هل تتغيّر «وول ستريت» من دون جيمي ديمون ولويد بلانكفين؟

  • 5/6/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد:أحمد البشير في عالم افتراضي، قد يتألق أهم شخصين في «وول ستريت» في مسلسل كوميدي يحكي قصة مواطنين أمريكيين من نيويورك تمكنا من الوصول إلى الشهرة وحصد الثروة: جيمي ديمون، رجل فصيح وفي بعض الأحيان متسلط من «كوينز»، ولويد بلانكفين، القصير والأصلع، صاحب النكات والطرائف من «بروكلين».أعلن الرجلان اللذان يديران أكبر بنكين في العالم (ديمون الرئيس التنفيذي ل جيه بي مورجان تشيس، وبلانكفين الرئيس التنفيذي لجولدمان ساكس) أنهما سيسلمان العهدة للقادة الجدد، وهو جزء من عملية تغيير واسعة تجتاح قطاع التمويل بعد عقد من الأزمة المالية العالمية، حيث يعد الرجال في الستينات والسبعينات من أعمارهم القادة الجدد للمرحلة المقبلة.كانت مسيرة ديمون وبلانكفين حافلة، حيث أصبحا الرئيسين التنفيذيين في العام 2006 مع وجود فارق 6 أشهر بينهما، في الوقت الذي وصل فيه الهوس العالمي بالأصول المالية إلى ذروته، وخرجا من الأزمة المالية وتمكنا من الحفاظ على سمعتهما، على الأقل بين زملائهما في وول ستريت. لقد تمكن كل واحد منهما من الصمود أمام الاضطرابات، من وصف «جولدمان ساكس» بأنه «حبّار يمص الدماء» إلى قضية «حوت لندن» التي خسر فيها «جيه بي مورجان» 6.2 مليار دولار. وشاهد ديمون وبلانكفين زملائهما من المصرفيين التنفيذيين يسقطون واحداً تلو الآخر بسبب الأداء الضعيف أو الفضائح، من كين لويس من «بنك أوف أمريكا» في العام 2009، إلى جون ستامبف من «ويلز فارجو» في العام 2016، لتكون فترة رئاستهما هي الأطول في قطاع البنوك.ويعتبر موضوع الخلافة حساساً، فمهما كان ذلك ضرورياً، من الصعب بالنسبة للمديرين التنفيذيين الذين قضوا حياتهم المهنية في صعود سلم الشركات التخطيط لاستقالتهم. إن تاريخ الأعمال المصرفية مملوء بأمثلة عن كبار التنفيذيين الذين مددوا فترتهم الرئاسية على حساب الشركة والمساهمين. وقال مايكل كارب، رئيس شركة «أوبشنز جروب» لوكالة «بلومبيرج» في العام 2016:«هؤلاء الأشخاص يحبون السلطة والسيطرة ويريدون العمل طالما كان بإمكانهم ذلك».لكن في نهاية المطاف يصبح الأمر لا مفر منه، ففي يناير/‏‏ كانون الثاني من العام 2018، قال «جيه بي مورجان» إن ولاية ديمون كرئيس تنفيذي ستنتهي بعد 5 أعوام، وعيّن كلاً من جوردون سميث ودانيال بينتو كرئيسين مشاركين، ما يشير إلى أنه في حال حدث شيء ل ديمون، على المدى القريب، فإن سميث أو بينتو سيشغلان منصبه. ولكن في حال استمر ديمون في منصبه خلال الأعوام ال5 المقبلة، فهذا يعني أن كلاً من سميث وبينتو سيكونان في الستين من عمرهما، الأمر الذي يفسح المجال أمام النواب الأصغر سناً وهم ماريان ليك وماري كالاهان أرودز ودوج بينتو لقيادة «جيه بي مورجان».وفي ال 12 من مارس/‏‏ آذار الماضي أعلنت مجموعة «جولدمان ساكس» المصرفية عن تعيين ديفيد سولومون في منصب الرئيس ومدير العمليات اعتباراً من ال20 من إبريل /‏‏ نيسان، خلفاً ل هارفي شوارتز الذي تقاعد من منصبة. وهذا الأمر يجعل من سولومون الرجل الثاني في المجموعة بعد لويد بلانكفين، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي، الذي قد يتنحى من منصبه في نهاية العام الجاري والذي سيكون الذكرى ال150 لتأسيس المجموعة، حسبما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلاً عن مصادر مطلعة، وأوضحت أن عملية نقل السلطة ستكون سريعة.