«اضطراب التكيف».. يجعل حياتك «أصعب»

  • 5/6/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يتعرض الكثيرون لمشكلات حياتية أو لضغوط في العمل أو الدراسة أو بسبب الإصابة بأحد الأمراض وغير ذلك من المتغيرات، وينجح معظم الأشخاص في التكيف مع هذه الضغوط والمتغيرات في مدى زمني يمكن أن يصل إلى عدة أشهر؛ لكن البعض لا يستطيع وبالتالي يسقط في الشعور بالاكتئاب وسلوكيات تدمير الذات، وتُسمى هذه الحالة باضطراب التكيف.يعد هذا الاضطراب حالة مؤقتة سببها الإجهاد، ويتم ربطها مع الأعراض النفسية والجسدية التي تتداخل مع الحياة اليومية، ويعد اضطراب التكيف نوعاً من أنواع المرض العقلي المرتبط بالضغط النفسي؛ وذلك لأن المريض يعاني صعوبة في التكيف مع تغيرات حياته، وبالتالي يمكن أن يصاب بالقلق أو الاكتئاب.يشعر المصاب بهذه المشكلة بالإرهاق من الروتين اليومي، وكل هذه الضغوط المتلاحقة تدفعه إلى أن يتخذ قرارات متهورة، يمكن أن تصل في بعض الحالات إلى التفكير في الانتحار.ويتم شفاء المريض عادة بمجرد التكيف مع ظروفه الجديدة، ويساعد كذلك العلاج على أن يستعيد الثبات الانفعالي، ولا يستغرق العلاج وقتاً طويلاً.ونتناول في هذا الموضوع مرض اضطراب التكيف بالتفاصيل، مع بيان العوامل والمسببات التي تؤدي إلى الإصابة به، وكذلك نطرح سبل الوقاية والعلاج الممكنة والحديثة.مسميات عديدةيطلق على اضطراب التكيف العديد من التسميات، ومنها اضطراب الأحكام أو اكتئاب تغير الحالات أو الاكتئاب التفاعلي أو الاكتئاب المؤقت، وتكون الإصابة به نتيجة مشكلة مؤثرة، مثل وفاة شخص عزيز أو انفصاله عن زوجته أو فقده لوظيفته أو خسارة مالية كبيرة.ويتفاعل المصاب مع المشكلة بشكل غير طبيعي، وبالتالي تظهر لديه أعراض نفسية تتشابه مع أعراض الاكتئاب، مثل الشعور باليأس وفقد الاهتمام بكل ما حوله، إلى جانب تغير في سلوكياته وتصرفاته.ويختلف هذا الاضطراب عن اضطراب القلق الذي يفتقر لوجود عامل الضغط، كما يختلف عن اضطراب ما بعد الصدمة والاضطراب الكربي الحاد، وهما يرتبطان بإجهاد أكبر من هذه الحالة.وتشير الدراسات إلى أن كافة الأعمار معرضة للإصابة بهذا الاضطراب؛ حيث تتساوى نسب الإصابة بين الأطفال والمراهقين والبالغين، وكذلك بين الذكور والفتيات، غير أن نسبة الإصابة لدى النساء تكون ضعف الرجال.ويصبح الأشخاص الذين يتعرضون لخطر الإصابة باضطراب التكيف عرضة لاضطرابات أخرى؛ مثل: الاكتئاب والقلق والاضطراب الثنائي القطب واضطراب المعدة.صعوبات مالية وعائليةيرجح الباحثون أن السبب وراء الإصابة باضطراب التكيف يعود إلى الجينات والمزاج وتجارب الحياة؛ بل حتى تغيرات في كيمياء الدماغ، وهناك عوامل تزيد من نسبة الإصابة بهذا الاضطراب، ولا يزال السبب الرئيسي وراء هذا الاضطراب غير معروف.ويؤدي التفاعل مع الأحداث المجهدة أو التغيرات في الحياة إلى تطور اضطراب التكيف، ومن أسباب التوتر أن يعاني المصاب بهذا الاضطراب مشاكل في العلاقات، وصعوبات مالية، ونزاعات عائلية، وتغييرات في العمل، ومشاكل صحية، ووفاة أحد الأقارب الأحباء.