ما تشهده الكويت من أزمة الخادمات الفليبينيات إثر ما جرى مؤخرا من سوء تعامل بعض أفراد المجتمع الكويتي وما قابله من إجراءات من جانب سفارة الفلبين في تعدي صريح على السيادة والأمن في الكويت, من ثم الرد الكويتي في عدم رغبتها بقاء السفير الفلبيني, يثير مخاوف المنطقة والخليج بأسره, فكون القضية كويتية- فلبينية لا يعني أنها توقفت عند هذا الحد, فالتصعيد من قبل الرئيس الفلبيني مازال مستمرا, وعشوائية التصريحات والقرارات غير الممنهجة تأخذ مجرى متسارع, فلغة التعميم هي الطاغية في الجانب الفلبيني والتصريحات تستهدف وتصرح بالخليج ككل وليس الكويت فقط, مما يعني أننا لسنا بمنئ عنها, فكما هو معروف فإن العمالة الفلبينية جزء كبير في مجتمعنا على مختلف الأصعدة وقطاع الأعمال ومن أهمها عاملات المنازل, والنظرة وطبيعة التعامل مع هؤلاء الخدم في معظم دول الخليج لا تختلف بشكل كبير, بالتالي أسباب أزمة الكويت متوافرة في مجتمعنا من سوء المعاملة والهضم لبعض الحقوق وعدم وضع أي إعتبار لإنسانية هذا السائق أو تلك الخادمة, أضف إلى ذلك معاناة غربة الأوطان والبعد عن الأهل والأبناء وهو أمر يحتم على الجهات المعنية النظر له بجدية, فالنار من مستصغر الشرر, ولكم أن تتصورا حجم وكيفية ومدى تلك المعاناة في كل بيت من قبل بعض أرباب هذه البيوت, وأسألوا إن شأتم بعض مكاتب الإستقدام ومشاهداتهم ينبأونكم عنهم. إن غالبية العمالة الفلبينية من أصحاب الكفاءات وهم من أمهر الفنيين والمشغلين في المملكة بالإضافة إلى سهولة التعامل معهم ولين الجانب, بل إنك تعجب رغم قلة اليد والحيلة إلا أن الإبتسامة لا تفارقهم, وإنهم يقدرون الوقت ويحرصون على اللقاءات والمناسبات والرحلات العائلية. مثل هذه الفئة من العمالة ورغم ما نتمناه من إحلال التوطنين إلا أن في فقدهم خسارة فما زلنا نتعلم منهم ونرى من تفانيهم في العمل ما يدعونا إلى الإقتداء بهم. وإن من السذاجة أن نتصور أن حسن العلاقات مع حكومة الفلبين ستلعب دورا في التغاضي عن الإساءة لمواطنيها خاصة أن الأزمة لا توصف من قبل الجانب الفلبيني بالكويتية بل الخليجية مما يعني أن الحكومة الفلبينية لديها تصور واضح ولو كان مضبباً عن وضع مواطنيها بشكل عام والخادمات بصفة خاصة في جميع دول الخليج. ما زلت أسمع من والدي – أطال الله في عمره- ثناءه على العمالة التايلنديه ومدى كفائتهم ومهارتهم, وتحسره على فقد تلك الكفاءات في سوق العمل نتيجة قضايا سابقة أدت إلى قطع العلاقات, وهي تجربة تجعلنا ندرك أنها قد تتكرر مرة أخرى وإن إختلفت المسببات والأسباب سواء مع العمالة الفلبينية أو غيرهم.
مشاركة :