الشيخ السيسي في خطبة الجمعة: فلنُقدر رمضان حق قدره ولنُحسن وفادَتَه

  • 5/12/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في خطبته ليوم الجمعة بجامع أبوحامد الغزالي بقلالي تحدث فضيلة الشيخ أحمد مهنا السيسي عن شهر رمضان تحت عنوان «فلنُقدر رمضان حق قدره ولنُحسن وفادَتَه»، فقال: إن لشهر رمضان بشائر يشعر بها أهل الإيمان والتقوى فتملأ قلوبهم رضا وإيمانا، فيسارعون للعمل الصالح طاعة لله تعالى وامتثالا لأمره وطمعا في جزيل فضله وإحسانه، ولقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بكل ما يسرهم فقال مرةً لبلال رضي الله عنه: (يَا بِلالُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلامِ فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ) وكان يبشر أصحابه ويبشر أمته عامة بالرفعة والتمكين فقال صلى الله عليه وسلم: (ِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا). فهذا شهر رمضان عن قريب يطل ببشائره: يقول عز وجل: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) إنه شهرٌ لسان حاله مع بقية الشهور كيوسف على نبينا وعليه الصلاة والسلام وإخوته: (قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا). إنه شهر التوبة والغفران لذلك كان يبشر أمته بقدومه: (أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ). فسارع أيها المسلم لتغنم رحمات الله النازلة في هذا الموسم العظيم والتجارة الرابحة قبل أن ينفض سوقها وقبل أن يذهب كل بنصيبه المكتوب، قال سيدنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم: (افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللهِ فَإِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ). لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر شهر شعبان لا يدخل في صومِ رمضانِ إلا برؤيةٍ مُحققة لهلاله أو برؤيةِ شاهد واحد، فعن ابن عمرَ رضي الله عنهما قال: (تِراءى الناسُ الهلال فأخبرتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصامه وأمر الناس بصيامه)، فإن لم ير الهلال ولم يتقدم أحد من المسلمين بشهادته على رؤيته أكمل عدة شعبان ثلاثين يوماً وكان إذا حال ليلةَ الثلاثين من دون منظره غيمٌ أو سحاب أكمل عدة شعبان ثلاثين يوما، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ). وقد نهى صلى الله عليه وسلم أن يتقدم المسلم بالصيام قبل رمضان بيوم أو يومين فقال: (لا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إِلا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ). كما لو صادف الثلاثينَ من شعبان يومَ الاثنين أو الخميس وقد تعود المسلم على صيامهما، أو يصوم دينا أو نذرا عليه. أيها المسلمون ها نحن نستقبلُ شهرَ رمضانَ المباركِ، شهرُ الرحمةِ والمغفرةِ والتوبةِ والعتقِ من النار وغلق أبوابها، شهرُ الطاعاتِ ومواساةِ الجوعى والإحساسِ بحالِهم، شهرُ الانتصارات وشهرُ الأخلاقِ الفاضلةِ وتطهيرِ القلوبِ من الأحقادِ والتعالي عن سفاسف الأمور والتفاؤل بالخير فلنُقدره حقَّ قدرِه ولنُحسن وفادَتَه علينا بالتوبِة النصوح، فقد كان السلف يدعون ربهم ستة أشهر لإدراك رمضان وستةً أخرى أن يتقبله منهم، فكان عامهم كله رمضان. وما ذاك إلا لعلمهم عظمة إدراكه فقد جاء في حديث طَلْحَة بنُ عُبَيدِ الله رضي الله عنه -باختصار- أن: (رَجُلانِ.. اسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا، وَأُخِّرَ الآخَرُ سَنَةً، فرُأيَ الْمُؤَخَّرَ مِنْهُمَا، أُدْخِلَ قَبْلَ الشَّهِيدِ.. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى..) نسأله الله العلى القدير أن تصوم أمتنا رمضان وهي تنعم بالأمن والأمان في الأوطان والنصر على الأعداء وصناع الفتن معيدةً التاريخ التليد بالأمجاد لسلفها الصالح.

مشاركة :