أصدر المجلس الأعلى للإعلام، بيانًا حول شكل ونوع الدراما التي يوصي المجلس بتقديمها خلال العمال الدرامية وخاصةً الرمضانية. وتطرق هذا البيان إلى ردود فعل واسعة داخل الأوساط الفنية والثقافية على حدٍ سواء، باعتباره نوعًا من أنواع الوصاية والتقيد للفن والفنانين، بين معارض ومؤيد مع التحفظ. لذا قررت "البوابة نيوز" أن تقوم بقراءة تفسيرية لبنود البيان وتأثيره على العملية الفنية ومردوده على المشاهد. وتضمن البيان عشرة نقاط مهمة تختص بالأعمال الدرامية، خاصةً التليفزيونية، التوقف عن تمجيد الجريمة من خلال تقديم أبطال وهميين يمثلون ظواهر اجتماعية سيئة من خلال تقديمهم في أشكال القوة والبطولة، التوقف عن تقديم أعمال تظهر تؤدي إلى دهس القانون من خلال تقديم نماذج تقوم باسترداد الحق بالقوة وتحقيق العدالة دون الرجوع إلى القانون، التوقف عن تقديم الأعمال التي تُكرس للخرافات والجهل والتطرف الديني، التوقف عن تقديم أعمال تشوه صورة المرأة، الحد من مشاهد التدخين وإظهار المدمنين. وبالنظر بشكل عام لهذه البنود نجد أن جميعها يشترك في عنصر التعميم، أي أن هذه البنود لا تخرج عن كونها توصيات مطاطية لمؤلفي الدراما المصرية بتجنب بعض الأشياء والإكثار من أخرى، بحجة أن الدراما أصبحت مؤثرة على المجتمع وليس مرآة فقط للمجتمع، وهو ما يثبته الواقع بتأثر المشاهد، وخاصةً صغار السن، من خلال تأثرهم بالأعمال الدرامية وخاصةً التليفزيونية التي تصل لكل منزل، إلا أن هذا التأثير المجتمعي الذي يحدثه الفن لا يجعلنا نغفل الجزء الأول والأهم من الأعمال الفنية وهي تقديم الواقع بصورة فنية مختلفة بهدف الإصلاح من عيوب المجتمع وإحداث التطهير لدي المتفرج، كما وضع أرسطو أهداف الدراما بكل أنواعها، وهو ما يتنافى مع ما قدمه البيان من بنود تدفع الفنانين للابتعاد عن نماذج وأحداث حقيقية تحدث في المجتمع. وفي المقابل نرى أن هناك الكثيرين، وخاصةً من الجمهور العادي، الذي يرى أن هذا البيان يُعد خطوة أولى نحو الرجوع بالفن إلى تقديم أعمال اجتماعية تقدم نماذج إنسانية صالحة كي تكون مؤثرة في الأجيال القادمة بشكل أفضل، لما تتركه هذه الأعمال من تأثير نفسي ووجداني لدى المشاهد، وهو ما أثبتته الدراسات النفسية والفنية بل والأحداث الواقعية التي شهدت تقليد أعمى لبعض أبطال الدراما المصرية. وبين هذا وذاك يوجد من يرى أن هذه البنود خطوة جادة ونافعة للمجتمع، إلا أنها تحتاج إلى تصحيح، من حيث ترك الحرية الكاملة للمبدع في تقديم ما يرغب من نماذج وموضوعات مجتمعية ومعاجلتها، مع مراعاة هذه القضايا والنماذج التي قد تكون سيئة بشكل فني يؤدي إلى عرض مساوئهم لإحداث النفور منها لدى المتفرج والابتعاد عنها وعن سلوكياتها، إلى جانب تقديمها بشكل لا يتضمن إسفافا أو خروجًا عن الآداب العامة التي يجب أن تراعى في الأعمال الفنية لتتسق مع مسمى الفن، من خلال تقديم هذه المشاهد التي قد تحتوي على أفعال جنسية ذات بعد درامي من خلال الإيحاءات والمشاهد الرمزية التي تؤصل للمتفرج الحدث والتأثير الدرامي المراد توصيله دون مخاطبة الغراز وإثارتها أو تقديم محتوى لفظي أو بصرى غير أخلاقي. أما فيما يختص ببنود تقديم أعمال عن بطولات الجيش والشرطة والشخصيات الوطنية والتاريخية والدينية، فهو لا خلاف عليه من كل الأطياف، خاصةً أن الفن المصري حتى سنوات قليلة ماضية لم يكن يخلو من هذه الأعمال ذات القيمة الفنية والمجتمعية الكبيرة، إلا أن متغيرات السوق الدرامية أدت إلى توارى هذه الأعمال حتى كادت أن تكون معدومة، وخاصة في الأعمال الرمضانية التي كانت لا تخلو من هذه الأعمال طوال العقود الماضية، وهو ما ينطبق على بند عدم تشويه صورة المرأة في المجتمع من خلال الأعمال الدرامية. أما البندان اللذان يخصان الناحية الإدارية للنقابات الفنية، بعدم التصريح للبدء في تصوير أي عمل قبل الانتهاء من كتابة 75 بالمائة منه، فهو يصب في صالح العملية الفنية وبالأخص في صالح المخرج والممثلين، لما يمكنهم من اكتمال الرؤية والتفاصيل الفنية باكتمال كتابة العمل ككل، أما البند الثاني الذي يختص بعدم التصريح بالعمل لغير أعضاء النقابات الفنية، فهو قرار تتضمنه كل اللوائح الداخلية للنقابات الفنية بعدم تشغيل غير الأعضاء، إلا أن هذا يخضع أيضًا للنسب التي تسمح بها النقابات للعاملين من خارج أعضائها، كما يخضع لمتطلبات الدور الذي يفرض اختيار الممثل.
مشاركة :