثمانية أشباح». وحسب «بيرى» فإن الجوائز يقع عليها دور مهم فى تصحيح ما تصفه بالانحراف فى ثقافة النشر؛ حيث يفرض على الكتاب نوعًا معينًا من الكتابة بدواعى مراعاة العادات والتقاليد وحرية الآخر، وهو نوع من الرقابة يعانيه كثيرون حول العالم حتى أصبح الكاتب يقوم بهذه الرقابة ذاتيًا.
مشاركة :