برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - وبافتتاح وحضور مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل، نظم معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة الملتقى العلمي الـ18 والمعرض المصاحب له يومي الثلاثاء والأربعاء 15- 16 /8 /1439هـ في رحاب جامعة أم القرى بالعابدية، وسط حضور عدد من الباحثين والأكاديميين والمسؤولين والمختصين بخدمات الحج والعمرة من مطوفين وأصحاب شركات الحج والعمرة الخاصة.وحقيقة إن المعهد وملتقياته يجسدان دور المملكة العربية السعودية في الاهتمام بالحرمين الشريفين وخدمة قاصديهما من ضيوف الرحمن، وتسخير العلم في معالجة مشكلات الحج والعمرة والزيارة، وتوظيف البحوث والدراسات العلمية للتسهيل على ضيوف الرحمن في أداء مناسكهم بيسر وسهولة وأمان. آخذة في الاعتبار كل الإمكانات المادية، والتقنية، والعلمية، والصحية، وفق أحدث النظريات في العلوم التطبيقية الحديثة. وفي هذه التظاهرة العلمية التي تقام كل عام منذ 1422هـ قدمت العشرات من البحوث والدراسات. وقد قدمت هذا العام 57 بحثا، و11 ورقة علمية في 6 جلسات على مدار يومين، كانت أهم محاورها: مستقبل منظومة الحج والعمرة في ضوء رؤية المملكة 2030، الدراسات التقنية والإعلامية، الدراسات الهندسية، الدراسات البيئية والصحية، المبادرات والإنجازات لخدمة ضيوف الرحمن. كما قدمت بحوث على شكل ملصقات.وقد كان الحضور عموما قليلا، خاصة في الصالة النسائية، على الرغم من أهمية هذه الملتقيات العلمية التي تبذل فيها الكثير من الجهود والأموال، وعدم حضورها يعتبر بعثرة وخسارة كبرى! نتمنى أن تنبثق دراسة عن أسباب قلة الحضور لهذه الملتقيات العلمية القيمة! والتي تعمل على تلاقح الأفكار وإثراء المعرفة، وتبادل الخبرات والآراء، وحل المشكلات في موضوعات حيوية في الحج والعمرة والزيارة.وقد استمتعت حقيقة بما قدم وطرح من أوراق ودراسات تثلج الصدر بأن التحسين والتطوير ديدن هذه الدولة، ولعلي أركز على ورقتي عمل لهما صلة مباشرة بخدمات الحجيج ومؤسسات الطوافة، الأولى: ورقة الأستاذ الدكتور عبدالفتاح مشاط نائب وزير الحج والعمرة، وعنوانها «دور وزارة الحج والعمرة في برنامج خدمة ضيوف الرحمن»، واستعرض فيها سعي وزارة الحج والعمرة لتطوير خططها وأعمالها لصناعة الضيافة الحديثة ودعم خدمات واقتصاديات الحج والعمرة. وقد لفت انتباهي تركيز الورقة على اعتماد التطوير على مبادئ عليا، هي: تكريس الشفافية، وتطبيق معايير الجودة، والحوكمة، ومقياس الأداء. كما ركزت على اعتماد التقنية لتعزيز الكفاءة التشغيلية، وتمكين القطاع الخاص للمشاركة ضمن منظومة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، والتي تشمل: النقل، والتقنية والخدمات الأساسية من سكن وإعاشة، وتسهيل إجراءات الدخول، وكذلك إجراءات المغادرة. كل ذلك بما يتوافق مع رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 من حيث الاهتمام باقتصاديات الحج والعمرة واعتبارهما رافدا معززا للاقتصاد الوطني.وما قدم في هذه الورقة جعلني أقف مليا أتفكر، هل ستكون هناك فعلا حوكمة في وزارة الحج؟ ففي تجارب سابقة في حوكمة مؤسسات الطوافة لم نجد أي مؤشرات في تطبيقها على أرض الواقع! والتي تتطلب تحديدا وتوزيعا للحقوق والمسؤوليات على الشركاء في صناعة القرار، ومن رؤساء المجالس والأعضاء والجهات التنفيذية، وإرساء قواعد وإجراءات متوازنة، وتضمين خطوط التواصل الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى تعزيز المسؤولية والمساءلة والشفافية، من خلال تطوير نظام للقياس والتقييم، خاصة نظام المحاسبة والنظام المالي، وأن يكون من الشفافية بحيث تعرض القوائم المالية لكل عام والموازنة التقديرية على الموقع النلكتروني ليراها المستفيدون والشركاء.فهل سنرى حوكمة رشيدة في الوزارة كما تفعل بعض الجهات والشركات الكبرى؟ مثل شركة جبل عمر، حيث عرضت قوائمها المالية على صفحات الجرائد.وأما الورقة الثانية فهي ورقة الدكتور فائز جمال، وكانت بعنوان «تطوير نموذج لقياس وإدارة الأداء في مؤسسات الطوافة في مكة المكرمة».حيث قدم مقترحا لبطاقة «الأداء المتوازن» لقياس أداء الإدارات في مؤسسات الطوافة، على اعتبار أن هذه البطاقة تساعد على الربط بين الخطط والاستراتيجيات التي تختارها المنظمة، والعمل اليومي للعاملين فيها، بهدف تحقيق الأداء المتميز للمنظمات، وقد اعتمدت على خمسة مناظير، هي: الحاج، المالية، الخدمات، الشركاء، المطوف. ووضعت لكل منها أهداف ومقاييس، ومن خلال أدوات القياس يتضح مدى تطبيق المؤسسة للأداء الجيد في الإدارة.وقد أوضح الدكتور فايز جمال أنه قام بتطبيق البطاقة على مؤسسة الدول العربية لفترة ما ثم توقف! والذي نتمناه أن يتم فعلا تطبيق هذه الدراسة على جميع مؤسسات الطوافة للدقة والمتابعة والشفافية ووضوح الرؤية في الأعمال التنفيذية، وأن تكون مطابقة ومتوافقة مع خططها الاستراتيجية، بل نتمنى تطبيق ما ورد من توصيات في الملتقى، والتي كانت 23 توصية تتناول كل محاور اللقاء والدراسات المقدمة، إذ لا قيمة لبحوث ودراسات تبقى على أرفف المكتبات دون تطبيق! وإن كانت هناك همسة للمنظمين للملتقى فهي عن عدم توفر الضوء الكافي في القاعة النسائية! وصعوبة الكتابة إلا عن طريق فتح كشاف الجوال! كما عجبت من إعطاء شهادات حضور لمن حضر في نهاية الملتقى وقت الغداء! المفروض ألا تقدم الشهادة إلا لمن حضر على الأقل 50% من الوقت المخصص للملتقى، لتكون للشهادة مصداقيتها فهي ليست سلعة في «دكان أبوريالين»، وإنما تصديق حضور علمي، على أن يكتب زمن الحضور في صفحة التوقيع يوميا. كل الشكر والتقدير لكل الجهود المخلصة التي بذلت في سبيل إنجاح هذا الملتقى العلمي، والحمد لله على هذه الثروة العلمية التي تشكلت لدينا، مما يجعلنا نفخر بما تقدمه الدولة من جهود جبارة لضيوف الرحمن.Fatinhussain@
مشاركة :