أكد الشيخ محمد بن فيصل بن خالد القاسمي، رئيس مجلس مجموعة «إم بي إف» الوطنية، مقدرة الإمارات وأهليتها لتتصدر الاستثمارات الصحية، وأن تكون مقصداً بارزاً للسياحة العلاجية خلال السنوات القليلة المقبلة. وأوضح القاسمي في حوار مع «البيان الاقتصادي» أن هناك تنافساً بين الشركات العاملة في قطاع الرعاية الصحية لاستثمار الدعم غير المسبوق الذي توليه القيادة الحكيمة لهذا القطاع الحيوي والاستراتيجي. لافتاً إلى أن المجموعة التي وُلدت في شهر أبريل الماضي ترتكز على خبرات ثرية تمتد لأربعين عاماً ماضية في مجال الرعاية الصحية، وحان الوقت لتقود القطاع الخاص في مجال الاستثمارات الصحية.. وإلى التفاصيل. برزت مؤخراً ملامح ميزة جديدة تضاف إلى سجل تقدم الإمارات وتنافسها على الخريطة العالمية في كل المجالات مفادها أن يصبح هذا البلد الآمن وجهة للسياحة العلاجية، فهل هناك سقف زمني لبلوغ ذلك؟ بالفعل هذا ليس حلماً وردياً أو كلاماً عاطفياً، بل هو ما يحدث بالفعل على أرض الواقع، هناك مشاريع عملاقة يجري تطويرها وأخرى قيد التصميم، وهذه واحدة فقط من تلك الملامح التي تعكس أن الإمارات تمتلك إمكانيات كبيرة وضخمة تؤهلها لتصبح وجهة مفضلة من ضمن أكثر الوجهات العالمية التي تستقطب السياح للعلاج، وبلغة الأرقام فقد بلغت المعدلات العامة لنمو السياحة العلاجية نحو 10% سنوياً في دبي، ويجري تطبيق استراتيجية تستهدف استقطاب أكثر من 500 ألف سائح صحي بحلول عام 2020. ولو ألقيت نظرة على سجلات وبيانات مستشفى الزهراء الذي تمتلكه المجموعة ستفاجأ بأن هذا المستشفى وحده استقبل آلاف السياح من دول أميركا وأوربا وتحديداً من كنداً.. أستطيع أن أجزم بأن الإمارات تمتلك من الموارد والمؤهلات ما يجعلها في الصدارة.. اليوم لدينا منشآت طبية تماثل وربما تضاهي نظيراتها الرفيعة في دول معروفة بمنشآتها الطبية المتطورة كالولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وألمانيا، وعلى مستويات متقدمة، وربما القطاع بحاجة إلى جهة تديره وتقوده بأسلوب يستثمر في مكامن قوته ويعالج نقاط ضعفه؛ لتدار الدفة صوب تحقيق الهدف. أحد نقاط الضعف تتركز في العلاج الطبي، وما إذا كانت تكلفته مناسبة مقارنة بنوعية الخدمات وجودتها. تنافس لكن في المقابل نرى تزايداً في عدد الوجهات ما قاد إلى تنافس واضح في جودة الخدمات والأسعار ووجود تناغم بين عنصري السياحة والعلاج. هذا صحيح وصحي في الوقت ذاته، وهو ما يحمل القطاع الخاص قبل العام مسؤولية مواكبة تلك التطورات والتعامل معها على أساس أنها تحديات تستدعي وقفة ودراسة معمّقة، لا تستهدف بالضرورة خفض الأسعار؛ لأنها ليست التحدي الأكبر، والشاهد على ذلك أن لدينا سياحاً من الهند وكندا يتعالجون لدينا رغم شهرة الهند على سبيل المثال بالتكلفة المتدنية جداً في هذا المجال، وهذا يقود إلى أن جودة الخدمة وبراعة الكوادر الطبية والحزمة الواسعة في تلك الخدمات التي تغطي حاجات السياح المرضى على اختلافها وحجم تعقيداتها، وكذلك ربطها بالعنصر السياحي لأنه العمود الفقري لهذا النشاط. ولكن بالتأكيد التنافسية على صعيد التكلفة مطلوبة جداً ويجب التصدي لها، والقطاع الخاص يتحمل مسؤولية كبيرة هنا في تصحيح ما في أذهان البعض الذين يرون أن استثمار القطاع الخاص يعني «نهب المريض»، وهذه فرية سببتها تصرفات فردية