رأى محللون سياسيون أن الخطوة المغربية بقطع العلاقات مع إيران تؤكد صواب الرؤية السعودية في أهمية تطويق الخطر الإيراني واحتواء آثاره على المنطقة، واعتبروا في تصريحات لـ«الحياة»، إقدام المغرب على قطع علاقاته مع نظام طهران «خطوة في الاتجاه الصحيح»، لافتين إلى أن السعودية نبهت منذُ سنين من «عقيدة ايران» في تصدير ثورتها التي يعتمد عليها حكامها في تعزيز سلطتهم وبسط مشروعهم الإمبراطوري. وقال المحلل السياسي سليمان العقيلي إن الخطوة المغربية بقطع العلاقات مع إيران أكدت صواب الرؤية السعودية في أهمية تطويق خطر طهران واحتواء آثاره على المنطقة. وأضاف: «على رغم أن وزير خارجية المغرب أكد أن الإجراء الذي اتخذته بلاده نابع من المصالح والامن القومي المغربي الذي هددته النشاطات التخريبية الإيرانية، إلا أن هذا البعد ليس منفصلاً عن الصراع الإيراني في الشرق الأوسط، لأن تدخل طهران في شؤون الدول العربية هو السبب الرئيس لتدهور العلاقات العربية - الإيرانية». وذكر العقيلي أن السعودية تنبهت مبكراً لعقيدة تصدير الثورة الذي تعتمد عليها طهران في تعزيز سلطتهم وبسط مشروعهم الإمبراطوري، وواجهت منذ الثمانينات التدخلات الإيرانية المستترة في شؤون الحج والأمن القومي السعودي، ومحاولاتها إنشاء منظمات وأحزاب متطرفة وإرهابية داخل النسيج الاجتماعي. وأبدى أسفه الشديد لأن «بعض الدول العربية لم تنتبه إلى النشاطات الهدامة الإيرانية إلا متأخراً، وبعدما انشب حكام إيران أضفارهم في المجتمع العربي بالنشاط التبشيري الصفوي الذي يستهدف التاريخ والعقيدة الإسلامية السمحاء»، لافتاً إلى أن الجزائر «أصبحت اليوم قاعدة في شمال أفريقيا للتبشير بالثقافة الإيرانية ومعبراً للاستعمار الإيراني والتدخلات في شؤون الدول العربية المغاربية». وأضاف: «رأينا كيف حول الإيرانيون الدول العربية المتقدمة، مثل العراق وسورية إلى خراب، بسبب تدخلاتهم السياسية وإنشائهم الميليشيات أو دعمهم المنظمات الإرهابية التي تغطي على مخططاتهم التوسعية، وكيف الطبيعة الليبرالية المنفتحة للنظام اللبناني، إذ غدت بيروت عاصمة إعلامية للتبشير في الاستراتيجية الإيرانية التدخلية. وقبل ذلك وبعده؛ رأينا كيف سقطت الدولة اليمنية بكاملها وحلت المجاعة والأمراض والحروب بين اليمنيين، بسبب مؤامرات إيران وتدخلها في شؤون هذا البلد». وأوضح العقيلي أنه لولا سياسة التضامن الخليجية لضربت الفوضى الإيرانية دول خليجية عدة، وتبين من خلال الأحداث مدى التغلغل الفارسي فيها، والذي وصل إلى تهريب الأسلحة والمتفجرات من أجل الإخلال في أمن هذه الدول. وقال: «إن سياسة المهادنة وشراء الوقت الذي مارسته بعض الدول انتكس أو يكاد على أمنها الداخلي، وإن خيارات غير الحزم والمواجهة غير كفيلة بتأمين الأمن القومي العربي». ورأى أن المطلوب «استراتيجية مواجهة عربية ضد العدوان الإيراني الذي يستخدم القضية الفلسطينية المقدسة غطاءً لانتشاره وتوسعه الإمبريالي»، مؤملاً ألا تتوقف هذه الاستراتيجية على العمل الحكومي ذي الطبيعة السياسية والأمنية فحسب، «بل تتوسع نحو تحالفات وروابط ثقافية