بلفاست... مدينة تتأرجح بين تاريخ مضطرب وحاضر غني

  • 5/9/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كانت مدينة بلفاست، عاصمة آيرلندا الشمالية، منذ عشرين عاماً مرتبطة في الأذهان بأحد أكثر الصراعات الأهلية دموية في تاريخ أوروبا الحديث، حيث تم اقتسام المنطقة بين القوميين، الذين كانوا يرغبون في إقامة دولة آيرلندا الموحدة، والموالين الذين كانوا يرغبون في البقاء كجزء من المملكة المتحدة. ترك هذا الصراع بصمته على المدينة، لكن بعد إبرام اتفاق السلام، الذي يُعرف باسم اتفاق بلفاست أو اتفاق الجمعة العظيمة، شهدت المدينة تحولا كبيراً، وارتدت ثوباً جديداً لتدخل حقبة تكتشف خلالها كنوزا كانت مخبأة ومختفية نتيجة «الاضطرابات» كما يشار إلى الصراع. تشتهر بلفاست بريادتها في مجال بناء السفن لأكثر من قرن. وما لا تعلمه على الأرجح أنها المدينة التي تم فيها بناء السفينة الأسطورية «تيتانيك»؛ ويوجد حتى اليوم عشرات الأماكن التي تحتفي بتلك السفينة، التي اصطدمت في عام 1912 بجبل جليدي وغرقت خلال رحلتها الأولى في المحيط الأطلسي. ويوجد في منطقة تُعرف باسم حي «تيتانيك» بالمدينة نصب تذكاري لأرواح ضحايا تلك المأساة. غني عن القول أن هناك متحفا خاصا بالسفينة تشعر عند دخولك له بضخامته وبأنك أحد المسافرين على متنها، وبالتالي ستعيش تجربة فريدة تعيد إلى الحياة تاريخ ما كانت يوماً ما أكبر سفينة ركاب تم بناؤها، ورحلتها الأولى والأخيرة التي يلفّها السحر. يبلغ سعر تذكرة الدخول 25 دولارا. هناك تذكارات ونماذج مصغرة من كل شيء تقريباً، ويمكن للزائر إدراك الفرق بين مقصورات الدرجة الأولى الفخمة الأصلية، والدرجة الثانية، والدرجة الاقتصادية في السفينة؛ بل هناك أيضا نموذج لقائمة طعام ركاب الدرجة الأولى والتي يعود تاريخها إلى أبريل (نيسان) 1912. يتضمن المتحف كافة التفاصيل المتعلقة بالسفينة، ففي إحدى الغرف يشعر الزائر بحركة البحر، فسواء كنت واقفاً أو جالساً، تتحرك الأرض من تحتك. كذلك سوف تجد هنا نسخا من آخر الرسائل المتبادلة بين طاقم السفينة والأشخاص المسؤولين عن سلامة الرحلة. بعد قراءتها تُدرك مدى تعاسة لحظات الغرق الأخيرة. في نهاية الجولة سوف تجد ملصقات لنسخ مختلفة من هذه المأساة الحقيقية، أهمها تلك التي تم تخليدها في الفيلم الذي قام ببطولته كل من ليوناردو دي كابريو وكيت وينسلت، وبالطبع في الخلفية أغنية «قلبي سيواصل النبض» للمطربة سيلين ديون. الملاحظ أن لا أحد يُفوت على نفسه التقاط صورة ذاتية على خلفية المتحف الذي تم بناؤه على شكل ركن من أركان السفينة، ليلمع في الليل بفضل ألوانه الفضية والذهبية. ويعد المبنى ذاته رمزاً لعملية تجديد على نطاق واسع للمدينة. ديكور لعبة العروش لعشاق السلسلة التلفزيونية الشهيرة «لعبة العروش» فإن الاستوديوهات التي تم تصويرها فيها توجد في آيرلندا الشمالية. الزائر إليها سيكتشف كم المؤثرات الخاصة والمُطورة هنا، وكان لها فضل كبير في انتشار وشهرة المسلسل. وقد وصف أحد المشتركين جولة يتم تنظيمها تحت اسم «لعبة العروش» بأنها سريالية. كذلك يمكن للسياح القيام برحلات سياحية للتعرف على الكثير من المواقع التي ظهرت في المسلسل وتجسد الريف الآيرلندي. إلى جانب مواقع التصوير، توجد في استوديوهات «تيتانيك فيلم» أجزاء