تذهب بالمريض شمالاً وجنوباً وتحمّله تكلفة فحوص ربما لا يحتاجها، ولو كان التشخيص دقيقاً لكان الأمر مختلفاً، لذلك ابتكرنا تجربة علمية وحياتية جديدة غير مسبوقة وسنقوم بتطبيقها في مستشفى جي بي آر بدبي العام الجاري، وستكون علامة فارقة في مجال الرعاية الصحية، وتقوم التجربة انطلاقاً من أساس متين مفاده (دقة التشخيص) الذي يحصر حالة المريض ويحددها والطريقة المثلى لعلاجه، بعدياً عن الطرق الشائعة في زيادة رقعة التشخيص وبالتالي إثقال المريض بإجراء سلسلة طويلة من الفحوص التي ترهق جيبه وتستنزف وقته وتعود بالسلبية على حالته النفسية، فيصبح هروبه من العلاج أهون من تلقيه. لقد استعنا بخبرات كوادرنا الطبية وهي عالمية المستوى بشهادة الجميع، وطورنا تلك التجربة وسنطبقها، ونحن على ثقة بأن الوقت لن يطول حتى تصبح أسلوب باقي المؤسسات. وحتى نكون منصفين في تقبل النقد نجد من الضرورة إلقاء الضوء على التحديات التي تواجه القطاع الخاص في مجال الاستثمار بقطاع الرعاية الصحية، ونحن نثير هذه النقطة انطلاقاً وتأييداً وترجمة لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، للمسؤولين في دبي بإعطاء حوافز اقتصادية للعديد من القطاعات وبالأخص للشركات الصغيرة والمتوسطة. كيف ترى حاضر ومستقبل مجموعة «إم بي إف» وسط التنافس المتزايد في السوق؟ التنافس حالة صحية ولا أحد يستطيع النجاح إذا كان وحده في الساحة. التنافس يفتح الباب أمام طرق أبواب المستقبل ومواكبة تطوراته المتسارعة، خذ على سبيل المثال بعد أن نجحنا في تطبيقات الروبوت بمجال الرعاية الصحية نحن اليوم ندرس خططاً لتبني حلول الذكاء الاصطناعي في أعمال المجموعة التي تستثمر في قنوات وأنشطة متنوعة تتصدرها القطاعات الطبية والتعليمية والعقارية وتجارة التجزئة والترفيه. هل تعتقدون بأهمية الانفتاح على المنافسين في العمل الاقتصادي؟ بالتأكيد ويقيناً سيكون من الأفضل أن ندرس شراكات مع المنافسين وغير المنافسين لضمان التكامل، وقد نجحت المجموعة في إبرام وتوقيع شراكات نوعية واستراتيجية مع شركات عالمية أبرزها «سيمنز» الألمانية لتوظيف تقنياتها وابتكاراتها، هذا غير شركة «إتش سي جي» وهي معروفة عالمياً. طرح عام أمامكم 3 أعوام قبل التوجه بالمجموعة إلى الاكتتاب الأوليّ في أسواق الأسهم، والسؤال: هل خطوة الاكتتاب ضرورية بحد ذاتها؟ لو لم تكن ضرورية لما اتخذناها، ناهيك عن المناخ الاستثماري الملائم لهذه الخطوة، فالمجموعة تنشط بقوة في مجالات التطوير والإدارة والتشغيل في ميادين اقتصادية تشهد طلباً متنامياً في السوق، لاسيما قطاعات البناء والتشييد والعقارات والتعليم والصحة وتجارة التجزئة، لذلك فإن اغتنام الفرصة يشكل قيمة مضافة للمجموعة ولأسواق المال والمساهمين على حد سواء. وقد باشرنا بالفعل تطبيق إجراءات التحول بحسب القانون فقد وقعنا مذكرة تفاهم مع بنك الاتحاد الوطني للقيام بإجراءات التحول والإدراج. ومن المناسب أن نذكر أن رأس المال المصرح به للمجموعة يصل إلى 5 مليارات درهم، فيما يتجاوز رأس المال المصدر والمدفوع 2.751 مليار درهم. وبعيداً عن المبالغة وبكل وضوح يحقق الاكتتاب سلة من الأهداف الضرورية لتمكين المجموعة من بلوغ هدفها في قيادة القطاع الخاص على صعيد الرعاية الصحية وفي توسيع محفظتها الاستثمارية المتنوعة من جهة أخرى، ومن البديهي