توقع خبراء مختصون أن تتصاعد الأزمة الحالية بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران فيما يختص بالانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، والمعروف بخمسة زائد واحد، حيث إنه من المحتمل أن تفرض أكبر قوة في العالم عقوبات اقتصادية على إيران، مما قد يؤثر على حصتها الإنتاجية من النفط... الجريدة استطلعت آراء المختصين في هذا الأمر، وتبعات ذلك القرار على الأسواق النفطية العالمية، وفيما يلي التفاصيل: بداية، يرى الباحث في شؤون الطاقة د. مشعل السمحان أن الأزمة محتملة على صعيدين، الأول يكمن في التوافق الروسي مع الدول المنتجة من منظمة أوبك، وتحديدا السعودية، فيما يختص بتقليص الإنتاج، وهو يعد موضوعا مهما ستكون له الأولوية في اجتماع جنيف يونيو المقبل. وأشار السمحان إلى تصريح السعودية حول الالتزام باتفاق خفض الإنتاج، وهو تصريح غير مباشر من السعودية لطمأنة الأسواق باتزان السوق النفطي، وخاصة مع الدول من خارج اوبك. وأوضح أن إعلان السعودية الالتزام باتفاق الخفض خطوة استباقية لما سيحدث في اجتماع جنيف، لافتا الى ان اوبك ستكون حريصة على حماية الاسعار اكثر من الاتفاق، ومن الممكن ان تكون هناك توجهات لعدم الاستمرار في الاتفاق من بعض الاطراف. واشار الى ان قرار ترامب سيؤثر على خفض الانتاج خاصة بين الاطراف الكبرى في الاتفاق، لاسيما السعودية وايران وروسيا من خارج اوبك. ارتفاع مؤقت أما على الصعيد الثاني فقال السمحان إن الازمة السياسية ستؤثر بشكل مباشر على الأسعار، «لأننا نتحدث عن حوض نفطي اصبح ساخنا بالقضايا السياسية، خاصة بعد الصدام الحالي بين الولايات المتحدة وايران. ولفت الى أن ذلك سيمهد الطريق لصراع داخل المنطقة، سيكون من شأنه ارتفاع اسعار النفط بشكل مؤقت وفي فترة قصيرة، فضلا عن ان اميركا ستعمل على حفظ مصالحها واستقرار الاسواق، مبينا ان الشركات الاميركية العاملة في النفط الصخري ستزيد انتاجها مما يؤدي الى انخفاض الاسعار تلقائيا. وأضاف ان دائرة العقوبات الاميركية ستتسع على بعض الدول الآسيوية في حال رفضها القرار الاميركي ضد ايران، واصرارها على التعامل معها، موضحا ان الصراع الحقيقي سيكون على حصة ايران النفطية في حال توقيع عقوبات على ايران بعد انتهاء المهلة المحددة من قبل اميركا لمراجعة الاتفاق النووي. استقرار الأسواق من جانبه، ذكر أستاذ التمويل في الجامعة العربية المفتوحة د. عواد النصافي أن إلغاء الاتفاق النووي الأميركي مع إيران سيؤثر بالدرجة الأولى على إنتاج النفط، لأن الحصة الإيرانية ستفقد داخل السوق من الناحية النظرية الاقتصادية، وهذا سيؤدي إلى ارتفاع أسعار البترول، لكن هناك جانبا سياسيا يجب ألا يغفل، لأن استقرار اسعار البترول مطلب اساسي. وتابع النصافي: «لذا في تصوري أن دول أوبك ستعمل على تعويض حصة النفط الإيراني من خلال الأعضاء، والأقرب إلى ذلك هو تصريح وزير النفط الكويتي الأخير حول استعداد الكويت لتعويض الحصة الإيرانية اذا لزمت الحاجة». واضاف ان هذا على المدى القريب، لكن تداعيات القرار ستؤثر على الشركات الأوروبية العاملة داخل السوق الأميركي، حيث إنها ستكون معرضة للعقوبات في حال استمرت في تعاونها مع إيران في هذا الاطار. وأشار إلى ان الشركات الاوروبية ليس لديها استعداد أن تخسر السوق الاميركي مقابل الدخول في السوق الايراني، وستكون اكثر الشركات تضررا هي الشركات الالمانية. عدم الإغراق وأفاد النصافي بأن ذلك سيلقي بظلاله على الطلب والحاجة الى الطلب، لكن بشكل عام البترول سيحافظ على توازنه بالاسعار الحالية، وستصعد الأسعار بشكل طفيف، لافتا الى ضرورة ضمان عدم الاغراق في الاسواق النفطية ووجود فوائض او نقص في الوقت نفسه. وأعرب عن تصوره باهتزاز الأسواق خلال أشهر الصيف الثلاثة المقبلة، لكن ستتعدل الاسواق بحلول شهر سبتمبر، وترجع الأسعار بنفس الوتيرة الحالية. ولفت إلى احتمالية أن يباع النفط الإيراني عبر السوق السوداء من خلال الموانئ العراقية، فضلا عن دخول محتمل لروسيا على الخط من خلال عمليات الاغراق للضغط على دول أوبك الا انه احتمال ضعيف. صعوبة التكهن بدورها، أكدت المديرة التنفيذية لمركز أبحاث البترول التابع لمعهد الكويت للأبحاث العلمية د. مينا معرفي أن من الصعوبة التكهن بما سيحدث في الاسواق النفطية خلال الفترة المقبلة جراء الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني، والمعروف باتفاق خمسة زائد واحد، مشيرة إلى محاولات بعض الدول الأوروبية المشاركة في الاتفاق تهدئة الأوضاع مع الولايات المتحدة. وأضافت معرفي أنه في حال توقيع عقوبات أميركية جديدة على ايران فإن ذلك من شأنه العمل على تخفيض حصتها النفطية التصديرية، لافتة الى انه في حال تطبيق تلك العقوبات المتوقعة فإن دولا أخرى ستستفيد لتعويض النقص في الاسواق النفطية مثل ليبيا ونيجيريا. وأعربت عن مخاوفها من تحول العقوبات الى ضربة عسكرية ضد إيران، الامر الذي قد يقلب الموازين في المنطقة بأسرها.
مشاركة :