قبل بضعة أيام فقط، كان الأمل هو أنه إذا بدأت واشنطن وبكين التحدث مع بعضهما بعضا فإن الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم يمكن تجنبها، لكن مناقشات الأسبوع الماضي في بكين بين إدارة ترامب والفريق الاقتصادي للرئيس تشي جينبينج، أظهرت فقط أن الحرب التجارية ربما تكون حتمية. قال إسوار براساد، وهو مختص في الشؤون الصينية مقره في الولايات المتحدة ولديه علاقات قوية بصانعي السياسات الاقتصادية الصينية «يمكن أن تنتهي هذه الاجتماعات بالدخول في السجلات باعتبارها إضفاء للصبغة الرسمية على الأعمال العدائية، بدلًا من كونها أساسًا لتسوية تفاوضية». وفقًا للوثائق التي تحدد مطالب الجانبين، فإن كلا من بكين وواشنطن تتخذ نهجًا متشددا. وحتى لو كان الحل ممكنا، فإنه من المحتمل أن يستغرق أشهرا من التفاوض. تصر إدارة ترامب على أن تقلص الصين فائضها التجاري البالغ 337 مليار دولار سنويًا في السلع والخدمات مع الولايات المتحدة بنسبة تقارب الثلثين خلال العامين المقبلين، وأن تكف عن رد الفعل ضد أي إجراءات تجارية أمريكية. إضافة إلى ذلك تريد إنهاء عناصر استراتيجية تشي «صنع في الصين عام 2025» التي تهدف إلى تأسيس دور ريادي عالمي للشركات الصينية في بعض القطاعات. في المقابل، تطالب بكين بأن تتخلى الولايات المتحدة عن اعتراضها القديم على معاملة الصين باعتبارها اقتصاد سوق داخل منظمة التجارة العالمية، وهو أمر يمكن أن يجعل الرد أكثر صعوبة على الممارسات التجارية غير النزيهة. كذلك طلبت الصين من واشنطن رفع القيود عن تصدير المنتجات ذات التقنية العالية، وإلغاء حظر مدته سبع سنوات على شركة الاتصالات الصينية ZTE يحول دون شرائها مكونات أمريكية. السبب الوحيد للتفاؤل، كما قال مسؤولون أمريكيون سابقون ومختصون تجاريون آخرون يوم الجمعة، هو أن إدارة ترامب طرحت إجراء مفاوضات أخرى لتحديد المطالب ذات الطابع المتشدد، لأجل أن تنحني لاحقًا. وقالت ويندي كاتلر التي ساعدت في قيادة محادثات التجارة في إدارة أوباما «يبدو لي أن (القوائم الأمريكية) مجرد أمنيات أكثر منها مقترح تفاوض جاد». وأضافت «لا أراها أساسا للمضي قدما، لكن سيكون مثيرا أن نراقب السرعة التي تتحرك بها الإدارة بعيدًا عن بعض هذه المقترحات». وأشارت كاتلر، التي تعمل الآن في «جمعية آسيا»، إلى كيفية تحول الولايات المتحدة في محاولتها لإعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية مع كندا والمكسيك، وإلى التعديلات المتواضعة التي تم الحصول عليها في اتفاقية التجارة الثنائية مع كوريا الجنوبية. لكن مع الصين تختلف الأمور كثيرا. فبينما عارضت الشركات الأمريكية في الغالب - وضغطت ضد - النهج المتشدد لترامب في اتفاقية «نافتا»، فإنها تدعم إلى حد كبير أهدافه الخاصة بالصين. وقال أحد المقربين من مجتمع الأعمال الأمريكي «الموقف الذي تتخذه إدارة ترامب متأصل في الحقيقة ومدعوم من قبل عديد من أصحاب المصالح». وأضاف «هذا هو الفرق الكبير (...) الصين في مكان مختلف للغاية. إنه ليس مماثلًا لما يحدث مع اتفاقية نافتا». الخلافات الحقيقية الوحيدة في الولايات المتحدة ندور حول تركيز ترامب الفردي على تقليل العجز التجاري الأمريكي مع الصين وتهديداته بفرض تعريفات جمركية يخشى كثيرون أنها قد تؤدي إلى حرب تجارية. ويرى معظم الاقتصاديين وقادة الأعمال أن العجز التجاري للولايات المتحدة مع الصين هو نتيجة للاقتصاد الكلي بقدر ما هو نتيجة للعلاقة التجارية، وأن تخفيضه سيكون مشروعا طويل الأجل. إدوارد ألدن، وهو عضو بارز في مجلس العلاقات الخارجية، قال: «إن اقتراح إدارة ترامب تخفيض العجز مع الصين سيتطلب نسخة من التجارة الموجهة من شأنها أن تجعل كثيرا من المؤمنين بالسوق الحرة في الولايات المتحدة غير مرتاحين».
مشاركة :