كثف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعواته لإعادة التفاوض حول الاتفاق النووي مع إيران، بالتزامن مع تصاعد التوتر حول قدرات طهران التسليحية، مؤكداً وجوب توسيع الاتفاق وتشديده ليتضمن ثلاث نقاط رئيسة تشمل النشاط النووي الإيراني بعد انتهاء الاتفاق الحالي في 2025، وتحسينات في مراقبة النشاط النووي الإيراني الداخلي، وتحسين احتواء النشاط الإيراني في الشرق الأوسط. وأكد الرئيس الفرنسي التزامه بالاتفاق النووي الإيراني، مؤكداً أن لا أحد يريد تصعيداً للتوتر في المنطقة مع إقراره في الوقت نفسه بوجوب تشديد هذا الاتفاق. وقال ماكرون خلال زيارة تستمر يومين إلى سيدني: «لا أعرف ما هو القرار الذي سيتخذه الرئيس الأميركي في 12 مايو». وأضاف في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الأسترالي مالكوم ترنبول: «أريد أن أقول إنه مهما كان القرار، علينا التحضير لمثل تلك المفاوضات الموسعة والاتفاق الأوسع، لأنني أعتقد أن لا أحد يريد حرباً في المنطقة، ولا أحد يريد تصعيداً في التوتر في المنطقة». وأوضح أنه روّج لفكرة إبرام اتفاق موسع مع إيران خلال لقائه بترامب، مشيراً إلى أن الفكرة استقبلت بشكل «إيجابي للغاية». ويهدد الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق المبرم في 2015 بين طهران والدول الست الكبرى، على أن يعلن قراره بشأن مستقبل هذا الاتفاق في 12 مايو. وكان الرئيس الأميركي انتقد الاتفاق النووي الإيراني ووصفه «بالمشين» و«السخيف»، داعياً إلى اتخاذ تدابير جديدة بحق إيران على خلفية برنامجها للصواريخ البالستية ودعمها مجموعات مسلحة في الشرق الأوسط. ويدفع ماكرون الذي أقر في سيدني بأن الاتفاق «غير كافٍ»، لإجراء محادثات دولية جديدة سعياً لاتفاق أوسع. وقال ماكرون إنه يتعين إضافة ثلاث «دعامات» إلى الاتفاق. وأوضح أن الدعامة «الأولى تتعلق بالأنشطة النووية بعد 2025، والثانية ليكون لنا سيطرة ومراقبة أفضل لأنشطة النظام الإيراني البالستية». وتابع: «والثالثة من أجل احتواء الانشطة الايرانية في المنطقة، خصوصاً في العراق وسورية ولبنان واليمن». وأتاح الاتفاق النووي رفع قسم من العقوبات المفروضة على إيران مقابل ضمان الطبيعة المدنية لبرنامجها النووي، ولاسيما من خلال فرض قيود على عمليات التخصيب التي يمكن أن ينتج عنها وقود يستخدم في الأسلحة. وأول من أمس، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن لديه «أدلة» جديدة على وجود خطة سرية يمكن لإيران تفعيلها في أي وقت لامتلاك القنبلة الذرية. ولم يعلق ماكرون على التصريحات الإسرائيلية، مكتفياً بالتأكيد على أن فرنسا «حريصة جداً على استقرار المنطقة». وقال «لذا نريد العمل على هذا التفاوض الجديد بالتنسيق مع ألمانيا والمملكة المتحدة». وأضاف: «سنعمل بشكل فاعل لإقناع الجميع بأن تكون لدينا في الايام والأسابيع والأشهر المقبلة مثل تلك المفاوضات التي هي الطريق الوحيد للمضي قدماً، وتحقيق الاستقرار في المنطقة». وفي برلين، أكدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، أمس، أنه ينبغي عدم إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، لكنها طالبت بتوسيع إطار عمل المفاوضات المرتبط به. وقالت إنه ينبغي مناقشة برنامج إيران الصاروخي ونفوذها السياسي في سورية، مشيرة إلى أن هذا موقف الكثير من أعضاء الاتحاد الأوروبي. وأضافت: «سنواصل دفوعنا وبالتحديد الحفاظ على الاتفاق النووي، علاوة على توسيع إطار العمل التفاوضي». وقالت إن من المهم أن تسارع إسرائيل بإحالة ما لديها من معلومات عن إيران إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ودعت ألمانيا إلى ضرورة أن تنظر الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأقصى سرعة في اتهامات إسرائيل لإيران بالاستمرار سراً في خططها النووية. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت، أمس، بالعاصمة الألمانية برلين، إنه يتعين على الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاهتمام «على الفور» بالمعلومات الإسرائيلية من أجل تقييمها «بأقصى سرعة». يذكر أن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس دعا من قبل للأمر نفسه. وشدد ماس في تصريح لصحيفة «بيلد» الألمانية أمس، على ضرورة أن تطلع الوكالة بأسرع وقت ممكن على المعلومات التي تعتمد إسرائيل عليها في اتهاماتها ضد إيران، وأن تعرف إذا ما كانت هذه المعلومات تتضمن فعلاً دلائل على انتهاك إيران للاتفاق النووي أم لا. وأضاف: «لأننا لا يمكن أن نسمح بلجوء إيران للأسلحة النووية، فلابد من تدخل آليات الرقابة التي تتيحها اتفاقية فيينا، ولابد من الإبقاء على هذه الآليات». من جهتها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز للصحافيين، إن الإعلان الإسرائيلي قدم أدلة على أن اتفاق إيران النووي أبرم «بناء على ادعاءات كاذبة». وأضافت: «كان الرئيس واضحاً للغاية في أنه يعتقد أن الاتفاق من بين أسوأ الاتفاقات التي شاهدناها على الإطلاق، وسوف نبلغكم عندما يتخذ قراراً نهائياً». وقال وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري في سلسلة تغريدات على «تويتر»، أمس، إن المعلومات التي كشفتها إسرائيل دليل على ضرورة الحفاظ على الاتفاق. وأضاف كيري الذي تفاوض على الاتفاق «لم تكن هناك مفاوضات، وكل ذلك تغير (بالاتفاق). انسف هذا الاتفاق وستعود غداً إلى حيثما كنت!».
مشاركة :