دمشق- بدأ مقاتلو معارضة سوريون الانسحاب من جيب في جنوب دمشق الخميس لكن عددا صغيرا من المقاتلين في منطقة محاصرة أخرى قرب حمص قصفوا مناطق حكومية بعد أن وافقت جماعاتهم على الانسحاب. والجيبان في جنوب دمشق وقرب حمص هما المنطقتان الوحيدتان المحاصرتان اللتان لا تزالان تحت سيطرة المعارضة. وتهيمن المعارضة أيضا على مساحات كبيرة من الأراضي لا تقع تحت الحصار في شمال غرب وجنوب غرب البلاد على طول حدودها الدولية. ويأتي ذلك بعد يومين على تنفيذ اتفاق إجلاء مقاتلي هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق، وبعد اتفاقات مماثلة خرج بموجبها مئات المقاتلين من بلدات شرق العاصمة. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن "دخول عدد من الحافلات إلى بلدات ببيلا ويلدا وبيت سحم للبدء بإخراج الإرهابيين وعائلاتهم إلى الشمال السوري". وتحاذي البلدات الثلاث أحياء في جنوب العاصمة تدور فيها معارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وتوقعت سانا "خروج نحو خمسة آلاف من الإرهابيين وعائلاتهم تنفيذاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه الأحد الماضي بين الحكومة السورية والمجموعات الإرهابية". مفاوضات وجرى التوصل الى الاتفاق، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، اثر مفاوضات "بين وجهاء من البلدات الثلاث من جهة والروس والنظام من جهة ثانية". ويقضي الاتفاق بخروج الراغبين من المقاتلين وأفراد عائلاتهم وتسوية أوضاع من اختار البقاء. وكانت تلك البلدات الثلاث تُعد مناطق "مصالحة"، وهي التسمية التي تطلقها الحكومة على مناطق توصلت فيها خلال السنوات الماضية الى اتفاقات مع الفصائل تقضي ببقاء المقاتلين المعارضين مع توقف الأعمال القتالية، مقابل السماح بدخول المساعدات والبضائع. ولكن إثر سيطرته الشهر الماضي على الغوطة الشرقية التي بقيت لسنوات معقل الفصائل المعارضة الأبرز قرب دمشق، يسعى الجيش السوري حالياً إلى استعادة كامل العاصمة ومحيطها عبر اتفاقات إجلاء أو عمليات عسكرية. وفي بداية الشهر الحالي، خرج أكثر من مئة مقاتل من هيئة تحرير الشام مع أفراد من عائلاتهم من جيب صغير كانوا يسيطرون عليه في مخيم اليرموك، مقابل خروج عدد محدود من الحالات الإنسانية من بلدتي الفوعة وكفريا اللتين تحاصرهما الهيئة في محافظة ادلب (شمال غرب). وتحدثت هيئة تحرير الشام في بيان الأربعاء عن "إتمام الاتفاق" مع وصول 141 من مقاتليها الى الشمال السوري. وكانت سانا أفادت أن الاتفاق يقضي بخروج نحو خمسة آلاف شخص من الفوعة وكفريا، لكن هيئة تحرير الشام اعلنت خروج 18 جريحاً مع مرافقيهم، مشيرة إلى أن آخرين رفضوا الخروج "بشكل جزئي". وتزامن تنفيذ الاتفاق مع مواصلة الجيش السوري عملياته ضد تنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر على الجزء الأكبر من مخيم اليرموك وأجزاء من أحياء أخرى محاذية له في جنوب دمشق. واستعاد الجيش السوري الشهر الماضي منطقة القلمون الشرقي قرب دمشق بعد إجلاء مقاتلين معارضين من بلدات عدة. طرد المعارضة وبشكل مواز، تجري مفاوضات على إجلاء مماثل لمقاتلين معارضين من مناطق سيطرتهم في ريف حمص (وسط) الشمالي وريف حماة (وسط) الجنوبي. وركز الرئيس السوري بشار الأسد على طرد مقاتلي المعارضة من جيوبهم المحاصرة المتبقية منذ إخراجهم من الغوطة الشرقية الشهر الماضي بعد حملة عسكرية شرسة. وعرض التلفزيون الرسمي لقطات لحافلات وهي تصل منطقة بيت سحم وتتحرك عبر شوارع ضيقة وقد أحاط بها جنود بينما بدت على المباني الإسمنتية المحيطة آثار الحرب. وأفاد في وقت لاحق أن أول دفعة من الحافلات تحركت حاملة المقاتلين وأسرهم من المنطقة. وذكر التلفزيون أن من المتوقع أن يغادر نحو خمسة آلاف مقاتل وأسرهم بيت سحم وبيبلا ويلدا إلى مناطق تحت سيطرة المعارضة في شمال سوريا بعد مجموعة سابقة غادرت الجيب بالفعل الاثنين. وواصل متشددو تنظيم الدولة الإسلامية الذين يسيطرون على جزء آخر من الجيب ذاته القتال بعد أسابيع من القصف العنيف لمنطقة الحجر الأسود ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين. ووافق مسلحون في أكبر المناطق المحاصرة المتبقية بين مدينتي حماة وحمص قرب بلدات الرستن وتلبيسة والحولة على الاستسلام أمس الأربعاء. لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان ومصدرين محليين قالوا إن عددا صغيرا منهم رفض الاتفاق وقصف مناطق حكومية في وقت متأخر أمس وفي وقت مبكر صباح الخميس.
مشاركة :