جمال القليوبي يكتب: اتفاق خط الغاز المصرى القبرصي رؤية اقتصادية بين مصر وأوروبا

  • 5/10/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

فى رد فعل غير مسبوقة للمفاوض الأوروبي للطاقة والبيئة ميجيل ارياس إلى مصر والتى استمرت أكثر من ثلاثة أيّام لمصر ومقابلات ومناقشات من خلال زيارة مكوكية شملت حقل ظهر ومشروعات الكهرباء المتجددة كانت لها كثير من الدلالات عما يفكر فيه الاتحاد الأوربي بالمنظور المصرية الذي أصبح حقيقة ظهرت فجأة على السطح وغيرت موازين التأثيرات الاقتصادية المباشرة على الاتحاد الأوروبي وبخاصة دول الصناعية التسعة الصناعية والتى لديها هواجس كثيرة ودراسات استمرت أكثر من ٧ سنوات تبحث عن تأمين إمداداتها من الغاز الطبيعي كأكبر مستورد ومستهلك للغاز الطبيعي بنوعية حالة غازية.أيضا حالته السائلة حيث يمثل حجم استهلاك أوروبا حوالى ٥١٥ مليون متر مكعب من الغاز على مستوي العالم والذي يبلغ إنتاجها السنوي حوالى ١٣٥٠ مليون متر مكعب من الغاز أي حوالي ٣٨٪؜ من استهلاك العالم كله وتحصل أوروبا على الغاز من أكثر من ٦ مصادر مختلفة حيث يساهم خط الغاز الروسي السيل الجنوبي من البحر الأسود عبر جنوب تركيا إلى أوروبا بنسبة تصل إلى ٣٥٪؜ بينما تغطى خطوط الربط فى كل من النرويج وهولندا وبريطانيا حوالى ٣٠٪؜ بينما تستورد الأبقى فى صفقات غاز مسال من كلا أستراليا بنسبة ١٩٪؜ ومن إيران بنسبة ٤٪؜ ومن الجزائر بنسبة ٧٪؜ ومن قطر بنسبة ٤٪؜ . وتستمر الزيادة السنوية المطردة من استهلاك أوروبا بمعدل يصل إلى ١١٪؜ مما تستهلكه ويبقى السؤال من أين يمكن تأمين الزيادة السنوية بعد كثير من الاتفاقيات ووعود من الولايات المتحدة بان تكون البديل لكل أوروبا مما تحتاجه مستقبلا بعض النظر عن التكلفة الباهظة للمليون وحدة حرارية من الغاز المسال والتى تصل إلى أكثر من ٢٣ دولارا بينما تحصل عليها من قطر والجزائر وإيران أقل من ١٦ دولارا بالإضافة إلى أن هذه الاتفاقيات مع الولايات المتحدة كانت تهدف إلى حالة أن تكون البديل عند توقيع العقوبات على خط الغاز الروسي إلى أوروبا أو تعالج التناقص التدريجي فى حقول النرويج وهولندا وايضا بريطانيا والتى بدأت تضعف منذ بضع سنوات. ووسط كل هذه التكهنات والمخاطر التى تحيط بالاقتصاديات الأوروبية تجد أوروبا نفسها ليست أمام خيارات غير البحث عن مناطق قريبة من شواطئ البحر المتوسط اما من خلال استثمارات شركات النفط والغاز واستخدام الشبكة الإيطالية من البحر الأدرياتيكي لشركة سنام الإيطالية والتى تستطيع أن تكون الأسهل فى حالة استكشافات جديدة أما ليبيا او تونس او المغرب او استخدام الدعم لكثير من الدراسات لربط حقول الغاز للشركة البريطانية أو شركة نوبل أينرجى الأمريكية أما الشواطئ القبرصية والإسرائيلية والتى توقفت عندها كل الدراسات بسبب طول الخط من اشدود إلى قبرص ثم إلى البحر الأدرياتيكي وربطها بخطوط سنام الإيطالية والتى يصل طول هذا الخط إلى أكثر من ٢٦٥٠ كم ويحتاج إلى أكثر من ٨ سنوات وتكلفت تصل إلى ١٠ مليار يورو. ولكن ما حدث فى مصر غير كل الحسابات والمعادلات لدي أوروبا وقبرص واليونان وإسرائيل وتركيا وأيضا أمريكا حيث كان التحدي العملاق الذي تبنته القيادة السياسية وكوادر قطاع البترول المصرى وتشجيع الجانب الإيطالي لإخراج المشروع العملاق لحفر سبعة آبار لحقل ظهر وإعداد تجهيز الآبار وخط الربط بالرصيف البحري بطول ٢٠٣ كم واستقبال الغاز فى الشبكة الارضيّة فى اقل من سنتين ونص جعل المردود العالمي مختلف وتغيرت الأنظار الى الشاطيء المصرى وتقييم قدرات مصر من الغاز بعد ان تحولت من مستورد للغاز الى دولة لديها اكتفاء وقدرات إضافية لتصدير الغاز اما من خلال شبكتها الارضيّة من خلال خط الغاز العربي ١ او٢ وكانت زيارة مفوضية الطاقة الأوروبي هو تصريح واضح لإعطاء الدعم الكامل للحكومة المصرية لكى تكون البنية التحتية هى الوعاء السحري لاستثمارات الشركات الأوروبية والأمريكية التى توقفت أرباحها بعد أن بلغت تكلفة الحقول التى اكتشفتها أمام الشواطئ الإسرائيلية والقبرصية وايضا اللبنانية اكثر من ١٧ مليار دولار ولم يجد الغاز المكتشف سبيل إلى الأسواق أو أماكن استهلاك غير حقل وحيد وهو حقل تمار الذي تستفيد منه إسرائيل كبديل للغاز المصرى الذي توقف ٢٠١٢ . ولذا وجدت أوروبا أن اقتصادها يحتاج إلى سوق للغاز قريب إلى شواطئها فى المتوسط لكى يضمن لها تجميع الغاز  أو استقبال الغاز لحوض شمال شرق المتوسط فى السوق المصرى واستخدام مزايا تصنيعه أما بتروكيماويات او غاز مسال وتوفير الوقت والمال لبناء خط يمر بتلك الدول .... وهذا كان واضحا فى المنظور البعيد الذي تولته القيادة السياسية المصرية من لحظة دعوة مصر لقبرص واليونان فى أواخر ٢٠١٤ ليكون آليات صناع القرار المصري من سعت إليه دول حوض المتوسط وأوروبا ويكون توقيع خط الغاز القبرصي المصرى خير دليل آليات التخطيط المصري ولتطلب أوروبا حماية الاقتصاد الذي يحمى كل اقتصادها ....وإلى تكمله فى المرة القادمة.

مشاركة :