القدس – أحمد عبدالفتاح| بعد ليلة ساخنة، تزامنت مع اعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الايراني، وضعت فيها الصواريخ الاسرائيلية على اهبة الاستعداد، ورفع الجيش درجة الاستنفار الى الحد الاقصى، وفتحت الملاجئ شمال اسرائيل وهضبة الجولان السوري المحتل، أعلنت إسرائيل امس عودة الحياة إلى طبيعتها في هضبة الجولان، بعد أن استنفرت قواتها إثر رصد تحركات عسكرية إيرانية. وفي بيان للجيش الإسرائيلي، أكد أنه «في ختام تقدير الموقف في القيادة الشمالية العسكرية، تقرر العودة إلى الوضع الاعتيادي في البلدات في هضبة الجولان خاصة فيما يتعلق بالدوام الدراسي وأعمال المزارعين»، وأن «الرحلات والجولات ستسير كالمعتاد بتنسيق مع الجيش»، لكن سيتم إغلاق عدة مواقع سياحية بشكل محدد. ولم يشمل بيان الجيش الإسرائيلي أي تغيير على خطته استكمال نشر المنظومات الدفاعية، كما قامت قوات ومركبات إسرائيلية بدوريات على الحدود مع لبنان. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قال امس إن هجوما إسرائيليا على منشآت عسكرية إيرانية جنوبي دمشق، طالت مستودع أسلحة تابعًا لمقاتلين من الحرس الثوري الإيراني، أسفر عن مقتل 15 شخصا على الأقل بينهم ثمانية إيرانيين. من جهته، ذكر مصدر طبي في درعا ان شخصين من منطقة الشيخ مسكين هما سوري وزوجته لقيا مصرعهما اثر الانفجار الناجم عن التصدي لصواريخ اسرائيلية قرب منطقة الكسوة على طريق دمشق درعا. واتهمت دمشق اسرائيل بقصف احد المواقع العسكرية في (الكسوة)، وقال النظام السوري عبر وكالة سانا الرسمية إن دفاعاته الجوية تصدت لصاروخين إسرائيليين ودمرتهما. وجاء الهجوم الإسرائيلي على الكسوة بعد أن أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي. وقال مسؤولون اسرائيليون إن رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال جادي أيزنكوت، ألغى مشاركة مزمعة في مؤتمر أمني دولي، واجتمع مع وزير الدفاع، أفيغدرو ليبرمان، وقادة آخرين للأمن الوطني، بعد القرار الأميركي. فيما قالت تقارير اعلامية من القدس أن الضربة الإسرائيلية اول من امس هي ضربة استباقية تحاول من خلالها تل أبيب منع هجوم صاروخي عليها. وفي سياق متصل، قال وزير المخابرات الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إن حكومته تعمل على إجبار إيران على الانسحاب من سوريا. وذكر في مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرونوت، بعد ساعات من الهجوم على الكسوة: «الإيرانيون لا يفهمون غير هذه اللغة». وأضاف ان إسرائيل لا تريد احتلال سوريا، لكنه يريد أن تتخذ إيران قرارا استراتيجيا بالانسحاب منها. وقال كاتس ان إيران تهدد بشكل علني أنها ستهاجم إسرائيل، ونحن نتعامل مع ذلك بجدية تامة وبطرق استخبارية لتحديد التهديدات والقضاء عليها مسبقا، مشيرا إلى ان استراتيجية حكومته تهدف إلى «منع اندلاع حرب»، مؤكدا وجود «تعاون مع الولايات المتحدة من ناحية التأهب العسكري والقدرة الاستخبارية في تحديد تحركات عسكرية وإحباطها بشكل استباقي». خيارات إيران إلى ذلك، تباينت التحليلات حول طبيعة الرد الإيراني على الهجمات الاسرائيلية، وقال يؤاف ليمور في تحليل بصحيفة «اسرائيل اليوم»، ان انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وانتهاء الانتخابات البرلمانية في لبنان فتح الباب على مصراعيه للمواجهة، وقد تلجأ إيران للميليشيا التابعة لها في سوريا للقيام بهذا الرد، وذلك لتجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل. وأضاف ليمور إن الغارة على الكسوة قد تكون «ضربة وقائية لإحباط المخططات الإيرانية، لكن الوضع على طرفي المواجهة هو مثل اللعب بالنار». في المقابل، يرى يهودا بلونغا المختص في دراسات الشرق الأوسط أنه «لن تقع مواجهة شاملة في المنطقة، لعدة أسباب، من أبرزها أن روسيا غير معنية بإيران أصلا، كما أن حزب الله وإيران نفسيهما ليسا معنيين بالمواجهة مع إسرائيل، فبعد الإنجاز الذي حققه حزب الله في الانتخابات اللبنانية سيعمل على تعزيز مكاسبه السياسية في بلده، وقد يخسر هذه المكاسب إذا أدخل لبنان في خضم مواجهة عسكرية بالنيابة عن إيران. ويقدر بلونغا أن تلجأ إيران إلى رد محسوب جدا، شبيه برد حزب الله بعد اغتيال القيادي جهاد مغنية في يناير 2015، حيث استهدف جنودا إسرائيليين على الحدود اللبنانية فقتل جنديان في الهجوم، واكتفى الحزب بذلك الرد. من ناحيته، يرى رونين بيرغمان في تحليل بصحيفة يديعوت أحرونوت أن إيران على المدى القصير ستجد نفسها في وضع صعب دوليًا، في ظل القرار الأميركي، وستضطر للعمل بطرق دبلوماسية دفاعية، وهذا سيمنعها من إشعال حرب في الشرق الأوسط. أما على المدى البعيد، فيرى بيرغمان، أن إيران ستخرج مستفيدة من الواقع الجديد الذي لن يكون لمصلحة إسرائيل.
مشاركة :