وشعبية تحصن الأمة ضد الاختراقات الأجنبية والفارسية تحديداً، من خلال منظومة استراتيجية تبدأ في الأمن المجتمعي مروراً في الثقافة والإعلام والفكر وصولاً إلى استراتيجية سياسية أمنية عسكرية». من جانبه، اعتبر المحلل السياسي العراقي رعد هاشم، إقدام المغرب على قطع علاقاته مع نظام طهران «خطوة في الاتجاه الصحيح بعدما تكشّفت لها حقيقة الدور الإيراني القذر في قضية داخلية تخص المغرب، من خلال دفع عناصر حزب الله المصنف إرهابيا للقيام بتدريب متمردي البوليساريو، في محاولة خبيثة لإشعال فتنة وإثارة الاضطرابات في هذا البلد الآمن، وهي التي اعتادت على التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية والإسلامية، والعبث في أمنها وسلامة مواطنيها». وأشار هاشم إلى أمثله «حيّة» على نتاجها «المشوه» بالتدخلات «السافرة» كما هو الحال في العراق ولبنان واليمن، «انطلاقا من منهج نظام الإيراني العدواني والتوسعي في إذكاء النعرات التقسيمية والانفصالية، واستكمالا لمشروع تصدير الثورة سيء الصيت الذي رفعته ونادت به الثورة المشبوهة في العام 1979». وقال هاشم: «إن تحذير السعودية ممثلة في ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتنبيه الدول الكبرى التي زارها أخيراً، إلى خطورة الدور الإيراني القذر، جاء ليشكل علامة فارقة من ناحية تعاطي المجتمع الدولي مع هذا النظام المارق والمنفلت، ومكّن المنظومة الدولية من وضع سياسات جادة لوضع نظام الملالي المشاغب عند حدّه وإجباره على التقيّد في ثوابت والتزامات والكف عن المنهج الأخرق وسلوكه الشاذ والبعيد عن سياقات الالتزام في المنهج المتوازن بالتعامل مع قضايا المنطقة وأمنها القومي». ودعا جميع الدول العربية ودول الإقليم إلى أن تتعاون مع بعضها «لاستكمال حلقة عزل إيران ولجم أطماعها، والتعاون مع الدول الكبرى لإيقاف سياسة التمادي والتوسع تحت واجهات عقائدية بالية لا تتناسب ومفردات العصر والتحضر والتقدم، والعمل على تركيع إرادة العدوان التي يمثلها نظامها التوسعي الاستبدادي إلى غير رجعة، كي يعاد لإيران وشعبها الدور الإيجابي الذي يجب أن تكون عليه في المنطقة». من جهته، أكد المحلل السياسي الكويتي عبداللطيف راضي أن القرار الذي اتخذه المغرب في موقفه الحاسم تجاه التدخلات الإيرانية «يعكس حال واقعية يجب أن تكون نموذجاً ورسالهً عربية وإسلامية تجاه التدخلات الإيرانية السافرة، التي لطالما وجدت لها بؤراً حاضنة في بعض الدول، من دون رادع، ويؤكد أن قراءة الديبلوماسية في السعودية لواقع التدخلات الإيرانية كانت صائبة في ما سبق أن تم التحذير منه وما سبق ان كشفه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، من كون طهران محور الشر والخطر والإرهاب في أكثر من دولة عربية وإسلاميه بما يستوجب من العالم العربي والإسلامي أن يتخذ موقفاً صارماً تجاه الأعمال الإيرانية والتدخلات في الشؤون الداخلية للدول، وعلاقة البلدان في ما بينها، ومن الممارسات الإرهابية التي ترتكب باسم الإسلام من الأحزاب الإيرانية التي خلقت صورة مسيئة للعالم الإسلامي في العالم».
مشاركة :