يستعد لبنان، البلد الصغير القائم على المحاصصة الطائفية لتنظيم أول انتخابات تشريعية منذ نحو عشر سنوات، في وقت يشهد فيه أزمات سياسية وتراجعا اقتصاديا وتجاذبات إقليمية متزايدة. يذكر أن الانتخابات المقررة الأحد المقبل، ستعتمد للمرة الأولى النظام النسبي بدلا من الأكثرية وهو ما يثير لغطا كبيرا بين الناخبين. يختار اللبنانيون الأحد ممثليهم في البرلمان للمرة الأولى منذ نحو عقد من الزمن، بعد سنوات شهدت أزمات سياسية وتجاذبات إقليمية حادة. ويقوم النظام الانتخابي في لبنان على المحاصصة بين طوائفه المتعددة، إذ يضم 18 مذهبا معترفا بها منذ العام 2012، تنقسم إلى 12 مجموعة مسيحية وخمس إسلامية وأقلية يهودية لم تعد موجودة. وتتوزع الرئاسات الثلاث الأولى في لبنان على قاعدة مذهبية: رئاسة الجمهورية للموارنة، ورئاسة المجلس النيابي للشيعة، ورئاسة مجلس الوزراء للسنة. كما أن وظائف الفئة الأولى موزعة كذلك طائفيا. لبنان: من الوصاية السورية إلى النزاع بعد عام من اندلاع الحرب الأهلية في لبنان عام 1975، تدخل السوريون على خط النزاع وتمركز جنودهم في لبنان، وباتوا في التسعينيات يتحكمون بكل مفاصل الحياة السياسية. وبعد تواجد استمر نحو ثلاثين سنة، انسحبت القوات السورية من البلد المجاور في العام 2005. وجاء ذلك تحت ضغط الشارع والمجتمع الدولي إثر اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، والذي وجهت أصابع الاتهام فيه حينها إلى دمشق. واتهمت بعدها المحكمة الدولية الخاصة أعضاء في "حزب الله" بتنفيذ عملية الاغتيال. وشهد لبنان منذ ذلك الحين أزمات سياسية وأمنية متلاحقة تضمنت عمليات اغتيال طالت بشكل أساسي المعارضين لدمشق. لبنان: بلد التجاذبات الإقليمية ومع اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، زادت الانقسامات بين القوى السياسية في لبنان، خاصة بين تلك المؤيدة للنظام السوري، لا سيما "حزب الله"، المعروف بعلاقاته الوطيدة بطهران، وأخرى معارضة له بشدة مثل تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، والمقرب من القوة الإقليمية المنافسة لإيران وهي السعودية. وتسبب تدخل "حزب الله" العسكري في العام 2013 إلى جانب قوات النظام في سوريا بجدل كبير وتوتر سياسي. ونتيجة الخلافات الحادة، لم تجر أي انتخابات نيابية منذ العام 2009، بل مدد المجلس النيابي لنفسه ثلاث مرات. وشهدت البلاد شللا مؤسساتيا انعكس فراغا في منصب رئاسة الجمهورية لأكثر من عامين، قبل التوصل إلى تسوية في العام 2016 أتت بميشال عون، حليف "حزب الله"، رئيسا للبلاد وبسعد الحريري رئيسا للحكومة. لبنان: المرشحون للانتخابات التشريعية ينهون حملتهم وتساؤلات حول القانون الجديد كما انعكست الأزمة السورية على النمو الاقتصادي في لبنان، حيث سجل معدل النمو الاقتصادي انخفاضا منذ العام 2011، نحو 1,7 بالمئة خلال الفترة الواقعة بين 2011 و2017. ومن المتوقع أن يبلغ 2 بالمئة في العام الحالي، وفق صندوق النقد الدولي. نظام "النسبية" بدلا من "الأكثرية" يثير لغطا في الشارع اللبناني بعد عقود اعتمد فيها النظام الأكثري، يجري لبنان انتخاباته النيابية المقبلة وفق قانون جديد يستند على النسبية من دون أن يتخلى عن الكوتا المذهبية في توزيع مقاعد البرلمان الـ128 مناصفة بين المسيحيين والمسلمين. ويقسم لبنان وفق القانون الجديد إلى 15 دائرة انتخابية، يتراوح عدد المقاعد فيها بين خمسة و13 مقعدا. ويحدد عدد المقاعد في كل دائرة بحسب التقسيم المذهبي. فتوزع مقاعد دائرة زحلة في البقاع (شرق) على سبيل المثال على الشكل التالي: 2 للكاثوليك، 1 للموارنة، 1 للشيعة، 1 للسنة، 1 للأرثوذوكس، 1 للأرمن الأرثوذوكس. ويفرض القانون الجديد تشكيل لوائح مغلقة، ما أطاح بإمكانية الترشح الفردي وأجبر المستقلين والناشطين على الانضواء في لوائح. وبالتالي تشكلت لوائح لا يجمع بينها أي برنامج سياسي مشترك، وضمت أحيانا كثيرة أضدادا في السياسة. ويعتمد القانون الجديد، بعكس القانون السابق الذي كان يعرف بقانون الستين، على الحاصل الانتخابي (عدد الناخبين/عدد المقاعد) وهو العتبة الانتخابية التي يفترض لكل لائحة أن تحصل عليها لضمان حصولها على مقعد في البرلمان وفقا لنسبة الأصوات. ولا يمكن للناخبين وفق القانون الجديد اختيار أسماء معينة من اللوائح أو شطب أخرى كما اقتضت العادة، بل على الناخب اختيار اللائحة كاملة. وسيتم فرز الأصوات على مرحلتين، الأولى يدويا في أقلام الاقتراع والثانية إلكترونيا لدى لجان القيد، فيما كان يعتمد القانون السابق الفرز اليدوي فقط. كما سمح القانون الجديد للبنانيي المهجر بالمشاركة في العملية الانتخابية للمرة الأولى في التاريخ. فرانس24/ أ ف ب نشرت في : 04/05/2018
مشاركة :