أكد الدكتور وليد جاب الله ، الخبير الإقتصادي ، أن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية اليوم بشأن الإيجار القديم أنشأ مركزًا قانونيًا جديدًا وهو تطبيق قواعد القانون المدني في مجال إنهاء العلاقة الإيجارية للإيجار القديم (أي تحرير العلاقة) في حالة توافر شرطين هما: أن يكون المستأجر شخصًا اعتباريًا، وأن يكون استعمال العين لغير أغراض السكن.وقال جاب الله في تصريحات لـ"صدي البلد": من ظاهر منطوق الحكم فإن ذلك بمثابة إنهاء لعقود الإيجار القديمة التي طرفها المستأجر هو الدولة أو أحد فروعها، والبعثات الدبلوماسية، والجمعيات، والهيئات، وشركات قطاع الأعمال، والشركات المدنية والتجارية، وكل مجموعة من الأشخاص تثبت لها الشخصية الاعتبارية بمقتضى نص قانون وبمفهوم المُخالفة فإن الإيجار القديم ينتهي بانتهاء المدة المدونة بالعقد طالما كانت العين مؤجرة لغير غرض السكن ولم يكن المستأجر شخصا طبيعيا".واضاف "السؤال هنا عن حالات تثير اللبس عند التطبيق، منها ما يُمكن أن نجد له تفسيرا من القانون مثل شركة الواقع، وهي تلك الشركة التي تُنشأ بين أشخاص طبيعيين دون استيفاء إجراءات الانعقاد أو الإشهار، واعتبرها قانون الضرائب من الشركات ذات الشخصية الاعتبارية طالما لم تكن ناتجه عن ميراث، بينما سيثار الجدل حول مدى اعتبار الشركات الناتجة عن ميراث من الشخصيات الاعتبارية، وعن حالة أن تكون العلاقة الإيجارية بدأت لغير غرض السكن مع مستأجر شخص طبيعي ثم قام بالدخول بالعين كحصة في شركة مع الغير، وهل العبرة بأن يكون المُستأجر الأصلي شخصا اعتباريا أم المستأجر الحالي، وغيرها من الحالات التي سوف تثير الجدل والمنازعات القضائية التي تزيد تعقيد السلام الاجتماعي بين طرفي العلاقة".واشار جاب الله إلى أن حكم الدستورية كان بمثابة تكليف للسلطة التشريعية بممارسة دورها في صياغة تشريع مُتكامل يفك اللبس ويؤسس للتطبيق الصحيح لحكم المحكمة الدستورية وفقًا لمنطوقه وديباجته، حيث سبق أن صدر حكم المحكمة الدستورية في القضية رقم 4 لسنة 15 ق دستورية في 6/6/1996، والذي بناء عليه صدر القانون رقم 6 لسنة 1997 بشأن بعض أحكام إيجار الأماكن المؤجرة لغير غرض السكن. واستطرد جاب الله قائلا " وأمام تحديد حكم المحكمة الدستورية الأخير موعد نشره ونفاده باليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد اللاحق لمجلس النواب، فإنه يكون قد حدد الأجل اللازم لتدخل السلطة التشريعية بإصدار التشريع اللازم لمُراعاة ما جاء في الحكم من منطوق، وما تضمنه من مبادئ تنسحب على كافة حالات العلاقة الإيجارية التي أصابها العوار بحكم تغير الدساتير، والتنظيمات الاقتصادية والاجتماعية بالمجتمع، ولم تستطع المحكمة الدستورية التصدي لها لالتزامها بنطاق الدعوى التي صدر فيها الحكم".وأوضح الخبير الإقتصادي أن تكرار تجاهل تعديل قواعد الإيجار القديم حتى تصدر أحكام من المحكمة الدستورية بذلك هو سلوك غير مُبرر ويمكن أن يضع المجتمع أمام حكم دستورية مستقبلي باهظ التكاليف، بجانب وضع العدالة والتجرد التشريعي بالبرلمان على المحك، حيث ينتظر الناخبين من نوابهم مرونة وجدية أكبر في إنجاز التعديلات التشريعية الأكثر مساسًا بتنظيم الحياة وإقرار السلم الاجتماعي الذي يؤسس لحالة من التنظيم العصري الذي يدعم الدولة اقتصاديا واجتماعيًا.تجدر الإشارة الي أن المحكمة الدستورية العليا قضت في جلستها المنعقدة السبت برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة ”لا يجوز للمؤجـر أن يطلب إخلاء المكـان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد… ” لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير الغرض السكنى. وقد حددت المحكمة اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي لمجلس النواب اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخا لإعمال أثره.
مشاركة :