دعا الدكتور خالد وليد الغزاوي، الرئيس التنفيذي لبنك الإبداع للتمويل متناهي الصغر- البحرين، إلى ضرورة حدوث "تكامل أكبر في مجال صناعة التمويل الأصغر في الوطن العربي"، بما يسهم في تعزيز تطور هذه الصناعة التي توفر التمويل والتدريب لعشرات آلاف المشاريع متناهية الصغر والناشئة بالمنطقة، خاصة في دول مثل مصر والسودان وموريتانيا والأردن. وخلال مشاركته في إحدى جلسات "مؤتمر الاستثمار في الشرق الأوسط" الذي نظمته الجمعية المصرية لخبراء الاستثمار CFA بالقاهرة مؤخرا، أكد الدكتور الغزاوي إيلاء اهتمام أكبر من قبل الحكومات وصناع القرار بالمشاريع متناهية الصغر، والتي توفر فرص عمل لأصحابها، وتسهم إلى حد كبير في تحقيق الاكتفاء الذاتي للفقراء محدودي الدخل، وقال "دون أن نقلل من أهمية جذب الاستثمارات الخارجية الكبيرة، يجب أن نتنبه أيضا إلى تحفيز وتشجيع ما يمكن تسميتهم بصغار المستثمرين المحليين من خلال توفير التمويل الميسر وفرص التأهيل والتدريب". واستعرض الدكتور الغزاوي خلال المشاركة جوانب من "تجربة مملكة البحرين المتقدمة في مجال دعم المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وخلق بيئة مواتية للابتكار وريادة الأعمال من خلال مؤسسات مثل مجلس التنمية الاقتصادية وتمكين وبنك البحرين للتنمية والمجلس الأعلى للمرأة وغيرها". وقال "تشكل المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة أكثر من 80% من عدد المؤسسات الخاصة في معظم دول المنطقة، لكنها لا تسهم بأكثر من 40% من الناتج المحلي، لذلك نحن في تحد دائم حول كيفية تمويل وتطوير تلك المؤسسات وزيادة فعالياتها وقدراتها التنافسية". د. الغزاوي الذي عمل لأكثر من عشرين عاما في مجال التمويل الأصغر حول العالم خاصة في الدول النامية، أشار إلى أهمية التمييز بين التمويل الأصغر المستدام الذي تقدمه مؤسسات مالية تعمل وفقا لمعايير إدارية واضحة، وبين المنح الخيرية التي تقدمها مؤسسات العمل الخيري، وقال إن الخلط بين المفهومين لا زال يؤثر سلبا على جهود التنمية. وأوضح أنه رغم تشابه الهدف النهائي المتمثل في دعم الفقراء والشرائح الأكثر ضعفا، إلا أن ضمان الاستدامة هو أهم ما يميز بين النوعين من التمويل، وقال "رغم أن رأس مال مؤسسة التمويل الأصغر يأتي أساسا من متبرعين إلا أن عملنا يقتضي إقراض رياديو الاعمال من محدودي الدخل والفقراء وضمان نجاح مشاريعهم واسترجاع القرض لمنحه لريادين آخرين، وهذا طبعا يختلف عن المنح أو الزكاة أو العطاء الخيري". على صعيد ذي صلة، أكد الدكتور الغزاوي أهمية مبادرة مؤسسات التمويل الأصغر العربية لتطوير أدواتها، وضمان استدامة عملها، وتنمية رأس مالها، ومواكبة أساليب العمل المصرفي المتطورة في التشريعات وإدارة المخاطر، وتقنيات البلوك تشين والفنتك وغيرها، إضافة إلى الابتكار في تقديم قروض تناسب احتياجات أصحاب المشاريع بالضبط، والدخول معهم كشركاء في النجاح عبر تقديم الاستشارة والدعم اللازمين وبما يتناسب مع طبيعية الأعمال في كل بلد عربي. واعتبر أن قياس نجاح مؤسسة التمويل الأصغر يجب ألا يكون في عدد القروض أو المستفيدين فقط، وإنما في العائد من تلك القروض، وقياس عدد المشاريع التي استطاعت بالفعل التحول إلى مؤسسات صغيرة ومتوسطة قادرة على النهوض بنفسها دون دعم خارجي، وبما يسهم في التوسع في تقديم الخدمات المالية للمشروعات متناهية الصغر وللفئات المستهدفة من العملاء للتقليل من الفجوة التمويلية بهذا القطاع، وتشجيع وتنظيم التأسيس والترخيص لشركات التمويل متناهي الصغر وإتاحة موارد التمويل لها.
مشاركة :