هوى الريال الإيراني إلى مستوى قياسي منخفض جديد مقابل الدولار في السوق الحرة اليوم الأربعاء، بعد أن قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق المتعلق بالبرنامج النووي لطهران مما يغذي المخاوف من أزمة اقتصادية في إيران.وبحسب" رويترز"، عُرض الدولار بسعر يصل إلى 75 ألف ريال مقارنة مع حوالي 65 ألف ريال قبيل إعلان ترامب قراره وفقا لموقف "بونباست.كوم" الذي يرصد أسعار السوق الحرة.وعرض المتعاملون في طهران مستويات مماثلة وفقا لاقتصادي إيراني مقيم خارج البلاد لكنه على اتصال بهم، وقال متعامل إن الريال سجل 78 ألفا للدولار في حين ذكر آخر أنه أبرم عمليتي بيع للدولار بسعر 80 ألف ريال.وتتراجع العملة منذ شهور بسبب الأداء الاقتصادي الضعيف والصعوبات المالية في البنوك المحلية والطلب الكثيف على الدولار بين الإيرانيين المتخوفين من أن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي وتجدد العقوبات الأمريكية على طهران قد يقلص صادرات البلاد من النفط وغيره.وانخفض الريال من حوالي 57 ألفا و500 في نهاية الشهر الماضي ومن 42 ألفا و890 في نهاية العام الماضي، الأمر الذي قد يؤجج التضخم ويضر بمستويات المعيشة ويحد من قدرة الإيرانيين على السفر إلى الخارج.وفي مسعى لوقف التراجع، أعلنت السلطات الإيرانية الشهر الماضي أنها ستوحد سعر الصرف الرسمي وسعر السوق الحرة عند مستوى 42 ألفا مع حظر أي تداولات بأسعار أخرى عن طريق وضع المتعاملين بها تحت طائلة الاحتجاز.لكن الخطوة لم تقض على السوق الحرة لأن المبالغ الضئيلة من العملة الصعبة التي توفرها السلطات عبر القنوات الرسمية لا تضاهي الطلب. وقال المتعاملون إن معاملات السوق الحرة أصبحت ببساطة تجرى في الخفاء.وأشار مقيمون في طهران إلى أن النشاط في السوق الحرة تراجع قليلا بسبب تخوف الناس من إلقاء القبض عليهم والتقلبات الجامحة في أسعار الصرف مما يزيد المخاطر على المتعاملين.لكن المتعامل الذي تحدث عن البيع بسعر 80 ألف ريال أوضح أن إحدى معاملاته كانت مع شخص باع شقته قبل أسبوع لكنه قرر شراء الدولار بدلا من شقة أخرى في إيران.إلى ذلك، بدأ بعض الإيرانيين سحب مدخراتهم حتى من قبل إعلان ترمب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي العالمي الموقع مع إيران، وهو ما فرض ضغوطا على النظام المصرفي الذي يعاني بالفعل من القروض المتعثرة وسنوات العزلة.وقال مسؤول في بنك ملي، أكبر بنك إيراني مملوك للدولة، إن المدخرات انخفضت بمقدار لم يحدده، لكنه أضاف أن هذه ظاهرة مؤقتة وإنها ستنتعش مجددا فور انقشاع الضبابية المرتبطة بقرار ترمب.وذكر المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه قبل إعلان ترمب "عندما تكون هناك ضبابية سياسية فإن تأثيرها النفسي على الناس يسبب انخفاضا في المدخرات. لكن هذا سينتهي بعد الموعد النهائي الذي حدده ترمب".وقال ترمب الثلاثاء إنه سينسحب من الاتفاق وسيفرض "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية"، وأشار مسؤول كبير في البنك المركزي الإيراني إلى أن الأوضاع داخل النظام المصرفي تدهورت في السنة الأخيرة "ولم نتجاوز مرحلة الخطر بعد"، لكنه أضاف أن البنك المركزي لديه "كل الإجراءات جاهزة لمنع حدوث أي أزمة".