لا يتقن النظام الإيراني العمل في الضوء، تستهويه ألاعيب الظلام، والمؤامرات السرية، واستخدام الأذرع العميلة لنشر مشروعه التدميري، وأحد أساليبه في تصدير الإرهاب والجاسوسية إلى الدول الأخرى هو إضفاء غطاء ثقافي على مشروع يخفي في طياته غير ما يظهر، وهو أمر لا يخفيه زبانية النظام، حيث اعترف علي فلاحيان وزير المخابرات السابق في مقابلة أجريت معه حول أنشطة النظام الجاسوسية في داخل البلاد وخارجها أن وزارة المخابرات تعمل على جمع المعلومات سواء داخل أو خارج البلاد تحت غطاءات وظيفية مثل وظائف تجارية، ورجال الأعمال، أو وظائف صحفية. وقد أماط المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية اللثام عن هذه الأساليب كثيراً، بما في ذلك ما يتعلق بميليشيات النظام العميلة في اليمن؛ إذ قضى حسين الحوثي وشقيقه عبد الملك الحوثي ووالده بدر الدين الحوثي، في أوائل الثمانينات أكثر من عام في إيران في مدينة قم تحت التدريب الديني والسياسي والأمني والإرهابي، من ثم استمروا في الذهاب والإياب من وإلى إيران. وفي تقرير حصلت عليه المقاومة الإيرانية من مصادرها داخل إيران، فهناك جهاز تابع لنظام الملالي قام بتأسيسه لغرض التجسس والنشاطات الإرهابية والأصولية، ويصرف عليه من أموال وثروات الشعب الإيراني، وهو جامعة المصطفى العالمية، وهي جزء من الجهاز الدبلوماسي لنظام ولاية الفقيه، مهمتها تجنيد وتعليم الملالي ورجال الدين في الدول الأجنبية، والميزانية المخصصة لها كبيرة جداً، كما تم الإعلان عن قسم من الائتمانات المخصصة لها في أبريل 2018 في تقرير نظام الخزانة الإلكترونية من قبل وزارة الاقتصاد. وكشف تقرير صادر عن النظام عن ملاحظة لافتة، إذ تبين أن ميزانية جامعة المصطفى تعادل سبعة أضعاف ميزانية جامعة طهران التي تعتبر أكبر مؤسسة تعليمية في البلاد، وفي أبريل 2018 حصلت جامعه المصطفی العالمیة على دعم يعادل 8 مليارات و284 مليون تومان، فيما تلقت جامعة طهران حوالي 1 مليار و250 مليون تومان في نفس هذا الشهر. لكن ما أهداف جامعة المصطفى العالمية وما رسالتها لتتلقى هذا الدعم الهائل؟ بداية تم تشكيل جامعة المصطفى العالمية من دمج «المركز العالمي للعلوم الإسلامية» و»منظمة الحوزات والمدارس العلمية في الخارج»، والهدف المعلن للجامعة تدريب الملالي الأجانب في قم، وتضم الجامعة 170 وحدة تعليمية وتربوية وبحثية مرتبطة بها في داخل البلاد وخارجها باستمرار، بينها مراكز وفروع في أكثر من 60 دولة، بما في ذلك (جنوب أفريقيا، ألبانيا، ألمانيا، أفغانستان، إندونيسيا، إنجلترا، أوغندا، البرازيل، بلغاريا، بنغلاديش، بوركينا فاسو، البوسنة والهرسك، بنين، اليابان، وغانا، والفلبين، وقيرغيزستان، وكازاخستان، والكاميرون، وماليزيا، ومالي، وميانمار، والنرويج، والنيجر، ونيجيريا، والهند) وغيرها. علمت ودربت الجامعة أكثر من 50 ألف رجل دين، 25 ألف منهم تخرجوا وعادوا إلى بلدانهم، الخريجون هم من أكثر من 100 دولة، وأقام خريجو الجامعة شبكات في 40 دولة حول العالم، بحيث تجعلهم في ارتباط مستمر مع جامعة المصطفى العالمية في إيران بشكل كامل. هذه الرابطات تعمل على تفعيل التواصل والارتباط فيما بينها، كما يتم استدعاء خريجين مختارين من جامعة المصطفى إلى إيران سنوياً للحصول على أحدث خبراتهم في سبيل الدفع بأهداف جامعة المصطفى نحو الأمام. هناك عضو آخر مهم في مجلس الأمناء هذا وهو محمد علي تسخيري، من مواليد مدينة النجف، العراق. وهو حالياً عضو في مجلس الخبراء والمستشار الأعلى لخامنئي لشؤون العالم الإسلامي، ترأس تسخيري في وقت سابق المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية. من بين أعضاء مجلس أمناء جامعة المصطفى هناك محمّد محمدي عراقي، ولد في مدينة النجف في العراق، هو حالياً الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية. كانت آخر مهام محسن عراقي السفر إلى سورية، ووصل إلى دمشق بحلول يوم الثلاثاء 10 أبريل 2018، وعند وصوله إلى سورية تم الترحيب به من قبل وزير الأوقاف السوري والملا طباطبايي ممثل خامنئي، قبل ثلاثة أيام فقط من هذه الرحلة، هز هجوم الأسد الكيميائي على مدينة دوما في الغوطة الشرقية أركان العالم. الهدف المعلن من الزيارة كان افتتاح المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في دمشق، الأمر الذي يظهر بوضوح أن جامعة المصطفى ومجمع التقريب يعملان كذراع واحدة ولاسيما في ظل حضور تسخيري واعرافي عضو مجلس الأمناء ورئيس جامعة المصطفى أيضاً إلى سورية في ذات الوقت. وفي واقعة أخرى تكشف الدور الحقيقي لجامعة المصطفى يمكن التذكير بلقاء اعرافي كرئيس لجامعة المصطفى العالمية مع الشيخ زكزاكي أحد أتباع نظام ولاية الفقيه في نيجيريا في يناير 2015، وقال اعرافي مخاطباً زكزاكي: إن الحركة العالمية لجامعة المصطفى العالمية رغم جميع المشكلات والأعداء مستمرة في النجاح بكل صلابة، وتمثيل المصطفی في نيجيريا يعتبر أيضاً أحد أكثر التمثيلات امتيازاً، وأتمنى أن يستطيع هذا التمثيل كما كان في الماضي أن يحقق أفضل استفادة واستثمار من خلال حضوركم. كما أعرب الشيخ زكزاكي عن امتنانه وتقديره لدعم الجمهورية الإيرانية وجامعة المصطفى للشيعة في نيجيريا. لكل ذلك يتضح للمراقب أن جامعة المصطفى العالمية هي إحدى أدوات السياسة الخارجية لنظام ولاية الفقيه، وتعمل هذه المؤسسة، التي تحمل اسم ومظهر الجامعة، على توظيف وتدريب قوى نظام ولاية الفقيه في مختلف دول العالم، بالإضافة إلى الترويج لمصالح النظام، وتقوم هذه القوى بمهامها الحقيقية في تطوير المخططات الإرهابية، وإثارة الحروب الإقليمية، وزرع الفوضى في الدولة التي تنشط فيها.
مشاركة :