فرنسا: من هي حركة بلاك بلوك المتهمة بأعمال الشغب في مسيرات عيد العمال؟

  • 5/2/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

شهدت باريس الثلاثاء مواجهات عنيفة بين قوات الأمن وأشخاص ملثمين تسللوا بين المتظاهرين الذين خرجوا في مسيرة بمناسبة عيد العمال. وكانت الشرطة الفرنسية قد حذرت الاثنين من اشتباكات متوقعة مع مجموعات يسارية متطرفة تعرف بحركة "بلاك بلوك" وجهت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لجعل المناسبة "يوما ثوريا". تخللت مسيرات عيد العمال الثلاثاء في العاصمة الفرنسية ومدن أخرى، التي شارك فيها بحسب النقابات 55 ألف شخص في باريس و210 آلاف في أنحاء البلاد و143 ألفا بحسب الداخلية، أعمال عنف وتخريب اتهمت "بلاك بلوك" بالوقوف خلفها. فمن هي هذه الحركة وما أهدافها؟ تصنف "بلاك بلوك" على أنها حركة يسارية متطرفة، ظهرت في ألمانيا في ثمانينيات القرن الماضي وتحديدا سنة 1980، لتنتشر بعدها في أنحاء أوروبا. كان لها تواجد حتى خلال المظاهرات المناهضة للرئيس المصري محمد مرسي في كانون الثاني/يناير 2013. ما هي مطالب "بلاك بلوك"؟ صرح متحدث باسم وزارة الداخلية الفرنسية لوسائل إعلام محلية الأربعاء، أن "هؤلاء المتطرفين اليساريين (بلاك بلوك) موجودون في قلب كل المعارك العنيفة المناهضة للعولمة"، مشيرا إلى استخدامهم "باروكات (شعر مستعار)، لثاما، بنادق بحرية، زجاجات حارقة، مطارق البناء، أقنعة الغاز"، ومتهما إياهم بكونهم "أشخاصا حاقدين على قوات حفظ النظام" وأنهم "أشخاص مصممون على بلوغ أهدافهم وهم ينتظمون عادة في نواة مكونة من 450 إلى 500 شخص". ويضيف نفس المتحدث أنهم "معادون لأجهزة الدولة، يعارضون القوانين الجنائية ونظام السجون، يمقتون الرأسمالية والعولمة، يتنقلون باستمرار، وهم محترفون في تغيير منظرهم وملابسهم خلال الاحتجاجات". من جهتها، أشارت صحيفة "لوبارزيان" الفرنسية إلى أن عددا من عناصر "بلاك بلوك" قدموا من خارج فرنسا للمشاركة في مسيرات الأول من أيار/مايو الثلاثاء، بحسب مصادر أمنية لم تقدم معلومات تفصيلية. وكان رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس قد قال في 2014، إن "العنف الذي يمارسه أقصى اليسار وهؤلاء البلاك بلوك، وهم ينحدرون من بلادنا ومن دول أجنبية، هو أمر غير مقبول". مداخلة موفد فرانس24 إلى باريس وتجمع عناصر "بلاك بلوك" الثلاثاء، حول لافتات كتب عليها شعارات مختلفة أبرزها "ماكرون يضعنا في غضب أسود" و"الكل يكره الشرطة" و"باريس، قومي، انهضي". فيما صرح أحدهم (19 عاما) لوكالة الأنباء الفرنسية "لقد سئمنا من هذا النظام الرأسمالي الذي يدمر كل شيء، ومن القمع الوحشي للشرطة تجاه المعارضين. نريد تغييرا جذريا، أن تُسمع كلمة المجتمع، نريد البيئة، نرفض العولمة". فيما قال آخر "نحن هنا لأن الوضع مروع. الاحتجاجات كانت عارمة في الجامعات ومحطات القطارات، لكن دون جدوى". مجموعة صعبة الاختراق! وقد نقلت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تصريحا لمسؤول في الشرطة الفرنسية ربط أعمال الشغب الأخيرة بأحداث عنف سابقة في منطقة نوتردام دي لاند قرب نانت (غرب) متهما "بلاك بلوك" بالتورط فيها و"استلهام تكتيكاتها من الحركة الأصلية التي ظهرت