يوسف أبو لوز السبعينات مرة ثانية.. الكتابة والسينما والمسرح، وأوائل دخول الألوان إلى الشاشة الصغيرة.في فيلم واحد من سينما سبعينات ذلك الزمن الثقافي يلتقي في «طائر الليل الحزين» محمود مرسي ببدلته الكلاسيكية وغضبه المضبوط بالهدوء مع عادل أدهم.. الكاريزمي العصابي المتنفذ وصاحب سلطة المال وسلطة السياسة، لكن كل ذلك لا ينفع عندما ينتصر القانون، وينتصر الحب أيضاً: محمود عبدالعزيز في شبابه السبعيني. المغني الوسيم الهارب من السجن لكي يبحث عن دليل قانوني لبراءته من جريمة ملفقة، وخلال هذا الألم ينمو حب صغير.. نيللي، الشابة الهادئة، والتي سوف تدفع ثمناً قاسياً من أجل هذا الحب.السبعينات، مرة ثالثة، محمود السعدني، مريم فخر الدين، توفيق الدقن، محمود المليجي، عبدالحليم حافظ، وشم النسيم في القاهرة.. نسيم النيل الذي يعبر أكثر من خمسة بلدان، لكي يتنفس في مصر.كانت سبعينات القرن العشرين أعوام أمل وتفاؤل ومسرات كان يلتقطها الشعراء ويحولونها إلى قصائد من الزهر والحرير.خرج العرب من حرب ١٩٦٧ مثل طائر الليل الحزين، كان لا بد من معرفة القاتل حتى من دون معرفة الضحية. كان لا بد من الضحك والنسيان. عادل إمام يقف في مدرسة المشاغبين حوالي ثلاث ساعات. خرجنا من الحرب ظهراً وفي المساء كنا نضحك.الفلسطيني هو الآخر اقترح شيئاً للمناسبة.. الضحك والبكاء والنسيان، ترك محمود درويش منبر القصيدة الخطابية، وذهب إلى شعر يشبه في غنائيته طيور الليل الحزينة. يكتب غسان كنفاني بأصابعه العشرة كي يعود إلى البرتقال الحزين على عشرين إصبعاً.. مشياً، أو حبواً، أو سباحة، أو حلماً لا يهم.. المهم الوصول إلى حيفا، وإن طالت الرحلة، ثم كما في الأسطورة العوليسية «الطريق إلى البيت أجمل من الوصول إلى البيت».طائر الليل الحزين اسم فيلم من صناعة أجمل عرّابي السينما في مصر: يحيى العلمي، ووحيد حامد، لكنه اسم مرحلة سياسية ثقافية فنية.. واحد من أسماء السبعينات، والسبعينات هي قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر. ناجي العلي الذي كان يلتقط دموع عين الحلوة ويحولها إلى خرز أزرق.. محمد مهدي الجواهري وعلى رأسه إشارة المتنبي، بيروت وحقائب الشعراء وشارع الفاكهاني.. وبعد ذلك، صبرا تقاطع شارعين على جسد... السبعينات: بنطلون الشارلستون.. السوالف الطويلة، والشعر الطويل، ياسر عرفات، وهيئة الأمم المتحدة التي نما فيها للمرة الأولى غصن الزيتون، وأصغى فيها العالم للبلاغة الفلسطينية من دون أخطاء في النصب.. والجر.. والرفع.زمن بيننا وبينه ٤٨ عاماً.. أقل أو أكثر ليس مهماً، لكن الرقم هذا ٤٨.. كم من اسم له.. وكم من معنى. yabolouz@gmail.com
مشاركة :