الإدمان على الجنس يدمر العلاقات الإنسانية والأسرية

  • 5/11/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لندن - طالبت جمعية “ريليت” الخيرية، المعنية بدعم الأسرة في بريطانيا، المدمنين على الجنس بالتواصل مع هيئة الخدمات الصحية الوطنية لتلقي المساعدة، محذرة من أن للإدمان على الجنس آثارا مدمرة للعلاقات الإنسانية والأسرية، بل أيضا مدمرة للصحة العقلية. وأشار بيتر سدينغتون، من جمعية ريليت، إلى أن هناك عدة وسائل للعلاج وفرقا للمساعدة متاحة للمدمنين على الجنس، لكن غالبيتها وسائل وفرق خاصة، وقال “المدمنون يدركون أن الأمر يسبب لهم ضررا بالغا، لكنهم لا يستطيعون التوقف، ويقرون بأنهم في حاجة إلى المساعدة لتغيير الوضع”. وأضاف “سيكون من المفيد جدا أن يتمكن المدمنون على الجنس من الذهاب إلى طبيبهم، والحصول على الدعم اللازم، لأن لهذا الأمر تأثيرا مدمرا لهم ولعلاقاتهم وعائلاتهم وأوضاعهم المالية وصحتهم العقلية على حد السواء”. وكشف مسح بريطاني أنجزه موقع إلكتروني يقدم العون للتخلص من الإدمان على الجنس ومشاهدة المواد الإباحية، شارك فيه 21 ألف شخص ممن زاروا الموقع طلبا للمساعدة منذ 2013، أن نسبة الرجال بين المشاركين في المسح تصل إلى 91 بالمئة، وأن 10 بالمئة منهم فقط طلبوا المساعدة من أطباء. وقال تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية بي.بي.سي إنّ ثمة مقترحا بإدراج “السلوك الجنسي القهري” ضمن الاضطرابات التي يتضمنها دليل التصنيف الدولي للأمراض الذي يصدر عن منظمة الصحة العالمية. ويتوقع بعض المتخصصين أن يتخذ الإدمان على الجنس نفس المسار الذي يؤدي إلى الاعتراف بأنه نوع من الإدمان. وأشار التقرير إلى أن المقامرة كانت تعتبر سلوكا قهريا، لكن الجهات البحثية الطبية اعترفت بهذا النشاط كنوع من أنواع الإدمان في 2013 بعد ظهور أدلة جديدة. الاكتئاب والتعرض للصدمات من المشكلات التي قد تدفع البعض إلى ممارسة الجنس كآلية للتكيف مع معاناة نفسية ما وتوصلت دراسة أنجزت سنة 2014 إلى أن نشاط دماغ المدمنين على الجنس الذين يشاهدون المواد الإباحية يشبه ما يحدث مع المدمنين على المخدرات. وعلقت فاليري فون، التي أشرفت على الفريق البحثي الذي أعد الدراسة، على هذه النتائج قائلة لـبي.بي.سي “هذه المرة الأولى التي نقابل فيها من يعانون من هذه الاضطرابات، ونفحص نشاط المخ لديهم، لكن ليس لدينا ما يكفي من الأدلة لتصنيفها إدمانا بشكل واضح”. وأوضح مختصون أن تصنيف الجنس أو مشاهدة المواد الإباحية إدمانا يعتمد رسميا إلى حد كبير على إدراك العوامل التي تسبب إدمان شيء ما. وذكر فريدريك توتيس، الأستاذ الفخري في الجامعة المفتوحة في بريطانيا، أنه إذا كان الإدمان يعني الاعتماد على شيء ما نفسيا، وأن الابتعاد عنه قد يسبب ضررا ماديا، ففي هذه الحالة لا يمكن اعتبار الجنس إدمانا، لكنه يعتقد أن وجود تعريف أوسع للإدمان قد يكون أكثر فائدة. وأشار توتيس إلى وجود خاصيتين يمكن من خلالهما اكتشاف الإدمان، يتمثلان في السعي إلى تحصيل متعة ووجود صراع يعانيه الشخص بسبب سلوك معين، ويفرق الكثير من الخبراء بين الإدمان والسلوك القهري رغم وجود أوجه شبه قوية بينهما. كما بين أن المدمنين غالبا ما يركزون على المتعة قصيرة الأجل متحملين مسؤولية ما قد يترتب عليها من خسائر طويلة الأجل. لكن على الجانب الآخر هناك مَن يعانون من السلوك القهري، وهم الذين غالبا ما يقدمون على سلوك خال من المتعة قد يلحق بهم أضرارا. وطرح الخبراء إشكالية الفرق بين السعي وراء السلوك الذي نمارسه لتحصيل المتعة باستمرار والإدمان؟ وترى الطبيبة النفسية هارييت غارود أن السلوك قد يتحول إلى إدمان عندما يصل إلى مستوى معين من الحدة، ويبدأ في إلحاق أضرار بمن يمارسه وبالمحيطين به، مشيرة إلى أن الإدمان على أكل الطعام بشراهة والمقامرة يعتبر رسميا من حالات الإدمان القابلة للتشخيص، لكن ذلك لم يحدث مع الإدمان على الجنس. ومن جانبها ترى الطبيبة النفسية أبيغال سان أن تصنيف اضطرابات السلوك الجنسي نوعا من الإدمان لن يفيد بالضرورة من يعانون منها، خاصة بالنسبة إلى الذين يعتمدون على الجنس للتكيف، إذ من الممكن أن يؤدي ذلك إلى اعتبار حالاتهم من الأمراض التي يمكن التعايش معها دون ظهور أعراض أو خطر على الحياة. الإدمان على الطعام والمقامرة يعتبران رسميا من حالات الإدمان القابلة للتشخيص، لكن ذلك لم يحدث مع الإدمان على الجنس وفي مقابل ذلك لا يرى الكثيرون أن الإدمان على الجنس من الحالات المرضية الحقيقية، ويعتقد دايفيد لاي، مؤلف كتاب “خرافة الإدمان على الجنس”، أن السلوك الذي يصنفه البعض إدمانا على الجنس غالبا ما ينتج عن مشكلات مزاجية لم تعالج مثل القلق، وهو ما يصعّب الوصول إلى دليل على وجود هذه الاضطرابات حتى يتسنى للمتخصصين التركيز على علاجها. وبين أن “النظر إلى الجنس على أنه يتساوى مع إدمان المخدرات والكحول يبدو مثيرا للضحك، فالمدمنون على الكحول قد يلقون حتفهم في بعض الأحيان عند الإقلاع عن تناوله”، كما ربط بين مفهوم الإدمان على الجنس والقيم التي تحدد ما إذا كانت العلاقة الجنسية صحية أم مرضية. وأضاف موضحا “تكون مدمنا على الجنس عندما تفرط في ممارسة الجنس أو تمارسه بطريقة مختلفة، ذلك حسب تحديد المعالج الذي يقوم بتشخيص حالتك”. وحرصت مجموعة من الباحثين، ومن بينهم فاليري فون، في ورقة علمية بشأن إدراج السلوك الجنسي القهري في التصنيف الدولي للأمراض، على تفادي الوقوع في هذا الشرك. ونبهت الورقة البحثية إلى أن التشخيص ينبغي ألا يستخدم “لوصف مستويات مرتفعة من الاهتمام بالجنس والسلوك الجنسي”، أو على أساس “الضغوط النفسية ذات الصلة بالحكم الأخلاقي أو رفض الدوافع الجنسية القوية لمن يعانون من هذه الحالة”. وأشار المختصون إلى وجود اهتمام مشترك بين من يقرون بضرورة إدراج الإدمان على الجنس في قائمة أنماط الإدمان المرضي ومن يعارضون ذلك، وهو ضرورة اكتشاف من يعانون من الضغوط النفسية ومساعدتهم. كما يؤكد هذا الاهتمام المشترك على التفريق بين سلوك الإدمان على الجنس، الذي يعتبر مشكلة في حد ذاته، والأنماط الأخرى من هذا السلوك التي تعتبر أعراضا لمشكلات أكبر. وكشفت دراسة لباحثين في علوم المخ في جامعة لوس أنجلس بولاية كاليفورنيا الأميركية، أن الإدمان على الجنس ليس اضطرابا سلوكيا حقيقيا. وفحصت الدراسة الاستجابات العصبية للمواد الإباحية لـ39 رجلا و13 امرأة ممن قالوا إنهم يعانون صعوبة في التحكم في رغباتهم الجنسية. وخلصت إلى أن الاستجابات العصبية مختلفة عن استجابة الأدمغة المدمنة على المخدرات لصور المخدرات. وقالت واضعة الدراسة، نيكول براوس، لصحيفة “سيكولوجي توداي” إن “المخ لا يستجيب للصور مثل استجابة مدمنين آخرين لإدمانهم على المخدرات. وإذا صحت هذه النتائج فإنها ستمثل تحديا كبيرا للنظريات الحالية المتعلقة بالإدمان على الجنس”.

مشاركة :