وتؤدي مواجهة الطفل لضغوط نفسية في مرحلة الطفولة المبكرة إلى زيادة خطر إصابته باضطراب التكيف، فالحماية المفرطة أو الاعتداء من قبل الأبوين، والاضطرابات العائلية وكثرة الانتقال وعدم الاستقرار في مكان واحد، كل هذه الأمور تجعل المصاب عندما يواجه صعوبات في حياته لا يستطيع التكيف معها.وتصدر ردود فعل عنيفة من قبل الأشخاص الذين لا يتمتعون بنظام دعم قوي، وهذه الردود تكون أمام الحدث الذي يسبب له شعوراً بالضغط النفسي.ويمكن أن يصل بعض الأشخاص إلى نقطة الانهيار ويصابون باضطراب التكيف عندما يواجهون موقفاً مستمراً يسبب لهم شعوراً بالضغط النفسي؛ وذلك مثل الأشخاص الذين يعيشون في مناطق الحروب والصراعات الأهلية.حاد ومزمنتعد الأعراض الرئيسية لاضطراب التكيف هي نفس أعراض اضطراب ما بعد الصدمة وأعراض القلق، إضافة إلى أعراض طفيفة للاكتئاب، وتشترك ستة أنواع من اضطراب التكيف في عدد من الأعراض، وليس هناك معايير مفصلة ومحددة لها.يكون اضطراب التكيف حاداً أو مزمناً؛ وذلك بحسب مدة الإصابة، ويعد الاضطراب حاداً إذا استمرت الأعراض مدة ستة أشهر أو أقل.ويجب أن تخف الأعراض بمجرد زوال الضغوط، وخاصة في حال اتباع المصاب لإجراءات حيوية لها فاعلية على العناية بالنفس، ويساعد كذلك العلاج الاحترافي في سرعة إزالة الأعراض.ويعد الاضطراب مزمناً إذا زادت المدة عن 6 أشهر؛ حيث تؤثر الأعراض في حياة المصاب وتعطله، وبالتالي يكون في حاجة للحصول على علاج يساعد في سرعة اختفاء الأعراض التي يعانيها ويمنع زيادة حدتها.انفعالي وسلوكيوتتطور أعراض الاضطراب بعد بداية الضغوط بحوالي ثلاثة أشهر، ويمكن تقسيم الأعراض إلى مجموعتين الأولى انفعالية أو عاطفية، والثانية سلوكية.وتشمل الأعراض الانفعالية: الاكتئاب والشعور بالحزن واليأس، وفقدان الإحساس بالمتعة، ويمكن أن يتعرض المصاب لنوبات من البكاء أو تنتابه رغبة ملحة في البكاء، ويكون عصبياً أو متوتراً ويصاب بالقلق.ويتعرض كذلك للإصابة باضطرابات في النوم أو لا يستغرق في النوم بشكل عميق، وكذلك يعاني صعوبة في التركيز، كما أنه يشعر بالإرهاق، وكل هذه الأعراض يمكن أن تدفعه للتفكير في الانتحار.وتشمل الأعراض السلوكية كثرة الشجار، وتجاهل القيام بالمهام الضرورية، وعلى سبيل المثال أداء الواجبات المنزلية أو دفع الفواتير الشهرية، والقيادة المتهورة.ويمكن أن يسعى المصاب إلى الحصول على قبول الآخرين بأي وسيلة حتى لو لجأ إلى الغش أو الكذب، ويتجنب المصاب اللقاء بالأصدقاء أو العائلة، ويصبح أداء المصاب في عمله أو دراسته ضعيفاً، وكذلك يكثر من الغياب، ويمكن أن يعمد إلى تخريب الممتلكات.أبسط الأنواعيعد اضطراب التكيف أبسط أنواع اضطرابات الصحة العقلية؛ حيث إنه ينطوي على ضغوط ليست حقيقية، وإنما هي أمور طبيعية، غير أن عدم تقبل المريض لها يجعل فيها شيئاً من المبالغة.وتؤثر هذه الضغوط في حياة المصاب كلها، وبالتالي يشعر بفقدان الأمل وعدم القدرة على الاستمتاع بالحياة، ويمكن أن ينتج عن هذه الضغوط اتباع المريض سلوكيات سيئة؛ مثل: إدمان المخدرات أو اللجوء للعنف وأخيراً التفكير في الانتحار، وعند الوصول لهذه المرحلة يجب الحصول على مساعدة طبية.