الشيخ صلاح الجودر: شهر رمضان يتنافس فيه أهل الخير بأنواع الطاعات

  • 5/12/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قال الشيخ صلاح الجودر في خطبة الجمعة أمس بجامع الخير بقلالي: إن من نعم الله تعالى على هذه الأمة أن جعل أعمار أتباعها قصيرة وآجالهم محدودة، وعوضهم بمواسم الخيرات والبركات، ومنّ عليهم بالأعمال الجليلة، فيعملون قليلاً ويؤجرون كثيرًا، ويعطون قليلاً ويجزون مزيدًا، «ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» [الحديد: 21]، ومن أفضل المواسم والأوقات الذهبية ما نحن مقبلون عليه من أيام مباركة وليال فاضلة، إنه شهر رمضان المبارك، الذي جعل الله نهاره صياما، وركنًا من أركان الإسلام، وليله تهجدًا وقيامًا وقراءة للقرآن، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» [البقرة: 183]، وجاء عن رسولكم الكريم: (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه). وكلما قرب هذا الشهر فإن قلب المؤمن يزداد شوقًا وحنينًا، وخوفًا واضطرابًا، هل يدرك رمضان فيؤدي حق الله فيه، أم يفاجئه الأجل، وإذا أدرك شهر رمضان أيكون من الموفقين المقبولين، أم من المخذولين الخاسرين، قال تعالى: «إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى * فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إذا تَرَدَّى» [الليل: 4-11]. فالصادقون مع الله هم المقبلون عليه، يصومون نهاره ويقومون ليله سُجَّدًا وقيامًا، يرجون رحمته ويخافون عذابه، يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقهم ربهم ينفقون، لا يرفثون ولا يفسقون، ولا يسبون ولا يشتمون، ولا في باطل أو لغو يخوضون، هؤلاء هم الذين يستفيدون من رمضان، وهم الذين يجدون فيه طعم الرجولة وحلاوة الإيمان، فتفتح لهم أبواب الجنان، وتغلق عنهم أبواب النيران، ولا ينسلخ عنهم الشهر إلا وقد غفرت ذنوبهم وكفرت خطاياهم. ومن الناس أشقياء، يستقبلون رمضان على أنه شهر جوع نهاري وشبع ليلي، نوم في الفرش بالنهار، وسهر في المقاهي والخيام بالليل، لا يرون في رمضان إلا جوعًا لا تتحمله أمعاؤهم، وعطشًا لا تقوى عليه عروقهم، أما الشباب فهم يصومون عن الأكل والشرب فحسب، ويعيشون أوقاتهم في أثناء ذلك فارغين، يزعجون هذا ويوقظون ذاك، يقطعون أوقاتهم في سهر عابث وماجن، وتكون لهم الطرق والشوارع والأرصفة أماكن لهو وعبث. لقد أظلكم شهر عظيم مبارك، كنتم قد وعدتم أنفسكم قبله أعوامًا ومواسم بالتوبة والعمل الصالح، ولعل بعضا قد أمل وسوَّف وقصَّر، فها هو قد مد له في أجله، وأخر وأمهل، فماذا عساه بعد هذا أن يفعل؟! إن بلوغ رمضان نعمة كبرى، لا يقدرها حق قدرها إلا المشمرون الصالحون، ولا يشكرها حق شكرها إلا الموفقون المخلصون. جاء شهر الصيام والقيام وقراءة القرآن، وقد أتى موسم إطعام الطعام والتفطير، يقول نبيكم عليه الصلاة والسلام: (من فطّر صائمًا كان له مثل أجره)، ومن هذا المنطلق فإن هناك كثيرا من الجوامع والمساجد تقوم بتفطير الصائمين، لذا نهيب بكم -عباد الله- اغتنام هذه الفرصة، وأن تحتسبوا الأجر، وتشاركوا بما تجود به أنفسكم ولو كان قليلاً، «وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» [المزمل: 20]. اعلموا أن شهر رمضان هو الشهر الذي يتنافس فيه أهل الخير بأنواع الطاعات، ما بين صيامٍ وقراءة القرآن وقيام ودعاء ونفقة وصدقة وتفطير للصائمين وغيرها كثير، كما أن النفقة سبب لمضاعفة الحسنات. فاتقوا الله يرحمكم الله، واعرفوا نعم الله عليكم، واشكروها وأصلحوا ذات بينكم، وتوجهوا إلى ربكم، واسألوه من فضله، وكونوا عباد الله إخوانًا.

مشاركة :