هل يضع حزب الله لبنان بأكمله تحت الوصاية الإيرانية

  • 5/7/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت- سيستيقظ اللبنانيون على مشهد سياسي جديد بعد أن اقترعوا طوال الأحد لانتخاب برلمان جديد هو الأول منذ نحو عقد من الزمن. وكانت آخر انتخابات تشريعية قد جرت في عام 2009، إلا أن الظروف السياسية حالت دون إجراء انتخابات مذاك، فتم التمديد للمجلس النيابي ثلاث مرات متتالية إلى أن توافقت الطبقة السياسية على إنتاج قانون انتخابي جديد وإجراء هذه الانتخابات أمس الأحد. وقال الرئيس اللبناني ميشال عون بعد إدلائه بصوته في منطقة حارة حريك، جنوب بيروت، “اليوم يمارس فيه اللبنانيون أهم عملية سياسية ووطنية (…) ومجلس النواب هو المؤسسة الأم التي تتوزع منها كل السلطات”، داعيا اللبنانيين إلى الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع. ويقسم لبنان السلطة بين الجماعات الدينية وفقا للحصص التي تم تعديلها في اتفاق الطائف في نهاية الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990. ووفقا لهذا التقسيم فإن الرئيس هو دائما مسيحي ماروني ورئيس الوزراء مسلم سني ورئيس البرلمان مسلم شيعي. وفي البرلمان يتم تقسيم 128 مقعدا بالتساوي، إذ يذهب 64 مقعدا للمسيحيين ومثلها للمسلمين. حظوظ حزب الله رغم ما يكفله القانون الانتخابي الجديد في لبنان الذي يعتمد على صيغة اللوائح المغلقة وعلى النظام النسبي بدلا من النظام الأكثريّ للمرة الأولى من مشاركة أوسع لكل الطوائف والتيارات السياسية في الانتخابات البرلمانية التي أجريت الأحد بعد تأخر تسع سنوات، يستبعد مراقبون أن تحدث نتائج الاقتراع تغييرا جديدا بالمشهد البرلماني ولا في طبيعة التحالفات بين الفرقاء السياسيين، أمام توقعات من أن يكون حزب الله هو المستفيد مما سيخرج عن صناديق الاقتراع الأمر الذي يهدد بأن يضع البلد تحت الوصاية الإيرانية بالكامل، على الرغم من أن لوائح معارضة للحزب سجلت حضورا مقلقاً طوال الأسابيع الماضية أيا تكن نتائج الانتخابات التي بدأت بالظهور منذ الليلة الماضية، فإن كافة التحليلات تتوقع أن يكون حزب الله هو المستفيد مما سيخرج عن صناديق الاقتراع على الرغم من أن لوائح معارضة للحزب سجلت حضورا مقلقا طوال الأسابيع الماضية. وعلى الرغم من توقع بقاء سعد الحريري كأكبر شخصية سنية في البرلمان وأن يحافظ على منصبه، فإن العديد من التحليلات تتوقع أن تخسر كتلته البرلمانية عددا من المقاعد. وقد يخرج حزب الله المدجج بالسلاح والمدعوم من إيران من الانتخابات أقوى رغم أن هناك احتمالا ضعيفا بأن يحصل هو وحلفاؤه على أغلبية الثلثين المطلوبة للسيطرة على الدولة. وجرت الانتخابات وفق قانون انتخابات جديد يعتمد النسبية مع صوت تفضيلي يشبه النظام الأغلبي. وأدى تعقد القانون إلى ظهور تحالفات انتخابية تختلف عن اصطفافات عام 2009 حين جرت الانتخابات على أساس انقسام سياسي بين تحالفي 8 و14 آذار. فقد راحت غالبية القوى السياسية في انتخابات الأحد إلى نسج تحالفات خاصة بكل دائرة انتخابية بهدف تحقيق مكاسب أكبر. وفي معظم الأحيان، لا تجمع بين أعضاء اللائحة الواحدة برامج مشتركة أو رؤية سياسية واحدة، إنما مصالح آنية انتخابية. وهكذا يتحالف التيار الوطني الحر الذي ينتمي إليه الرئيس اللبناني ميشال عون، على سبيل المثال، مع حزب الله وحركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري، في منطقة بعبدا قرب بيروت (الأطراف الثلاثة من فريق 8 آذار)، فيما يخوض الانتخابات ضدهما متحالفاً مع تيار المستقبل في إحدى دوائر الجنوب. ويتنافس التيار وحزب الله في كل من جبيل (شمال بيروت) وبعلبك (شرق) التي تعد إحدى مناطق نفوذ الحزب. والثابتة الوحيدة في التحالفات الانتخابية هي اللوائح المشتركة بين حزب الله وحركة أمل، بما يكرس إلى حد بعيد احتكارهما للتمثيل الشيعي في البلاد. وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند السابعة صباحا أمام الناخبين البالغ عددهم وفق لوائح الشطب أكثر من 3.7 ملايين شخص. وانتشر مندوبو الأحزاب والمرشحين منذ الصباح الباكر أمام مراكز الاقتراع البالغ عددها 1880 موزعين على 15 دائرة انتخابية. وأحاطت بها إجراءات أمنية مشددة مع وضع الأجهزة الأمنية والعسكرية