في معرضه الفردي الأول، يستلهم الفنان الفلسطيني زياد يوسف حج علي، الموروث الشعبي المتعلق بالتمائم والرموز، مثل كف اليد، والعين الزرقاء، ويسقطه على الواقع الراهن، ليكشف التغيرات التي طرأت على المجتمع، ونظرته لبيئته، خصوصاً في الأراضي الفلسطينية. عودة إلى الرمز قال الفنان رأفت أسعد، خلال تجوله في المعرض «تجربة زياد تجربة جديدة، وزياد عاد للتعامل مع الرمز مرة ثانية. الرمز كان حاضراً بكثرة في الفن الفلسطيني، ولكن في الوقت الحاضر غير موجود بكثافة». وأضاف «زياد استخدمه بشكل مباشر، وسلّط الضوء عليه من جديد. الكف والعين حولهما الكثير من القصص، وزياد نجح في ربطهما بالطرق والحواجز. كان هذا عملاً ذكياً». وأشار أسعد إلى أنه رغم وجود نصوص إلى جانب الأعمال المقدمة، فبوسع كل شخص أن يفهم ما يريد، ويسقط عليه ما يراه من الواقع. واكتسب كف اليد والعين في الموروث الشعبي دلالة على رد الأذى والحماية من الحسد، إلا أنه بمرور الزمن تحول الرمزان في الأراضي الفلسطينية إلى إشارة للتوقف قبل الحواجز الحدودية، ورمز للمراقبة والفحص بكاميرات الفيديو التي تملأ الشوارع. وقال حج علي فيما كان يقف وسط معرضه «كف عين» في «غاليري 1» في رام الله، الذي افتتح مساء أول من أمس: «الفكرة الأساسية للمعرض تتحدث عن التمائم التي من أشهرها الكف والعين، والتي تتحول بصرياً في مجتمعنا إلى عكس ما عرفت به، بسبب الاحتلال». وأضاف «نلاحظ أن الكف تحول إلى قف أمامك حاجز، والعين تحولت إلى الكاميرا، فنحن دائماً مُراقبون ومُستهدفون من قبل الاحتلال، وحرية الحركة محدودة». واستخدم حج علي في معرضه التصميم الفني والطباعة، إضافة إلى النحت والرسم على الزجاج، ليصل إجمالي عدد الأعمال المقدمة إلى 24 عملاً لكل عمل حكايته. وقال: «هذا المعرض نتاج تسعة أشهر من البحث والدراسة، زرت خلالها العديد من المواقع، خصوصاً في الخليل التي تشتهر بصناعة الزجاج، واطلعت على واقع الاستيطان فيها، إضافة إلى الحواجز التي تفصل مدن الضفة عن بعضها، وتلك التي تفصل الضفة عن القدس وإسرائيل». وأضاف «من خلال البحث الميداني تجد جزءاً من الشوارع مغلقاً أمام الفلسطينيين، مثل شارع الشهداء في الخليل، أو أن الشارع مملوء بكاميرات المراقبة، مثل شارع الواد في القدس». وتضم بعض الأعمال أكثر من لوحة فنية، فعند الحديث عن الحواجز التي تفصل مدن الضفة في ما بينها يمكن مشاهدة ست لوحات، لكل منها لونها، في إشارة إلى عدد الحواجز التي تفصل بين المدن. كما تنوّعت ألوان الأعمال بحسب طبيعة الأماكن أو الأشخاص أو الكيانات التي ترمز لها، مثل الشرطة أو الجيش أو المستوطنين، فجاءت بالأزرق والأخضر والبرتقالي، وغيرها. واختار الفنان، الحاصل على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة، أن يضع إلى جانب كل لوحة بطاقة تعريفية تعطي الزائر انطباعاً حول ما ترمز إليه. وقال: «القطعة الفنية تكون مكتملة مع الفكرة العامة، تروي قصة قضية معينة، إلى جانب قيمتها الجمالية». وفي إشارة إلى الجدار العازل الذي تقيمه إسرائيل صمم حج علي عملاً فنياً من الأسمنت تظهر فيه كف كبيرة باللون الأصفر، وفي وسطها عين سوداء. كما صمّم قطعة زجاجية دائرية كبيرة على شكل العين، وكتب إلى جانبها «(الزنانة) الطائرة بدون طيار.. استخدمها الجيش الإسرائيلي في العديد من مهمات التجسس والمراقبة، وما يميزها صوتها (الزنان)». ولاقى المعرض استحسان عدد كبير من زائريه، كان من بينهم الفنان التشكيلي الفلسطيني رأفت أسعد، الذي أبدى إعجابه بتوظيف الرموز والتمائم في التعبير عن الواقع.
مشاركة :