أن يتيح الاكتتاب جذب التمويل لاستثمارات الشركة من أجل بيع أسهمها، وتستطيع المجموعة بعد ذلك أن تحصل على قيمة مخزونها في السوق من خلال الاعتماد على استراتيجية تمويلية للأسهم في المستقبل، ولأن مشاريع المجموعة لا تقتصر على التواجد الجغرافي المحلي بل تتعداه إلى الإقليمي فإن الاكتتاب يوفر تقييماً مُستقلاً من خلال مُتابعتها منذ دخولها إلى السوق عن طريق رصد استثماراتها، وخياراتها، وتحرّكاتها التي يتمُّ تقييمها من خلال كافة المُستثمرين. ولا ننس مكسباً مهماً مفاده أن الاكتتاب يعد أفضل وسائل الحوكمة؛ إذ إن كافة الشركات تهتم بتطبيق الحوكمة من خلال مُراقبة الشركة لتطوّرها، وتقييم مُشاركتها بالسوق، ما يُسهم في دعم حوكمة الشركات ضمن الشركة بالاعتماد على معايير الأسواق، وينتج عن ذلك حمايتها من الضّرر. وبالنسبة للطرح الأوليّ فنحن نتوقع طرح نحو 5 مليارات درهم للاكتتاب الأوليّ. محفظة أصول ما مشاريعكم الحالية والمستقبلية؟ دخلت مجموعة «إم بي إف» الوطنية سوق الاستثمار في الرعاية الصحية في السعودية ومصر بمدينتين طبيتين تحملان تصاميم معاصرة وبأحدث التقنيات والتجهيزات، تبلغ تكلفتهما الإجمالية 3.65 مليارات درهم، في حين تستعد المجموعة لافتتاح مشروع مستشفى جي بي آر في النصف الثاني من العام الجاري، بالإضافة إلى العمل على وضع اللمسات النهائية على أكبر مستشفى في دبي. محفظة المجموعة على صعيد الاستثمارات الصحية تضم خططاً لإنشاء 7 مستشفيات و12 مركز رعاية صحية أولية أو تخصصية في أبوظبي ودبي، بتكلفة 2.5 مليار درهم تتضمن إنشاء أكبر مستشفى بالقطاع الصحي الخاص في دبي بسعة 450 سريراً. ومن أهم المشاريع التي بدأت المجموعة تنفيذها في السعودية المدينة الطبية في المدينة المنورة بتكلفة نحو 3 مليارات درهم بالتعاون مع الجهات المعنية، ومن بينها شركة «المقر»، مؤكداً أن المشروع سيكون له دور مؤثر في توفير الخدمات الصحية عالية الجودة للراغبين. أما المدينة الطبية التي تعتزم المجموعة تنفيذها فستكون في مصر ضمن مشروع مدينتي بالقاهرة الجديدة، بتكلفة تجاوز 650 مليون درهم، ويستغرق إنجازها 3 سنوات، وستبدأ عمليات التشييد بالنصف الثاني من 2018 لتكون مدينة طبية متكاملة، تضم 7 عناصر رئيسة أبرزها مستشفى عام وحديقة استجمام وأكاديمية للتمريض ومول طبي. بالطبع نستهدف إضافة 2000 سرير طبي داخل الدولة، خلال الأربع أو الخمس سنوات المقبلة؛ نظراً للإقبال العالي في الدولة على خدمات الرعاية الصحية، خاصة «التخصصية»، بما يتواكب مع رؤية الدولة لتكون الإمارات ضمن أفضل 10 دول في الرعاية الصحية عالمياً وتعزيز مشاركة القطاع الصحي الخاص في توفير الخدمات وفق أفضل المعايير العالمية. كما تعتزم المجموعة إنشاء أكبر مستشفى خاص بدبي وتحديداً في منطقة المنخول بطاقة استيعابية 450 سريراً وبتكلفة تقارب 250 مليون درهم، وقد بدأت أعمال التصميم لهذا المستشفى وبعدها تبدأ الأعمال الإنشائية. وستفتتح المجموعة ثاني مرافقها الطبية في الدولة في يناير من العام المقبل، وهو مستشفى «جميرا إلكتر تاوز» بتكلفة 190 مليون درهم ويضم 60 سريراً طبياً، موضحاً أنه سيكون أول مستشفى خاص بالدولة متخصص في علاج أمراض السرطان. أيضاً أنشأت المجموعة مستشفى في جزيرة الريم في أبوظبي بتكلفة 320 مليون درهم، وهو مستشفى عام. سياسي ومصرفي