ما بين 20 و30 ألف عنصر في حالة جهوزية، وفق وزارة الداخلية اللبنانية. وتنافس 597 مرشحا بينهم 86 امرأة، منضوين في 77 لائحة، للوصول إلى البرلمان الموزع مناصفة بين المسيحيين والمسلمين في البلد الصغير ذي التركيبة الطائفية الهشة والموارد المحدودة. التحالفات القادمة يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت عماد سلامة إن “التحالفات البرلمانية بعد الانتخابات ستشبه التحالفات الانتخابية الحاصلة اليوم، بمعنى أنه ليس لها طابع أيديولوجي محدد بقدر ما هي قائمة على أساس المنفعة”. ويضيف “المنفعة ستشكّل التحالفات المختلفة بدلا عن فريقي 8 و14 آذار، لن يكون هناك تكتلات واضحة المعالم أو تحالفات طويلة أو ثابتة، بل (بلوكات متحركة) يتم اعتمادها بحسب كل موضوع”. عماد سلامة: التحالفات البرلمانية بعد الانتخابات ستشبه التحالفات الانتخابية الحاصلة اليوم عماد سلامة: التحالفات البرلمانية بعد الانتخابات ستشبه التحالفات الانتخابية الحاصلة اليوم وقد شهد اللبنانيون خلال الأسابيع الماضية حملة انتخابات مكثّفة بحيث امتلأت الشوارع بصور المرشحين كما تعددت المهرجانات الشعبية الانتخابية وتنافست وسائل الإعلام على استضافة المرشحين في ظاهرة اختلط بها الإعلام بالبزنس الانتخابي. وكان واضحا أن مالا سياسيا مكثفا قد استثمر لصالح اللوائح والمرشحين، لا سيما أولئك من رجال الأعمال والمتمولين الذين يدلون بدلوهم إمّا بالترشح مباشرة وإمّا بدعم تيارات ولوائح ومرشحين. وتتبادل معظم الحملات الانتخابية في البلاد الاتهامات بالفساد وإهدار المال العام ودفع الرشاوى واستخدام المرافق العامة لأغراض انتخابية وهو ما يعدّ خرقا للقانون. وفيما اعتبر المحللون أن الانتخابات ستغير من أحجام بعض الكتل البرلمانية دون أن تغير كثيراً من التوازنات الكبرى لا سيما تلك التي أنتجت الصفقة الرئاسية التي قادت ميشال عون لرئاسة الجمهورية، فإن آخرين يعتبرون أن الخروقات والمفاجآت تعتمد على نسبة المشاركة في عملية الانتخاب. ووصلت هذه النسبة إلى 54 بالمئة في عام 2009، فيما تعوّل أصوات الاعتراض كما أصوات المجتمع المدني على “تسونامي” انتخابي كي تتمكن من تسجيل الإنجازات المتوخاة. وتعبّر شرائح واسعة من اللبنانيين عن خيبة أمل من تكرار الوجوه ذاتها وخوض القوى التقليدية نفسها المعركة، علما أنها لم تنجح على مدى عقود في تقديم حلول للانقسامات السياسية والمشاكل الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها لبنان. لكن قانون الانتخاب الجديد أعطى فرصة للناشطين في المجتمع المدني أو الأحزاب الصغيرة للترشح، ما أثار حماسة عدد كبير من الناخبين، وإن كان خبراء ومحللون يتوقعون ألا يتخطى عدد المقاعد التي سيحصدها هؤلاء أصابع اليد الواحدة. غرافووفق الدستور اللبناني، فإنه بعد اعتماد النتائج النهائية، سيقوم الأعضاء الجدد بانتخاب رئيس جديد للبرلمان، حيث من المتوقع أن يبقى الزعيم الشيعي المتحالف مع حزب الله نبيه بري رئيسا لمجلس النواب. ثم يقوم النواب بزيارة الرئيس ميشال عون لتسمية مرشحهم لمنصب رئيس مجلس الوزراء وهو ما يسمى الاستشارات النيابية الملزمة حيث يقوم عون بموجبها بتكليف الشخصية التي تحظى بأكثرية أصوات النواب بتشكيل الحكومة. ومن ثم تبدأ مرحلة مفاوضات صعبة على المناصب الوزارية. ومن المتوقّع عودة سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة المقبلة على الرغم من أنه يتوقّع أن تتقلص الكتلة البرلمانية لتيار المستقبل الذي يتزعمه. وكان الحريري طالب بسرعة تشكيل حكومة جديدة للمضي قُدما في الإصلاحات لوضع المالية العامة على مسار تتوفر له مقومات الاستمرارية. ودون هذا الإصلاح قد لا يسلمه المانحون 11 مليار دولار من القروض الميسرة التي تعهدوا بها في أبريل الماضي للمساعدة في إنعاش الاقتصاد اللبناني. ومن المرجّح أن تنضم معظم الأحزاب التي تشارك في حكومة الحريري الآن إلى الحكومة الجديدة. لكن تلك التي ستفوز بالمزيد من المقاعد قد تطالب بحقائب وزارية أكثر أو بوزارات. وجدير بالذكر أنه قد يكون البرلمان الجديد المنتخب هو الذي يختار خليفة الرئيس ميشال عون. وستنتهي مدة كليهما في عام 2022، لكن موعد الانتخابات البرلمانية في ذلك العام لم يتمّ تحديده بعد.

مشاركة :