كشفت تقارير أمريكية النقاب عن سقوط ورقة النظام الإيراني في غضون عدة أشهر، مشيرة إلى أن تعيين جون بولتون رئيسًا للأمن القومي الأمريكي، ووضع مايك بومبيو على رأس الدبلوماسية الأمريكية، جاء خصيصًا لتنفيذ تلك الأجندة، لا سيَّما أن بولتون يتبنى الاستراتيجية ذاتها، وقال صراحة خلال كلمته أمام حضور اجتماع للمعارضة الإيرانية، نظمته جماعة "مجاهدي خلق" في يوليو 2017: "إن النظام الإيراني لن يحتفل بالذكرى الـ40 للثورة الإسلامية، المقررة في فبراير 2019؛ لأنه لن يظل في السلطة حتى هذا التاريخ". ويؤيد وزير الخارجية الأمريكي الجديد الاستراتيجية نفسها، وأعرب عن موقفه غير ذي مرة في عدد من المقالات، من بينها مقال نشره في يوليو 2016، مشيرًا إلى أنه ينبغي التعامل المستقبلي مع الملف الإيراني كما لو أن النظام الحالي في إيران غير موجود". وتؤكد تحليلات نشرتها صحيفة "واشنطن بوست"، أن الإدارة الأمريكية بلورت بالفعل استراتيجية جديدة للتعامل مع إيران، يؤكد فحواها أن دونالد ترامب لا يكترث بالملف النووي الإيراني قدر اهتمامه بالإطاحة بنظام روحاني في أقرب وقت ممكن. وتعود الرغبة الأمريكية في تبني الاستراتيجية الجديدة إلى عدة أسباب، أولها: الاعتراض من الأساس على الاتفاق النووي. ثانيًا: الاعتراف بأن إيران حصلت بعد إبرام الاتفاق على شرعية وأدوات، تمكنت من استغلالها في توسيع نطاق نفوذها في منطقة الشرق الأوسط. أما السبب الثالث فيرتبط بإيران نفسها؛ إذ تؤكد الدلائل أن ترامب حصل على انطباع بضعف واهتراء النظام في طهران؛ نتيجة لموجات الاحتجاجات العارمة، التي اندلعت منذ بداية 2018. وأشارت التقارير المحسوبة في مجملها على بحث أعدته جامعة "بوسطن كولدج" الأمريكية، إلى أن الخطوات التي اعتمدتها إدارة ترامب تكمن في فرض عقوبات مؤلمة، وممارسة ضغوطات على طهران، بالإضافة إلى تبني حملة دعائية على المستوى العالمي، ترسخ خداع النظام الإيراني للمجتمع الدولي، وإقناع الدول الأوروبية بالتجاوزات الإيرانية. وبينما تمارس الإدارة الأمريكية تلك السياسة؛ تمهيدًا لتفعيل أجندتها ضد نظام روحاني، قال مُعِدُّو البحث الأكاديمي إن فكرة الإطاحة بالأنظمة ليست جديدة على الولايات المتحدة، لا سيَّما أنها حاولت أكثر من 72 مرة زعزعة استقرار أنظمة في مختلف دول العالم خلال الحرب الباردة، مشيرة إلى أن تعيينات الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش عام 2001، جذبت صقورًا تتبنى تلك الاستراتيجية، وجاء في طليعتها نائب الرئيس ديك تشيني، ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، بالإضافة إلى مساعد وزير الخارجية في حينه جون بولتون. وفي أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2011، انطلقت الولايات المتحدة لتفعيل استراتيجيتها في أفغانستان والعراق، حتى أن بولتون ما زال مقتنعًا بـ"عدالة" غزو بلاده للعراق، بل إنه يعرب عن أسفه من عزوف واشنطن عن تبني تلك الاستراتيجية مع كوريا الشمالية وإيران، ولم يتردد في نشر دعواته الرامية إلى التعامل عسكريًا مع الدولتين، فضلًا عن إيمانه بضرورة إسقاط النظام الإيراني قبل أي خطوة أخرى. وفي نهاية أغسطس 2017، وصف بولتون نفسه بـ"مواطني أمريكي قلوق"، ونشر مقالًا حدد فيه آليات الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران، وتعتمد الإدارة الأمريكية الحالية مقال بولتون في التعامل مع طهران حتى قبل صدور قرار ترامب الرسمي بهذا الخصوص، وتضمن المقال الذي يدور الحديث عنه، بناء منظومة دعائية واسعة على المستوى الجماهيري وفي الكونغرس ضد الدولة الفارسية، وإجراء محادثات مع زعماء الدول الأوروبية؛ تمهيدًا لانسحابهم من الاتفاق، واتهام إيران بالكذب والتحايل على المجتمع الدولي، بالإضافة إلى تنظيم حملة دبلوماسية مناوئة لطهران قبل صدور القرار الأمريكي وبعده بخصوص برنامجها النووي.
مشاركة :