وفي ديسمبر/‏‏ كانون الأول من العام 2016، تم تعيين سولومون وشوارتز في منصب رئيسي العمليات، حينما غادر جاري كوهين الشركة لينضم إلى الفريق الاستشاري الاقتصادي في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وفي الأسبوع الماضي، قال كوهين إنه سيستقيل من منصبه كمستشار اقتصادي رئيسي في البيت الأبيض.وجاء رحيل كوهين ليؤكد أن بلانكفين في طريقه ليستمر في منصب الرئيس التنفيذي الذي يشغله منذ 11 عاماً. انضم بلانكفين إلى «جولدمان ساكس» في العام 2006، وقال مرة مازحاً إنه سيموت وهو على مكتبه، إلا أن قسم التداول في المجموعة المصرفية لا يزال يكافح من أجل العودة إلى أيام النشاط في العام 2009، عندما بلغت إيرادات المجموعة 33 مليار دولار.وتعكس التغييرات الأخيرة، الإجراءات المتخذة في أماكن أخرى في «وول ستريت»، ففي فبراير/‏‏ شباط الماضي، أعلنت مجموعة «بلاكستون»، التي تستثمر في الأسهم الخاصة والعقارات، عن تعيين جون جاري رئيساً ومديراً للعمليات، ليكون بذلك الخليفة المحتمل للمؤسس المشارك والرئيس التنفيذي ستيفن شوارزمان. وفي الأشهر الأخيرة أيضاً، أعلنت شركات كبرى مثل «كيه كيه آر» و«كارلايل» و«أبولو جلوبال مانجمنت» عن سلسلة من التعيينات الجديدة.وعمل سولومون، 56 عاماً، في السندات عالية المخاطر عندما كان في بنك «بير ستيرنز»، قبل أن ينضم إلى «جولدمان ساكس» في العام 1999، وذك قبيل اكتتابها العام الأولي. وشغل سولومون منصب الرئيس العالمي لمجموعة التمويل في البنك، قبل أن يصبح الرئيس المشارك لقسم الخدمات المصرفية الاستثمارية من يوليو/‏‏ تموز من العام 2006 وحتى ديسمبر/‏‏ كانون الأول من العام 2016.وفي سبتمبر/‏‏ أيلول كشفت «جولدمان ساكس» عن خطة لزيادة الإيرادات بمقدار 5 مليارات دولار، من خلال التركيز على إقراض المستهلكين من خلال وحدتها «ماركوس»، وسيكون ذلك بمثابة التحول، حيث سرعان ما سيبدأ «جولدمان ساكس» بتقديم المنتجات المصرفية للأفراد مثل التأمين والرهون العقارية وقروض السيارات، بمعنى أنه سيصبح مثل نظيره «جيه بي مورجان»، وهذه العروض ستكون محل سخرية بالنسبة لمديري «جولدمان ساكس» السابقين. لكن يبدو أن مستقبل «جولدمان ساكس» سيركز على الأعمال التي يأتي النجاح منها من خلال تنمية علاقات طويلة الأجل وليس معاملة العملاء على أنهم نظراء تجاريون.وفي «جيه بي مورجان»، لا يزال ديمون المسؤول الأساسي وصاحب القرار، وهو مصرُّ على أن خلفه سيأتي من داخل البنك، وبالتالي فهو يلمح إلى البقاء. وكان يُنظر إلى «جيه بي مورجان» على أنه ملجأ من العاصفة خلال الأزمة العالمية التي ابتلعت بنكين فاشلين، ومضى ديمون في تعظيم مكاسب البنك في الأعوام التالية، حيث استحوذ على حصص المنافسين في مجالات التداول وبطاقات الائتمان وحصد المليارات من الدولارات من الاستثمارات في مجال التكنولوجيا.وارتفعت أسهم «جيه بي مورجان» بما يزيد على 200% في العقد الماضي، متجاوزة نسبة 69% في مجموعة «جولدمان ساكس».وبينما يبدو أن بلانكفين راغب في نشر آرائه على «تويتر» من وقت إلى آخر، فقد اتخذ ديمون موفقاً حول موضوعات مثل الحد الأدنى للأجور إلى الطب، بل وحتى التخطيط لإطلاق شركة ناشئة للرعاية الصحية مع وارين بافيت وجيف بيزوس، في محاولة لخفض تكاليف الأدوية. وإذا سارت الأمور حسب الجدول الزمني، ستكون فترة ولاية ديمون قد وصلت إلى 17 عاماً، ليكون بذلك قد قاد البنك خلال ثلاث فترات فريدة: الأزمة والانتعاش وحقبة ارتفاع معدلات الفائدة. (بلومبيرج)

مشاركة :