بتاريخ 26/4/2018م، نشرت إحدى الصحف المحلية خبرًا مفاده (حكم نهائي.. بإعدام بحق المدانين بمحاولة اغتيال القائد العام..) إلى آخر الخبر. وبسرعة البرق، أصبحنا فجر اليوم التالي-27/4/2018م، بخبر لا يمكن وصفه، إنه نبل رجل ولا كل الرجال، ملك ولا كل الملوك، خبر ينضح رحمة وعطفًا وحنانًا وحلمًا، من ملٍك وقاضٍ بزَّ كل الملوك والقضاة عطفًا بأبناء شعبه إذا انحرفوا، وأصبحوا على شفا حفرٍة من القصاص تقودهم إلى مفارقة الحياة حكمَا وعدلَا حسب القانون. هذا الخبر وفي نفس تلك الجريدة التي نشرت الخبر بتاريخ 26/4/2018م جاء فيه (الملك يخفف عقوبة الإعدام إلى المؤبد للمدانين بالشروع باغتيال القائد العام حفظه الله ورعاه)، وعلى لسان اهالي المحكومين ورد ما نصه (أبناؤنا أخطأوا بحق الوطن، وتخفيف العقوبة أثلج صدورنا). نعم القرار الذي اتخذه صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى حفظه الله تعالى وأدام ملكه، وأطال عمره وسدد خطاه، هذا التخفيف وهذا الموقف النبيل من مليكنا المفدى، ذكرني بموقف مماثل له، هو موقف جده الأكبر القائد الرحيم أحمد الفاتح طيب الله ثراه، ولكل حاكم وأمير اتخذوا من شهامة أحمد الفاتح منهجًا وسبيلا؛ أحمد الفاتح عندما هزم نصر بن مذكور في الزبارة عام 1783م، نصر بن مذكور فرَّ إلى بوشهر، ودخل جيش الفاتح إلى البحرين، أرسل القائد الفاتح كوكبةً من جنده لحماية أهل نصر بن مذكور وحاشيتهم الموجودين في قلعة الديوان، وأمر القائد تلك الكوكبة بالمحافظة وسلامة من في القلعة وعدم المساس بهم، والعناية بهم، وأن لا يمسهم سوء، وجهز سفينة كبيرة من نوع البقارة أو البتيل تحميها عدة سفن بنقل أهل بن مذكور وحاشيتهم إلى بوشهر معززين ومكرمين ومحملين بالقوت والماء والهدايا، وجميع ممتلكاتهم الخاصة، نبل ما بعده نبل إلا في أحفاده، ومنهم ملكنا حمد المفدى. وأمَّر –أعني القائد أحمد الفاتح – على هذه الأمانة، إحدى رجاله المخلصين –قيل أنه مبارك خليفة الفاضل، وفي رواية أخرى أنه على خليفة الفاضل، وفعلاً وصلت القافلة البحرية إلى بوشهر سالمًة وسلموا إلى نائب نصر بن مذكور من كان خائفًا عليهم من الانتقام سالمين آمنين، هذه واقعة عظيمة تدل على شهامة القائد أحمد الفاتح وحلمه وعفوه عند المقدرة، وكبَّر نصر بن مذكور هذه المكرمة من القائد الفاتح الرحيم وأثنى عليه. إن تخفيف عقوبة الإعدام إلى المؤبد، تدل بكل الوضوح على حلم وشجاعة مليكنا المفدى الذي لا يألو جهدًا أن يكون متسامحًا وعطفوًا على جميع أبناء مملكته، مع أن من حصلوا على هذا التخفيف أرادوا سفك دم رجل وطني مقامه عند مليكنا من أعز الرجال المدافعين عن حياض الوطن في الداخل والخارج المشير الركن خليفة بن أحمد آل خليفة حفظه الله. هل سمعتم عن ملك في العالم قبل مليكنا كفل الإيتام، كل الإيتام، هل سمعتم عن ملكٍ قبله شمل بعطفه وحنانه الأرامل، كل الأرامل، ومسح بيده الكريمة دموع جميع المطلقات، كل المطلقات، هل سمعتم عن ملك قبله بيض السجون وأعلن العفو العام، وشمل هذا العفو جميع المعتقلين سياسيًا، هل سمعتم عن ملكٍ قبله يقول لشعبه أنتم شركائي في إدارة دفة الحكم عن طريق مجلسي النواب والشورى والبلديين، هل سمعتم عن ملكٍ قبله فتح مكتبًا تحت إشرافه للتظلم، هل سمعتم عن ملكٍ قبله وضع ميثاقًا للعمل الوطني واستفتى، هل سمعتم عن ملكٍ قبله وعد كل مواطن بتملك بيت وعيش كريم؟؟؟؟ كلا وألف كلا، إلا من ملك البحرين منذ الفتح وإلى عهدنا، العهد الزاهر القائم على العدل والتسامح والعيش السلمي بين جميع أبناء الوطن في أرض الخلود والسلام، عاش الملك المفدى وأبقاه الله ذخرًا وسندًا للوطن وأبنائه المخلصين، وأن يشمل هذا الدعاء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة الموقر الساهر على راحة الشعب، وصاحب السمو الملكي سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين النائب الأول لرئيس الوزراء، قال الله تعالى: «فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ»، وقال جل وعلا «وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»، وعاش الملك المفدى ودام ملكه العادل. يوسف محمد بوزيد
مشاركة :