ويعطي التشخيص والعلاج في الوقت المناسب نتيجة طيبة للغاية، وعامة فإنه لا توجد طريقة للوقاية من الإصابة باضطراب التكيف، وتتحسن حالات الاضطراب خلال 6 أشهر.ولا تظهر أي مضاعفات على المدى البعيد، غير أن الحالات التي تعاني اضطراب التكيف بصورة مزمنة عرضة للمعاناة من اضطرابات أخرى مثل: الاكتئاب، وإدمان العقاقير والكحوليات والتفكير في الانتحار.ويكون المراهقون عرضة للإصابة بأمراض نفسية إلى جانب اضطراب التكيف، ومنها: الاضطراب الثنائي القطب، أو اضطراب الشخصية غير الاجتماعية.نفسي ودوائييهدف علاج اضطراب التكيف إلى إعادة المصاب لحالته الطبيعية، كما أنه يمنع تدهور اضطراب التكيف إلى درجة الكآبة، ويشمل العلاج نوعين الأول العلاج النفسي أو التحليل النفسي والثاني استخدام العقاقير.ويعد العلاج النفسي هو الطريقة الأساسية لعلاج هذا الاضطراب، ويستخدم لإفهام المصاب السبب وراء هذه الحالة، مع تطوير آليات تقاوم ضغوط المستقبل، كما أنه يتيح للمريض وضع ألمه وضيقه في كلمات بدلاً من الأفعال التي تدمر.ويساعد العلاج الفردي في الحصول على الدعم الذي يحتاج المريض إليه، وأن يستفيد بنقاط قوته، وفي الغالب فإن العلاج الأسري والسلوكي والجماعي والتدخل في الأزمات والعلاج الجماعي الذاتي كل هذه الأنواع تهدف إلى تشجيع المريض على التعبير اللفظي عن كل العواطف السلبية التي يشعر بها، مثل المخاوف والقلق والغضب واليأس.ويمكن استخدام العقاقير؛ من أجل تخفيف الأعراض؛ حيث تفيد مضادات الاكتئاب والقلق بجرعات بسيطة، وكذلك الأدوية المهدئة على المدى القصير. الاعتناء بالصحة النفسية تشير الإحصاءات الحديثة إلى أن نسبة الإصابة باضطراب التكيف تبلغ 5%، وتعد المشاكل الصحية أكثر الأسباب وراء الإصابة به، وترى الأبحاث التي أجريت في بداية تشخيص هذا الاضطراب أن التدخل الطبي لا يكون إلا مع وصول حالة المريض إلى مستويات مرتفعة؛ وذلك بحجة أن الشفاء يتم بشكل طبيعي.ووجد في دراسة أخرى أن من يعانون اضطراب التكيف يستجيبون لمضادات الاكتئاب بصورة أفضل ممن يعانون الاكتئاب الشديد.وينصح الأطباء بالاعتناء بالصحة النفسية عند مواجهة حدث أو مشكلة تسبب ضغطاً نفسياً أو تحدث تغيراً ضخماً في الحياة، ومن المفيد في هذا الأمر الحديث عن المشاعر وطلب المساعدة حتى يتغلب المريض على اضطراب التكيف.وتفيد بعض الإجراءات في هذا الأمر، فعلى سبيل المثال التحدث عن الأمور التي تسبب شعوراً بالضغط مع المقربين، سواء كانوا من العائلة أو الأصدقاء، ويستحسن الالتزام بمواعيد منتظمة في النوم، والمحافظة على نظام غذائي صحي، وممارسة نشاط بدني بانتظام، وكذلك المشاركة في هواية.يحتاج الطفل الذي يعاني صعوبة التكيف للتشجيع من قبل والديه؛ وذلك من خلال الاهتمام بمشاعره، وأيضاً الحديث عن أي تغيير يطرأ على حياته، وخاصة التغييرات الصعبة مثل الطلاق أو وفاة شخص مقرب منه، ويحتاج الطفل للتعبير عن حزنه وتقديم الدعم والفهم له، مع التأكيد له أن ردود فعله تعد طبيعية في هذه المواقف.

مشاركة :