لندن - “قاوم يا وطني فلم يبق منك الكثير. قريبا ستسمع في سمائك صوت البسمات ونداء التحرير”، كلمات للشاعرة الأحوازية معيدة شعباني نجاد، ذات الخمسة عشر ربيعا، المعتقلة في سجون النظام الإيراني الذي رأى في شعرها خطرا، خصوصا في هذه الفترة حيث يعلو، إلى جانب صوت الإيرانيين، صوت الأقليات بشكل مقلق بالنسبة للنظام. ألقت السلطات الإيرانية القبض على معيدة شعباني قبل شهرين في منزل عمتها بمدينة الأحواز الجنوبية حيث قال والدها إنها كانت تختبئ بعد أن داهمت قوات الأمن بيتها وصادرت أشعارها. وقال ساهد شعباني نجاد إن ابنته أبلغت والدتها في المكالمات الأسبوعية المسموح بها لها من السجن بأن السلطات وجّهت لها تهمة التحريض على العنف من خلال قصائدها عن الأقلية العربية في إيران. وقال قريب آخر إن السلطات ألقت القبض على عمة معيدة في الليلة ذاتها وعلى بعض أبناء عمومتها في اليوم التالي، فيما تساءل والدها مستنكرا “أنا مندهش لأن الحكومة الإيرانية خائفة من فتاة عمرها 15 عاما. فتاة صغيرة تعيش في خوف دائم في السجن ولا تستطيع النوم في الليل”. لكن، مثل هذا التصرف يعتبر طبيعيا من نظام مثل النظام الإيراني الذي يعدّ من أكثر الأنظمة في العالم تجاهلا للأقليات وقمعا لحريات الفئات غير الفارسية، التي لطالما اعتبرها قنبلة موقوتة لو نزع فتيلها فستقضي عليه وعلى إيران، فالأقليات مجتمعة، عرب وبلوش وأكراد وتركمان وغيرهم.. تفوق “الأغلبية” الفارسية عددا. النظام الإيراني بات أكثر إصرارا على اضطهاد عرب الأحواز وحشرهم في صراعه الإقليمي مع دول المنطقة والأحواز هي عاصمة إقليم خوزستان الواقع في جنوب غرب البلاد والذي تتنوّع فيه الأعراق ويعيش فيه معظم عرب إيران. وتعاني المنطقة من سياسات التهجير وطمس الهوية وذلك للخصوصية المجتمعية العربية للإقليم الذي يعتبر نفسه امتدادا للرقعة الجغرافية والسياسية العربية لا الإيرانية، من جهة، ولموقعه الجغرافي من جهة ثانية، فإقليم الأحواز يحدّه من الغرب العراق ومن الجنوب الخليج العربي وبحر عمان من الشرق ومن الشمال إيران بحدود جبال زاغروس. ومن ناحية أخرى تزخر هذه الأرض بثروات طبيعية وتعرف بوفرة المياه، وأي خسارة لهذه الأرض ستؤدّي إلى فقدان طهران منجم ذهب. موجة الاعتقالات منذ عقود يحارب الأحوازيون في صمت من أجل قضيتهم، لكن في السنوات الأخيرة، ساعدت تطور وسائل التواصل الاجتماعي، على وصول هذه الأصوات إلى نطاق دولي. ومؤخرا، تضاعفت الحملات الداعية إلى دعم الأحواز في مواجهة سياسات السلطة المركزية في إيران. وكعادتها لجأت السلطات إلى القمع في مواجهة هذه الحملات. لكن، كلما صعّد النظام من قمعه، تصاعدت أصوات المحتجّين والغاضبين الذين لم تكن مطالبهم لو تحققت لتشكّل خطرا على النظام، فإذا كانت النخبة تطالب بالاستقلال، فإن أغلب السكان، تتمحور مطالبهم أساسا في تحسين ظروف العيش. وكانت أحدث الاحتجاجات، التي شهدتها المنطقة منذ أسبوعين تقريبا، حول انقطاع المياه والكهرباء والفقر والتهميش، لكن، واجهت الحكومة الإيرانية هذه المطالب الاجتماعية باعتقال المئات في المنطقة المحيطة بالأحواز. وعندما تفجّرت الاحتجاجات في أنحاء البلاد في يناير الماضي على ارتفاع الأسعار وما يرى المحتجّون أنه فساد اندلعت اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين في جنوب غرب إيران. لكن، استمرت الاحتجاجات المتقطعة هناك بعد أن خبت نارها في أماكن أخرى وأبدى السكان المحليون من العرب غضبهم مما يقولون إنها عوائق تحول دون التوزيع العادل للوظائف والحقوق السياسية في منطقة تملك 85 في المئة من الثروة النفطية في إيران. ومن الأسباب الرئيسية الأخرى للاضطرابات الجفاف الذي يقول سكان المنطقة إنه تفاقم جرّاء تحويل إمدادات المياه إلى الأقاليم التي يسكنها الإيرانيون من أصول فارسية مثل أصفهان. وتقول منظمة الأحواز لحقوق الإنسان إنها حددت هويات 70 فردا بالاسم من بين المئات الذين ألقت السلطات القبض عليهم في الأسابيع القليلة الماضية. وقال خمسة نشطاء لوكالة رويترز إن “السلطات تتهم المحتجزين باتهامات أمنية من بينها النزعة الانفصالية والتطرّف الديني أو بأنهم عملاء للسعودية”. ويقول الناشطون إنه تم استدعاء عشرات آخرين وتم استجوابهم قبل إطلاق سراحهم. الحكومة الإيرانية خائفة من فتاة عمرها 15 عاما