ويعكس غياب الثقة ويسهم في المشكلات الأوسع نطاقا التي تهدد الرئيس الإيراني حسن روحاني في المؤسسة الدينية حيث شحت الاستثمارات مع فرض البنوك حد أقصى للإقراض بينما يتباطأ النمو ويبلغ معدل البطالة مستوى قياسيا مرتفعا، مما يعرض روحاني لانتقادات متزايدة من المتشددين.وذكر مينا عبد الصالحي وهو معلم متقاعد في طهران: "أنا قلق من نشوب حرب. لقد حولت جميع مدخراتي إلى عملات ذهبية يمكنني تسييلها بسهولة إذا حدث أي شيء".وفقد الريال الإيراني ما يقرب من نصف قيمته خلال ستة شهور حتى نيسان (أبريل) ترقبا لتبني الولايات المتحدة موقفا أكثر صرامة، مما اضطر طهران لفرض حظر على تداول العملات الأجنبية محليا وفرض سقف لحيازات العملة الأجنبية عند 12 ألف دولار.لكن موقعا إلكترونيا متخصصا في النقد الأجنبي أوضح اليوم الأربعاء، أن هذا لم يمنع الإيرانيين من محاولة شراء العملة الصعبة مما أدى لمزيد من الانخفاض في سعر الريال.وقال مسؤول مصرفي إيراني إن الإيرانيين يسحبون أموالهم، مضيفا أنه نظرا لخشية الحرب وفرض المزيد من العقوبات سحب الكثير من الإيرانيين نقودهم من البنوك.ونقلت وكالة الطلبة للأنباء شبه الرسمية، عن محمد رضا بور إبراهيمي رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان قوله في آذار (مارس) إن تدفقات رؤوس الأموال النازحة للخارج بلغت 30 مليار دولار في الشهور الماضية، وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن احتياطيات إيران بلغت نحو 112 مليار دولار في 2017-2018.وراهن الرئيس الإيراني على جذب استثمارات أجنبية للمساعدة في رفع مستويات المعيشة، لكن تم بالفعل تأجيل مجموعة من الصفقات تشمل شراء طائرات.وواجه روحاني صعوبة في إصلاح النظام المصرفي حيث يعاني 30 بنكا ومؤسسات ائتمانية أخرى من التفكك أكثر من غيرها في الأسواق الناشئة الأخرى إضافة إلى أنها مثقلة بالديون المتعثرة.وقدرت مصادر مالية القروض القائمة بنحو 283 مليار دولار بينما بلغت نسبة الديون المتعثرة 12.5 في المائة في عام 2017 وفقا لتقديرات معهد التمويل الدولي ومقره الولايات المتحدة.وأشارت أحدث البيانات الرسمية إلى أن النسبة بلغت 11.7 في المائة في 2016، تعادل أكثر من 30 مليار دولار، وتقول بعض المصادر إن نسبة القروض المتعثرة قد تكون أعلى من ذلك لتقارب 15 في المائة.ويرى صاحب مصنع نسيج في مدينة مشهد أن الحكومة تريد تحسين الاقتصاد لكنها لا تستطيع دعم الأعمال، ويضيف "كيف يمكنني إدارة عملي عندما يرتفع سعر صرف الدولار ولا أستطيع الحصول على قروض من البنوك بسبب ارتفاع أسعار الفائدة؟"وأشار دون عدم ذكر اسمه إلى أنه اضطر لتسريح نحو نصف عدد موظفيه البالغ 65 موظفا سعيا للحفاظ على استمرار عمله، وتابع "لا أعلم إلى متى يمكنني إبقاء المصنع مفتوحا".Image: category: عالميةAuthor: "الاقتصادية" من الرياضpublication date: الخميس, مايو 10, 2018 - 21:56
مشاركة :