على الرغم من أن بنيامين ناتنياهو رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي ووزير الجيش لديهم افيغدور ليبرمان لم يملكا الخلفية العسكرية الكافية في تاريخهما الخاص، فهما ليس من جنرالات الجيش بل إن أغلب ما يتصفا به هو ذلك الكم من الادعاءات والجرائم الجنائية التي تطاردهما داخل كيان الاحتلال، ولكن على ما يبدو أنه قد استهوتهما سياسة إشعال الحرائق في العديد من مناطق ودول الشرق الأوسط، وربما علينا أن نتوقع قيامهما بالمزيد من هذه السياسة بعد أن أصبح قرار الحرب بيد ناتنياهو وليبرمان دون الرجوع للحكومة وفق قرار صادق عليه الكنيست الإسرائيلي الليلة قبل الماضية بعد تعديل القانون الأساسي للحكومة والذي يخول مجلس الوزراء - الكابينت بالبدء بعملية عسكرية قد تصل إلى الحرب دون الرجوع للحكومة. فقد ذكرت صحيفة "معاريف" العبرية أن تعديل القانون حظي بتأييد 62 عضو كنيست مقابل معارضة 41 عضو، في حين يتيح القانون في حالات شاذة لرئيس الوزراء ووزير الجيش البدء بعملية عسكرية قد تتدحرج إلى حرب دون العودة حتى للكابينت. وقبل صدور هذا القرار نجد أن العدوان الإسرائيلي قد طال عدة أطراف في الشرق الأوسط منها، ما يحدث ويحدث في سوريا ضد الجيش السوري أو المجموعات التابعة لكل من إيران وحزب الله المتواجدة هناك، وتدمير كميات ضخمة من الصواريخ في حماة أحدثت هزة أرضية هناك كما وصفت المصادر، مع كشف حكومة الاحتلال مؤخرا عن دورها بسرقة الأرشيف النووي الإيراني من طهران قبل عامين. كما قامت قوة للاحتلال قبل أيام باختطاف سيدة لبنانية في منطقة شبعا اللبنانية، وأطلقت عدة طلقات في اتجاه أحد الرعاة هناك. أما فيما يتعلق بفلسطين، فالعدوان الشرس مازال يمارس ضد المواطنين العُزّل في فلسطين المحتلة وخاصة في القدس وغزة حيث سياسة التدمير والقتل الممنهج بأسلحة محرمة دولياً ضد المشاركين السلميين في مسيرات العودة، وكأن في ذلك رسالة تُعبر عن مدى شراسة أي عدوان قادم إلى غزة! كما لا يمكن أن ننسى اغتيال المرحوم العالم فادي البطش قبل أيام قليلة في ماليزيا، المتخصص في مجالات القوى الكهربية، والتي تعتبر سبباً كافياً لوضعه على قائمة الاغتيالات من قِبل الموساد الإسرائيلي. حتى الأصدقاء الجدد لم تشفع لهم هذه الصداقة من محاولات التخريب الإسرائيلية فقد أوردت وسائل إعلام عدة قيام السعودية وتحديداً المحكمة الجزائية في الرياض، التي بدأت يوم الاثنين الماضي المداولة في قضية تورط معتمرين من "عرب إسرائيل" في أعمال تجسس، بتكليف من الموساد الإسرائيلي لجمع معلومات لصالحه، وبالتخطيط "للقيام بعمل إرهابي في موسم الحج". حسب المصادر السعودية. هذه نماذج بسيطة عن الحرائق التي قام ويقوم بها ناتنياهو مؤخراً والتي ترجع الدوافع المحرضة لها لعدد من الأسباب الداخلية الإسرائيلية أولها الرغبة في تصدير المشاكل الداخلية وإمكانية تعرض كلا من ناتنياهو وليبرمان للمحاكمة بعدد من التهم الجنائية وعلى رأسها الفساد. كذلك الرغبة لديهم في التهرب من المشاركة في أية مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين بشأن التسوية السلمية وفقاً للرؤية الأميركية والقفز إلى التسوية الإقليمية التي يميل اليها ناتنياهو. السؤال الأن، هل ممكن أن ينجو الكيان الإسرائيلي من عاقبة إشعال هذه الحرائق دون عقاب يذكر؟ أم أن هذه الحرائق قد تقود إلى حرب محدودة مع البعض، كما لو شن الاحتلال عدوان جديد على غزة؟ أم أن الافتراض الأخير لمثل هذه المغامرات أن تؤدي إلى حرب إقليمية قد تتأثر بنتائجها أكثر من دولة في المنطقة وفي مقدمتها الكيان الإسرائيلي؟ أن كل الاحتمالات مفتوحة وممكنة وقد تمتد النيران لتشمل مناطق أخرى من العالم، نتيجة لسياسات التوازن بين الدول خاصة أن العديد من القوى الكبرى تتنافس بشكل محموم للسيطرة على الموارد الطبيعية في المنطقة مما قد يضيف بعداً أخر لإشعال فتيل حرب إقليمية. حتى أن القطاع المطحون ـ أعني به غزة ـ قد يكون على أعتاب عدوان إسرائيلي شامل في الفترة القريبة القادمة تبعاً لما يتمخض عن نتائج متعلقة بأحداث منتصف آيار الحالي؛ والمتمثلة في نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وما قد تقود إليه مسيرات العودة في ذلك التاريخ من فرض واقع جديد على الأرض. ويبقى الأمر منوطاً بالقدر ليطفئ هذه النيران ويفشل مخططات المعتدين. أحمد طه الغندور كاتب فلسطيني
مشاركة :