خرجت اللجنة المشكّلة من قبل مجلس الوزراء، المختصة بمراجعة تصنيف الكويت على مؤشر مدركات الفساد، بتوصيات عديدة، ليس من بينها مكافحة الفساد المالي والإداري بالشكل المطلوب، ونعني هنا بالمطلوب هو كل أوجه الفساد الذي تعرفه الحكومة ويعرفه المواطن، ولا يمكن أن نكذب على أنفسنا ونضع أيدينا على أعيننا ونحن نشاهد كم حالات الفساد المالي والإداري التي تملأ الأجهزة والمؤسسات الحكومية، وكذلك القطاعات الأخرى غير الحكومية. وآخر هذه الحالات من الفساد ما أعلنه أحد النواب، حينما قال إن «رفع اليد له ثمن، ويمكن أن يتم من خلاله حل المشاكل المالية»! ولم نر منذ ذلك التصريح، وحتى اللحظة، أي تحرك نيابي تجاه هذا الاتهام الخطير، الذي يمس النواب قبل الحكومة، ويطعن في ذممهم. وفي المقابل، لم تهتم الحكومة أيضاً ولم تحرك ساكناً ولم تطلب حتى تفسيراً من المجلس عن أبطال هذه الجريمة، التي قدمت على طبق من ذهب لمن يريد محاربة الفساد! نعود الى توصيات اللجنة، التي أوصت بالتالي: «تبسيط الإجراءات الجاذبة والداعمة للاستثمار، وخلق مناخ ملائم لتشجيع الاستثمارات وتدفقها». ولا نعرف هنا ما العلاقة بين محاربة الفساد من جهة، والعمل على جذب الاستثمار للبلاد من جهة أخرى؟! فهل إذا أتت بعض الاستثمارات، التي لا نتوقعها، تعتبر دليلاً على عدم وجود فساد؟ لأن هنالك دولاً ليست ديموقراطية، ولا تتمتع بأبسط قواعد الشفافية المالية، ونجدها أيضاً جاذبة للاستثمار، ولكن من نوع آخر! كذلك أوصت اللجنة المختصة «بأهمية عقد مؤتمر دولي موسع، بالتعاون مع المنظمات الدولية لاستعراض جهود الدولة في محاربة الفساد». والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل نحتاج إلى كل هذا اللف والدوران، ثم الالتفاف على أنفسنا من جديد للبحث عن مخرج يوصلنا إلى تعديل المؤشر العالمي لمدركات الفساد لمصلحتنا؟ ثم لو تمت إقامة هذا المؤتمر واستعرضنا فيه أمام العالم التشريعات الخاصة بمكافحة الفساد.. فماذا بعد؟ ماذا نقول لصحافي أجنبي، حينما يزور البلاد ليغطي المؤتمر، عندما يسأل عن قضية تضخم حسابات بعض المشرعين في المؤسسة التشريعية (البرلمان)؟ إنه لشيء مضحك جداً أن تدار الأمور بهذا الأسلوب وتسير على هذه التوصيات! أما انشغال الدولة في كيفية تحسين تصنيفها على مؤشر مدركات الفساد من دون العمل على محاربة منابعه، فهو كما الذي يشتري أسهماً وينظر إلى مؤشر البورصة يرجو ارتفاعه! محمد هزاع المطيري
مشاركة :