تريف (ألمانيا) - الوكالات: احتفلت ألمانيا امس بالذكرى المئوية الثانية لميلاد كارل ماركس بتدشين نصب لفيلسوف «ديكتاتورية البروليتاريا» قدمته الصين هبة رغم اعتراض متظاهرين نددوا بالإرث السياسي لفيلسوف كان مرشد الشيوعية. وظهر امس، ازيح الستار في مدينة تريف مسقط راس ماركس القريبة من الحدود مع فرنسا ولوكسمبورغ، عن تمثال الفيلسوف البالغ ارتفاعه 5.5 امتار وذلك بحضور نحو 1500 شخص، بحسب الشرطة. ويظهر التمثال كارل ماركس بلحيته الشهيرة مرتديا معطفا، وهو يستعد للقيام بخطوة إلى الامام. وحضر الموكب اقارب الفيلسوف الألماني وبينهم عالمة الاجتماع الفرنسية فريدريك لونغي-ماركس إضافة إلى مسؤولين صينيين والرئيسة الجديدة للحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني اندريا ناهلس. وقالت الأخيرة بالمناسبة «ان الحزب الاشتراكي الديمقراطي لم يعد بالطبع منذ امد بعيد حزبا برؤية ماركسية لكن ماركس ومفاهيمه لا يزالان يشكلان جزءا من قاعدته السياسية». وأضافت «وأعتقد أنه سيكون من الجيد ان نعيد قراءة بعض تحاليله في الظروف الراهنة». وتم في الصباح افتتاح معرض دائم في المنزل الذي شهد في الخامس من مارس 1818 ولادة صاحب كتاب «راس المال». وكانت سلطات المدينة تولت ترميم المنزل. وستنظم مدينة تريف في الاشهر القادمة 600 حدث من معارض وحفلات ومسرحيات وندوات لاحياء مسيرة المفكر الشهير. وجاء تمثال ماركس هدية من الصين، البلد الذي لا يزال رسميا شيوعيا والمستمر في تبني الماركسية ضمن عقيدته. واعتبرت عدة جمعيات واحزاب مناهضة للشيوعية ان هذه البادرة غير مقبولة من «ديكتاتورية مستبدة». وتجمعت في المدينة للاحتجاج على تكريم من يعتبرونه ابا سلطات الطغيان الشيوعية. وتظاهر عشرات من اتحاد مجموعات ضحايا الشيوعية خلف لافتة تظهر ماركس يعلو جماجم بشرية. ونظم حزب البديل لألمانيا اليميني المتطرف الذي يحظى بشعبية فيما كان يعرف بألمانيا الشرقية، مسيرة صامتة للتنديد بـ«تمجيد ماركس». ودعا إلى «ازالة» نصب المفكر باسم «ضحايا الشيوعية». في المقابل دعا الحزب الشيوعي الألماني واليسار المتشدد إلى التظاهر تخليدا لذكرى ماركس وطالبا «بروليتاريا كل البلدان بالاتحاد». وفي ذلك تذكير بالشعار الشهير الذي اطلقه ماركس وانغلز في «بيان الحزب الشيوعي». وبعد فقدان مصداقيتها اثر انهيار الاتحاد السوفيتي، بدأت مؤلفات ماركس التي تزامنت وعهد الثورة الصناعية الاولى تشهد نوعا من التجديد. ويستمر منتقدو انحرافات النظام الراسمالي في العودة اليها وخصوصا اثر الازمة المالية 2007-2008 أو للتنديد بتزايد الفوارق بين الفقراء والاغنياء. ونظريات ماركس تبقى ملهمة لحركات سياسية في الغرب. ويعتبر اليسار الألماني المتشدد الذي يملك بدوره شعبية في ألمانيا الشرقية السابقة، ان انتقاد ارث ماركس لا محل له من الاعراب. وقالت سارا فاغنغنيخت احدى قياداته امس السبت «اذا كان كل شخص يحمل مسؤولية ما ارتكب باسمه، فإن صور المسيح يجب الا تعلق في اي كنيسة». ورأى رئيس المفوضية الأوروبية المحافظ جان كلود يونكر خلال احتفال بالمئوية الثانية في ترير مساء يوم الجمعة أن «ماركس ليس مسؤولا عن كل الأعمال الوحشية التي يجب أن يُحاسب عليها ورثته المفترضون».
مشاركة :