شهيرة من الديكورات المستخدمة في المسلسل مثل العرش الحديدي. صورة على جدران السلام من هنا ستأخذك الرحلة إلى جدار هائل يفصل هذا الجزء من المدينة عن بلفاست الشرقية، في مشهد صادم يمثل جدرانا لا تزال شاهدة على الصراع الذي كان بين الكاثوليك والبروتستانت بعد مرور عشرين عاماً على الاتفاق الذي أرسى السلام في آيرلندا الشمالية. الآن أصبحت واحدة من أهم وأشهر الوجهات التي يقصدها السياح، إلى حد أن بعض أنصار «الاضطرابات» يُنظمون جولات يومية، يطلق عليها الـ«جولة السياسة». لكن لا بد من الإشارة إلى أن الكثير من السائحين يفضلون الاستعانة بسائق سيارة أجرة ليشرح لهم كيف كان الحال أثناء الصراع. الجولة السياسية هي عبارة عن السير لمدة ثلاث ساعات في أحياء القوميين ومؤيدي الوحدة. تنقسم الجولة إلى قسمين لكل منهما مرشد خاص؛ حيث يصطحب جندي سابق في الجيش الجمهوري الآيرلندي الزائرين في مناطق القوميين، وعندما تصل إلى مناطق الموالين، يتولى مرشد آخر المهمة. يمكن رؤية آثار الصراع على جانبي الجدار، وعادة ما تتجلى في جداريات ملونة لشعارات ورسائل سياسية. تبلغ قيمة الاشتراك في الجولة 25 دولارا. المطاعم المأكولات البحرية هي الأطباق المفضلة في المدينة نظرا لموقعها المطل على الميناء. فمن المسلّم به أن تجد مأكولات بحرية طازجة لذيذة في المطاعم الكثيرة المنتشرة هنا، مثل السلمون الذي يقدم بطرق مختلفة ويستمد الكثير من نكهته من كونه طازجا وطريا. من المطاعم الشهيرة مطعم «جيمس ستريت ساوث» نظرا لموقعه المناسب للغاية إذا كنت تتجول وسط البلد، علما بأن الطاهي ديفيد غيلمور هو من يتولى إدارة المطعم. يقع المطعم في 21 شارع جيمس إس، بي تي 2، 7 جي إيه. توجد في بلفاست أيضاً مطاعم حاصلة على نجمتي ميشلان تقدم أصنافاً من الطعام تجمع بين النكهات المحلية والعالمية مثل مطعم «أوكس» في 1 شارع أكسفورد، بي تي 1، 3 إل إيه، و«إيبيك» في 28 - 40، بي تي 1، 6 بي إف. 34 فندقا يوجد في بلفاست حالياً أربعة وثلاثون فندقاً، يحمل بعضها أسماء عالمية شهيرة مثل «راديسون» و«كراون» وغيرها. كلها تقدم خدمات وتجارب مميزة، بدءا من فندق «ستورمونت»، الذي يقع في منطقة مثيرة للاهتمام في المدينة، حيث تبعد خمس دقائق سيراً على الأقدام عن مبنى «برلمان ستورمونت»، مقرّ برلمان آيرلندا الشمالية. إلى جانب كونه مكاناً تاريخياً، تحيط به المساحات الخضراء، تعتبر مقصداً لمحبي السير في المساء وعطلات نهاية الأسبوع، يقدم الفندق إطلالات رائعة من الغرف على المتنزه الذي يجعلك تشعر بالاسترخاء والسلام. المطعم الرئيسي به هو «لا سكالا بريتو»، وهو متخصص في تقديم أصناف الطعام الأوروبية. عنوان الفندق هو 587 آبر نيوتاونردز، بلفاست، بي تي 4، 3 إل بي. كذلك يشغل فندق «راديسون بلو هوتيل» موقعاً متميزاً، حيث يوجد في قلب المدينة، وعنوانه 3 كروميس بليس، أورميا رود، بي تي 7، 2 جيه بي. إذا كنت ترغب في الإقامة بالقرب من متحف تيتانيك، يمكنك الحجز في فندق «تيتانيك بلفاست» الذي يقع على بعد ثلاث دقائق سيراً على الأقدام. يجمع الفندق بين الطابع العصري الحديث والكلاسيكي؛ وكما يشير اسمه، تم بناؤه تخليداً لذكرى السفينة الغارقة، ويضم صوراً بالأبيض والأسود للرحلة الشهيرة. في وسط الفندق توجد شرفة يتوسطها مطعم.

مشاركة :