مولع بالطب والخط واللغات والسينما خلطة مثيرة تلك التي تشكّل شخصية الشيخ محمد بن فيصل بن خالد القاسمي، فقد درس السياسة ثم تمكّن من أسرار العمل المصرفي بإحدى جامعات لندن، وزاد عليها في هونغ كونغ، وبرع في تطبيقها في إتش إس بي سي وفي تأسيس بنك النور بدبي. يسري في عروقه حب لغة الضاد ولا يقرب نظم الشعر بل يتذوقه، يحتفي بالعربية نطقاً ورسماً على الورق، متدرباً على أيدي أساتذة مرموقين في الخط العربي، لتتزين جدران المستشفى بـ60 لوحة لآيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة تبعث في نفوس الزائرين الهدوء والسكينة والأمل وحب الحياة، ويعلو كل لوحة شرح باللغة الإنجليزية لمضمونها. يقول القاسمي إنه من عشاق الخط العربي ومغرم به منذ الصغر، ونهله من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فلدى سموه مجموعة كبيرة للخطوط العربية. ويقول إنه يهوى الخط العربي لأنه من أكثر الفنون جمالاً وتناسقاً وجاذبية، ويتمتع بمرونة وقابلية للمد والرجع والاستدارة والتداخل والتركيب، ما يجعله ساحراً للعين. ولأن نعمة العين البصر فهو متحمس لمشاهدة الأعمال السينمائية، لاسيما الإسبانية التي تأسست في 1896 كأهم السينمات الأوروبية، لا لأنها أنتجت ظواهر واتجاهات سينمائية كما هو حال السينما الإيطالية والفرنسية؛ بل لأنها أفرزت عدداً كبيراً من السينمائيين المبدعين الذين قدموا أعمالاً ترسخ ثقافة الإبداع والتعايش الإنساني. يعشق مهنة الطب لكنه ليس بطبيب، فالقاسمي يحرص في سلوكه اليومي على ترسيخ خصال الطبيب كما يراها أوائل من وضعوا أسسها وأخلاقياتها وهي أن يكون حسن الذكاء جيد الروية عاقلاً كتوماً لأسرار المرضى، ورغبته في إبراء المرضى أكثر من رغبته فيما يلتمسه من الأجرة، ورغبته في علاج الفقراء أكثر من رغبته في علاج الأغنياء. حريصاً على التعليم والمبالغة في منافع الناس. سليم القلب عفيف النظر صادق اللهجة مأموناً ثقة على الأرواح والأموال، مستقلاً عادلاً محسناً رحيماً. يجمع القاسمي في ممارساته اليومية من كل بستان زهرة، فهو محب للغات العالم لكنه انتقى منها حتى الآن 5 لغات بينها الإسبانية والألمانية، ويرى أن تعلم لغة جديدة تزيد قوة الدماغ، وهي طريقة رائعة للحفاظ على صحة العقل، ومن وجهة نظره أيضاً جواز سفر إلى عالم آخر، إذ تستطيع الطائرات نقل الإنسان إلى أيّ بلدٍ يرغب فيه، إلا أنه من المستحيل معرفة ثقافة الشعب والاندماج فيه دون معرفة لغته، فتعلم لغةٍ أخرى يجعل الإنسان أكثر وعياً وانفتاحاً على الثقافات الأخرى، ومعرفة سبب وجود مثل هذه الاختلافات، وبالتالي احترام الثقافات، وزيادة التضامن، والتسامح، والتفاهم. 2000 مشاريع للمجموعة تضيف 2000 سرير طبي حتى 2020 لدعم مكانة الإمارات في الرعاية الصحية عالمياً 250 مليوناً لمشروع أكبر مستشفى بدبي في المنخول بطاقة استيعابية تبلغ 450 سريراً وهو قيد التصميم 320 مليوناً لمشروع تطوّره المجموعة في جزيرة الريم تمتلك منه 51% ويقدم حزمة واسعة من الخدمات 3 مليارات لمشروع مدينة طبية باشرت بتطويرها في السعودية بالشراكة مع «المقر» تنفذ على 4 مراحل 180 مليوناً تكلفة مشروع مستشفى «جي بي آر» بدبي ويضم 100 سرير وسيفتتح هذا العام 650 مليوناً لمشروع المدينة الطبية في مصر ضمن «مدينتي» بالقاهرة الجديدة وتنجز في 3 سنوات
مشاركة :