عثمان طه.. عميد خطاطي المصحف الشريف

  • 5/7/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: عثمان حسن عبر تاريخ تطور كتابة المصحف الشريف يشار إلى ابن البواب بوصفه أول من استخدم خط النسخ في كتابة المصحف الشريف، بعد أن كان يكتب على الرق بنوعين من الخطوط هما: المكي والخط المدني المائل الذي اصطلح على تسميته بالخط الحجازي، وتبعهما تجربة كتابة المصحف بالخط بالكوفي في القرن الأول الهجري، وهناك الكثير من التجارب التي استخدمت خطوطاً مختلفة في كتابة القرآن الكريم، غير أن ميزة ما صنعه ابن البواب تشكل إضافة على صعيد كتابة المصاحف، فهو أول من استخدم مصحفاً مزخرفاً بالكامل، ويعتبر من أقدم المخطوطات العربية التي اكتشفت حتى اليوم.الحديث عن كتابة المصاحف، يقع في قلب اهتمام ملتقى الشارقة للخط، ففي دورته الحالية «جوهر» كرمت اللجنة العليا للملتقى الخطاط الدكتور عثمان طه «سوريا»، وهو من الأسماء الشهيرة في كتابة وخط المصاحف إلى جانب اسمين هما: د. فينيشيا بورتر من المملكة المتحدة و البروفسور التركي مصطفى أوغور درمان.ود. عثمان طه يلقب بعميد خطاطي المصحف الشريف اليوم، وهو حاصل على إجازة الخطاط حامد الآمدي عام 1973، تتلمذ على يدي مجموعة من أبرز الخطاطين مثل: محمد علي المولوي، إبراهيم الرفاعي في حلب، محمد بدوي الديراني في دمشق، هاشم البغدادي، أما طفولته ففيها الكثير مما يمكن سرده، حيث برزت موهبته في سن صغيرة، وكان أن تلقى مبادئ الخط عن والده، الذي كان يجيد خط الرقعة، وكان يقلد كل ما يكتبه من خطوط، وهذا قاده إلى تقليد خطوط الطباعة، كما ورد في سيرة طفولته أنه كتب نظماً في العقيدة، ومتناً في النحو وعمره لا يتجاوز 8 سنوات.والحديث عن تجربة هذا الخطاط الكبير، يمكن رصدها حين كتب أول مصحف لمصلحة وزارة الأوقاف السورية عام 1970، وحين حط رحاله في المملكة العربية السعودية في 1988م عين خطاطاً في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة، وكاتباً لمصاحف المدينة النبوية، وفي هذه المرحلة واصل كتابة المصاحف بميزة فريدة، حيث كانت تنتهي كل صفحات القرآن الكريم مع نهاية إحدى الآيات، وقد كتب أربعة مصاحف لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، طبع منها في حينه أكثر من 200 مليون نسخة، وزعت على مختلف دول العالم.وفي سيرة د. عثمان ما يشير إلى كتابته أكثر من ثلاثة عشر مصحفاً كلها بالرسم العثماني، وكانت هذه البراعة في خط المصاحف نابعة في الأساس من تحصيله الأكاديمي ومراسه وتجربته الطويلة في كتابة أشكال لا حصر لها من الخطوط، حيث أجاد أولاً كتابة الخط الكلاسيكي، لينتقل خطوة أخرى متقدمة، توصف بأنها مرحلة تجديد وإضافة، فتخلص بدءاً من التركيبات الخطية التي كانت تعيق الضبط الصحيح، وتخلص أيضاً من أشكال بعض الأحرف من خط النسخ، تفادياً لالتباسها بحروف أخرى، مشابهة، مثل: (الهاء المشقوقة، والميم المطموسة بأنواعها، والراء المعقوفة).وإليه يرجع الفضل في اعتماده التبسيط أساساً لعمله، والمقصود به تبسيط الكلمة، وكان فهمه للتبسيط، نابعاً من معرفته العميقة بالخطوط، فالخط الكوفي -على سبيل المثال- خط يتوخى التبسيط، وهو الخط الذي كتب فيه القرآن الكريم أول مرة.اعتمد عثمان كتابة الحرف إلى جانب الحرف، متوخياً أن تكون الحركات فوق الأحرف التابعة لها مخطوطة، أو مرسومة بدقة متناهية، وهو الأسلوب الذي اتبعه في مصاحف مجمع الملك فهد، حيث يشار إلى د. عثمان بأنه «أحد القلة ممن يتقنون توزيع الكلمات في السطر الواحد، بحيث ينتهي السطر كما بدأ دون تزاحم للكلمات في النهاية، كما في كثير من المصاحف المخطوطة، وذلك من أجل أن تظهر الصفحة متناسقة متألقة من حيث حسنُ الترتيب والتنسيق».اكتسب خبرة من علماء القراءات أعضاء اللجان العلمية لمراجعة المصاحف المخطوطة واستفاد من آرائهم في هذا المجال، ومن إنجازاته التي يشار إليها بالبنان نذكر: كتابة مصحف المدينة، وهو أحد إصدارات مجمع الملك فهد، وتميز هذا المصحف بخط جميل، وترتيب رائع، وطريقة مبتكرة في ترتيب الآيات والسور، وبين دفتي المصحف نجد عبارة «نال شرف كتابته الخطاط عثمان طه وفقه الله».حكايته مع رسم الخط، حكاية تشير إلى براعته في كتابة خطوط منسقة وجميلة لا تشوبها شائبة حيث يقول في هذا «الخطاط الرسام يكون أفقه وأوسع في عمله، إلا أنني حصرت عملي في مجال الزخرفة الإسلامية، لكي أزين لوحاتي وخطوطي بالنقوش الإسلامية البديعة».يرى د. عثمان أن خط النسخ هو الخط المناسب لكتابة المصحف، وذلك لوضوحه وبساطته وشهرته بين الناس، وهو أيضاً يفسر مصطلح الرسم العثماني، بقوله «هو الرسم الذي كتب به المصحف أيام أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وأجمع المسلمون على التقيد بهذا الرسم توقيفياً، ولا يجوز كتابة المصاحف خلاف ذلك».وحول أسلوبه في كتابة المصاحف، سبق أن أشار إلى أنه يعتمد أسلوباً متميزاً، وهو تبسيط الكلمة لكي تأتي الحركات فوق الأحرف التالية لها، دون التباس، كما أنه يحرص على أن يتخلص من بعض التركيبات الخطية التي تعيق الضبط.

مشاركة :