ضرورة تغيير الوزارات إستراتيجيا

  • 11/29/2014
  • 00:00
  • 40
  • 0
  • 0
news-picture

نشرت دراسة حديثة عن الأجهزة الحكومية المركزية السعودية انتهت فيها إلى أن أغلب الأجهزة الحكومية لا تمارس الإدارة الإستراتيجية، وأن أهم أسباب ذلك عدم توافر المتخصصين في التخطيط الاستراتيجي، وغياب مفهوم المنافسة الذي يقلل وجود الحافز لإعداد إستراتيجية، مع عدم وجود رسالة مكتوبة ومعروفة للعاملين في الجهة. وأوصت الدراسة بضرورة الاهتمام بتبني استراتيجيات فعالة موجهة لكل جهاز حكومي لتحقيق الأهداف الإستراتيجية، والعمل على الحد من المعوقات التي تحول دون تطبيق الإدارة الإستراتيجية، من خلال إيجاد نظام معلومات استراتيجي فعال ومستمر لجمع وتحليل البيانات الخاصة بالبيئة الخارجية المحيطة بالأجهزة الحكومية، والتدريب المستمر للقيادات العليا والموظفين على إعداد الاستراتيجيات الفعالة لإدارة تلك الأجهزة، والتحول من الرقابة على المدخلات والإجراءات والقواعد إلى الرقابة على المخرجات والنتائج التي تم تحقيقها. هكذا كانت نتيجة الدراسة والحقيقة أن الشكوى من سريان الفساد الإداري والمالي في بعض الأجهزة الحكومية والبيروقراطية وهدر أوقاتها وأوقات الناس بالروتين الذي لا يحقق مصلحة يؤكد ذلك. إن العالم المعاصر يتغير بصورة متسارعة في كل المجالات السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والتقنية والفكرية وغيرها، وهذا التغيير أدى لتغيرات جوهرية في الفكر الاستراتيجي الذي يخطط للدول ومستقبلها وقدرتها على توظيف هذه التغييرات المتسارعة في مصلحتها ومصلحة مواطنيها من خلال أجهزتها لتكون دولة تتابع العالم باعتبارها عنصرا فاعلا وليست كيانا مغلقا لا تربطه بالواقع أي صلة. إن حال بعض الوزارات لا يزال منغمسا في روتين العمل اليومي فضلا عن الازدواجية وصعوبة الوصول إلى المعلومات وغير ذلك . فأحسن أحوال بعض الوزراء أنه طيلة مدة وزارته يكون موصدا على نفسه أبواب مكاتبه منهمكا في الشرح والتوقيع و إمعان القراءة فيما يعرض عليه خشية الوقوع في خلل نظامي وكان الصواب أن يترك الأعمال التنفيذية لوكلائه عبر تخصيص واضح وصلاحيات محددة وهو يقوم على متابعة أدائهم ومتابعة أعمال التخطيط لوزارته. إن بعض الوزارات بحاجة لتغيير استراتيجي حقيقي ونقلة نوعية كبيرة تضعها في المكان الصحيح لتكون مبادرة مؤثرة فعالة قادرة على تحقيق أهدافها ورسالتها، وحينها سنتخلص من وهدر الوقت والمال والمصلحة وسيتحول الحال لتنافس محمود بين الوزارات وموظفيها ولن نحتاج لجهات رقابية كثيرة وأعباء جديدة. إن المقصود بالتغيير ألا تنغمس القيادة العليا في الوزارة في الأعمال اليومية التنفيذية وتكون لديها القدرة على نظرة مستقبلية بالتخطيط للمستقبل والتخطيط للأعمال والمشروعات المستقبلية بشكل منظم ومدروس واع ودقيق بدلا من قتل منفعتها المتوقعة في المجتمع بانغماس القيادة العليا فيها بروتين العمل اليومي الإجرائي والجوانب التنفيذية فيها بل تترك ذلك لوكلائها واداراتها. إن فكرة التغيير الاستراتيجي وتحسين أدوات القيادة في عصرنا أمر ضروري ملح، فالعالم يتطور بشكل سريع في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والمعلوماتية والاقتصادية وقضية منظمة التجارة العالمية وتأثيراتها على المنطقة في النهاية كل هذه الأمور متداخلة تجعل من العالم أشبه بقرية صغيرة فالتغيير في وزاراتنا ضرورة ملحة. إن ما يحدث اليوم في العالم يؤثر على الطفل والمرأة وهما في المنزل، ويؤثر قطعا في حياة المواطن العادي فضلا عن غيره ومن باب أولى أن يؤثر في حياة القيادات والدول. إن الإداري الذي يبقى على أفكاره القديمة منعزلا عما يحيط به أو يظن أنه وصل لدرجة الكمال لن يكون له التأثير المنافس مع القيادات الإدارية المواكبة للتغيير التي تتمتع بالمهارات المتعددة العالية والتفكير والتحليل والمعلومات والقدرة على القيادة. إن أي وزارة تريد أن تتقدم للأمام دوما لا بد لها أن تقضي على الروتين وتعقيد الإجراءات والروتين وتحسن الأداء بالتقنيات الحديثة وتعطي قيمة للوقت وتعمل على خطة مستقبلية لنقل هذه الجهة بعد عشر سنوات من موقعها إلى موقع أفضل، وإلا فإنها ستصبح عبئا على تطور وتطوير المجتمع والدولة. إن معظم الوزارات والجهات الحكومية، بل والأهلية أيضا في مجتمعنا لا يوجد لديها تخطيط استراتيجي، وإنما تعتمد على ردات فعل، فعندما تقع لديها مشكلة تبدأ في التعامل معها لحلها وقتيا. فالعملية برمتها فعل ورد فعل أكثر من أنها عملية تخطيط رغم أن المال موجود والرجال موجودون، لكن متى تتحول إرادة المسئولين العليا فيها لإدارة وتخطيط إستراتيجيين ؟.  باحث ومستشار بمركز علوم القرآن والسنة

مشاركة :