الشارقة:علاء الدين محمود في رواية «سحرة الضفاف»، الصادرة عن دار أوراق 2015، ينسج الروائي السوداني مهند رجب الدابي تفاصيل حياة تتأرجح بين الواقع والأسطورة، ويلج إلى العلاقات والصراعات الاجتماعية بمدخل أسطوري، من تراث سوداني يرى أن الضفاف دائما تحمل العوالم السحرية التي تنعكس بشكل أو بآخر على الواقع، غير أن الدابي في الرواية لا يظل حبيس هذا التحليق في الخيال، وسرعان ما يهبط إلى دنيا الواقع بكل تفاصيلها المختبئة في مناطق مظلمة من المجتمع، مطلا على عوالم المهمشين وراصد الصراع الطبقي الاجتماعي عبر لغة سردية فريدة هي أكثر ما يميز العمل الروائي.يطل الدابي من خلال التقنيات السردية المحكمة على عوالم القمع والاستعلاء والهيمنة الذكورية داخل المجتمع، ويستصحب في تلك الرحلة السردية عالمين من التفاوت الطبقي وهما: الاجتماعي بين مستويات متباينة بين البشر، والجندري من حيث التفاوت بين المرأة والرجل داخل مجتمع القرية والمدينة على حد سواء.يلعب الدابي في الرواية على تقنيات تداعي المونولوجات الحوارية، وتعدد الأصوات، فالشخصيات تروي قصصها المتعددة، وتدخلنا في عوالم من التفاصيل التي تشتبك بخيوط السرد لتشكل ملامح حكاية الرواية العامة، تلك الشخوص الغامضة التي تتحول إلى أطياف أو كما يقول الدابي: «فالطيف أبقى من الجسد، والأثر أوضح من الأرجل، والدموع أكثر إنسانية من العيون»، فالمؤلف يضعنا أمام حالة تجريدية بالكامل. حازت الرواية اهتمام القراء عبر مواقع مراجعات الكتب، وأجمع كثير منهم على جمال الرواية وتفردها خاصة من ناحية جماليات اللغة ودقة السرد وتقنايته الذي نجح عبره المؤلف في تمرير عوالم اجتماعية مظلمة وثقيلة، وتقول قارئة: «الرواية توضح تمكن الكاتب من اللغة والأسلوب والسرد، وهي مشوقة جدا لدرجة أنك تكون في لهاث متواصل لمعرفة الأحداث ومصير الأشخاص في نهايات غير متوقعة، وحتى بعض أبطال الرواية لم أعرف ما هي علاقتهم ومكانهم من الرواية إلا من خلال المتابعة الدقيقة، مما خلق تشويقاً ومتعة، رواية رائعة تستحق الأربع نجمات بجدارة».قارئ آخر يرى أن الرواية تضعنا أمام كاتب مختلف رغم حداثة سنه، فقد نجح في بناء شخصيات ستبقى في الذاكرة مثل مريم ودكتور شريف والدكتور محمود الذي يشابه في حضوره شخصية مصطفى سعيد في «موسم الهجرة للشمال»، للطيب صالح، فحضور الغريب وسحره واحد من التقينات السردية البديعة التي لجأ إليها الدابي، إضافة إلى تجوال تلك الشخوص في فضاء غير محدد وكأن الزمان فيه عبر، والمكان يخبر عن مكان آخر متخيل.فيما يقول قارئ آخر: «تتخذ الرواية نسقاً متداخلاً في الفضاء الزمني والمكاني في خطوط سردية متقاطعة ومتباينة، حيث يفلت الراوي خيط السرد لصالح إحدى الشخصيات عبر تداعي الذاكرة، وتارة أخرى يقبض به طواعية بالتنقل بين الشخصيات في الفضاءين، مستخدماً أسلوب القطع السينمائي، لكشف الغطاء عن أصل كل حكاية».
مشاركة :