في ألمانيا". كما أشارت الصحيفة حسب نفس المصدر إلى ضلوع عناصر "بلاك بلوك" في أعمال شغب اندلعت خلال انعقاد مؤتمر المنظمة العالمية للتجارة في سياتل الأمريكية (غرب) سنة 1999. واصفة إياهم بـ"الفوضويين الذين يرتدون غالبا القناع الأبيض الشهير لفيلم "في فور فينديتا" ويتسللون إلى المسيرات المناهضة للعولمة، حيث يستفيدون من تضامن المحتجين الذين لا يخفون إعجابهم بهم بقدر ما يتخوفون منهم". ولم تتمكن السلطات الأمنية الفرنسية لحد الآن، من تحديد عدد أعضاء هذه المجموعة لصعوبة اختراقها وعدم وجود أي تراتبية قيادية لها، إذ تتحرك تبعا للأحداث، وبشكل عفوي. الحساب الرسمي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على تويتر Je condamne avec une absolue fermeté les violences qui ont eu lieu aujourd’hui et qui ont dévoyé les cortèges du 1er mai. Tout sera fait pour que leurs auteurs soient identifiés et tenus responsables de leurs actes.  Emmanuel Macron (@EmmanuelMacron) 1 mai 2018 إستراتيجيات للتملص من المراقبة الأمنية! كل هذه الصفات عززها اليوم استعمال مواقع التواصل الاجتماعي وتكنولوجيات تتيحها شبكة الإنترنت وتسمح لهم بإخفاء هوياتهم الحقيقية. فحسب مصدر من الإدارة العامة للأمن الداخلي "دي جي إس أو" التابعة لوزارة الداخلية فإن "العناصر الأكثر حذرا منهم (بلاك بلوك) يتواصلون فيما بينهم بطريقة مشفرة بمساعدة خبراء في الإعلام الآلي يعملون على منع تعقب عناوين آي بي (المعرف الرقمي للأجهزة المرتبطة بالإنترنت) الخاصة بهم". إذ إنهم يتحركون باحتراف على الشبكة ويتبادلون تعليمات خاصة حول طريقة التصرف في حال تم توقيفهم أوالتحقيق معهم. في 2009، قاموا بتنقيح إستراتيجيتهم بناء على تعليمات مكتوبة في دليل موجه إلى "الناشطين" جاء فيه أيضا "خذ معك وشاحا أو غطاء للوجه، لا تستعمل هاتفا محمولا مليئا بجهات الاتصال الخاصة بك (...) لا تنس أبدا أن هناك العديد من عناصر الشرطة المتخفين في الزي المدني. لا تتحدث عن أنشطتك في الشارع وتجنب نطق الأسماء. دون رقم الهاتف الخاص بالمحامي على يدك، قم بتصوير إصاباتك، واحتفظ بملابسك الملطخة بالدم، وإن كنت في تلك الظروف، تجنب تقديم أي شهادة للطبيب أو خلال تواجدك في قسم الطوارئ". وعموما، تمثل تجمعات اليسار المتطرف، كابوسا متكررا بالنسبة للاحتياطات المتخذة استعدادا للاحتجاجات والمظاهرات، وهو ما يطالب به عمدات المدن الفرنسية، وخصوصا إزاء إمكانية خروجها عن السيطرة، إذ إنه وعقب كل أحداث شغب، تُتهم الشرطة بالتقليل من أهمية التعبئة في صفوف المتظاهرين. أعمال شغب خلال مسيرة عيد العمال في باريس 🔴Le restaurant McDonald’s Gare Austerlitz entièrement détruit par plusieurs personnes cagoulés. Des clients et des employés étaient à l’intérieur. Début d’incendie maîtrisé. Les pompiers sont sur places.#1ermai#manif1ermai#manifpic.twitter.com/zHO9vwhtoE  Charles Baudry (@CharlesBaudry) 1 mai 2018 وقد تعرضت واجهات العديد من المحال وأيضا السيارات الثلاثاء، للتخريب والحرق خلال أعمال الشغب، كما تم رشق قوات حفظ النظام بالزجاجات الحارقة.   أمين زرواطي نشرت في : 02/05/2018

مشاركة :