تقول شعرا. اعتقلتها قوات النظام لأنها قالت عن الأحواز "قاوم يا وطني فلم يبق منك الكثير، قريبا ستسمع في سمائك صوت البسمات ونداء التحرير" الحكومة الإيرانية خائفة من فتاة عمرها 15 عاما تقول شعرا. اعتقلتها قوات النظام لأنها قالت عن الأحواز "قاوم يا وطني فلم يبق منك الكثير، قريبا ستسمع في سمائك صوت البسمات ونداء التحرير" وذكر عدد ممن أطلقت السلطات سراحهم وأقارب للمحتجزين أنهم تعرضوا لضغوط من قوى الأمن لا سيما من الحرس الثوري لعدم نشر أنباء الاعتقالات. وقال ثلاثة من المطلق سراحهم إنهم كانوا يتعرضون بانتظام للضرب والتهديد والتعذيب بالصدمات الكهربائية وقال أحدهم إنه تعرض لصدمات كهربائية في أماكن حساسة من جسمه. وقال معتقل سابق إنه تم توصيل رأسه بأسلاك أثناء إجراء مكالمة هاتفية لأقاربه من السجن وقيل له إنه سيتعرض لصدمة كهربائية إذا ما قال شيئا غير مقبول. ويقول متظاهرون من العرب إنه يجب على إيران ألاّ تنفق المال في سوريا والعراق واليمن بينما يعاني مواطنوها في الداخل، وهو ذات الخطاب الذي ردده شباب إيرانيون في المدن الإيرانية الرئيسية (الفارسية) كطهران وأصفهان. وفي مظاهرة خرجت في الأحواز في فبراير الماضي شبّه المشاركون فيها أزمة المياه والكهرباء في المدينة بأزمة مماثلة في مدينة حلب السورية التي تبني فيها إيران محطات كهربائية بعد مساعدة الحكومة في إخراج قوات المعارضة منها في نهاية 2016. وفي مقطع مصور انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي ظهر محتجون من عرب إيران وهم يهتفون في مظاهرة مرددين “الأحواز مثل حلب بلا كهرباء وبلا مياه” قبل أن تتدخل الشرطة لتفريقهم. وتوضح أرقام رسمية أن معدل البطالة في خوزستان انخفض في السنوات القليلة الماضية ليصبح 14.5 في المئة بالمقارنة مع المعدل العام في إيران البالغ 11.8 في المئة. وقال نشطاء في الأحواز إنهم لم يجدوا إلا قلة من المديرين العرب في الحكومة والصناعات المحلية في مسح أجروه في الآونة الأخيرة ويتهمون السلطات بمحاولة تغيير التركيبة السكانية للمنطقة. لا عرائس للعرب في مارس الماضي خرج الآلاف من العرب في الأحواز ومدن أخرى في خوزستان إلى الشوارع عدة أيام للاحتجاج على برنامج تلفزيوني للأطفال تحدث عن التنوع العرقي. النظام الإيراني يعدّ من أكثر الأنظمة في العالم تجاهلا للأقليات وقمعا لحريات الفئات غير الفارسية استعرض البرنامج الذي أذاعه تلفزيون الدولة عرائس ترتدين أزياء تقليدية مختلفة دون أن يكون بينهن عروسة واحدة تمثل الأقلية العربية. وقال أقارب إنه تم القبض على خديجة (36 عاما) وابنة أخيها عائشة (19 عاما) في سيارة أجرة ركبتاها بعد المشاركة في احتجاج خارج مبنى الإذاعة والتلفزيون في الأحواز. وقالت شقيقتها هيفاء صدام، في مقابلة مع رويترز من كوبنهاغن، “خديجة ليست ناشطة سياسية. فهي أم لثلاثة أطفال. وشاركت في الاحتجاجات فقط دفاعا عن حقوقها الأساسية”. وقال نشطاء إن بعض حالات الاعتقال مرتبطة بالأعداد المتزايدة من عرب إيران الذين يتركون المذهب الشيعي، ويعتنقون المذهب السني. وقالت إيرانية اشترطت إخفاء هويتها إن السلطات ألقت القبض على شقيقها عبدالله (25 عاما) واستجوبته عن سبب تحوله إلى المذهب السني ومساعدة أسر المسجونين. وأضافت أنه تم الإفراج عنه بعد ذلك بكفالة وقد ظهرت على إحدى أذنيه علامات التعذيب. وأضافت أن السلطات اعتقلت شقيقا آخر لها، عمره 21 عاما لم تشأ أن تذكر اسمه حتى لا يتم التعرف على العائلة، أربع مرات منذ 2012 بسبب نشاطه السياسي بما في ذلك إرسال صور الاحتجاجات لوسائل إعلام في الخارج. وأفرجت عنه السلطات من السجن في مايو 2017 لكنه اختفى بعد بضعة أيام عقب مغادرته بيته للقاء بعض الأصدقاء في الأحواز. رغم الصورة التي ينقلها مباشرة سكان الأحواز عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن سياسات هدم المنازل والتهجير والقمع وانتشار الفقر والحقائق العلمية المسجلة حول جفاف نهر كارون (قارون) بسبب تحويل المياه إلى المدن الفارسية، تحاول السلطات الإيرانية إخفاء هذه الحقائق باستدعاء نظرية المؤامرة وأن التقارير الموثقة عن إساءة معاملة العرب دعاية تروجها دول خليجية لنشر القلاقل، في حين أن ما تعيشه إيران أزمة كبرى مع أقلياتها المختلفة هو ثمن سياستها الإقصائية لهم.
مشاركة :