قوة الطبقة الوسطى مقياس الاستقرار في المجتمعات العربية

  • 5/12/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تونس - لا يعرف محمد علي (30 عاما)، خريج الجامعة اختصاص رياضيات، ماذا سيفعل بـ25 دينارا (9 دولارات) تقاضاها توا أجرا يوميا لعمله في حظيرة بناء وهو الأب لرضيع (3 أشهر) يجب أن يعود له، كما أخبرته زوجته صباحا، بعبوة حليب من الصيدلية يبلغ ثمنها 17 دينارا. يقول الرجل إن عمله في حظائر البناء يوفر له أجرا أكبر من ذلك الذي يتقاضاه نظير التدريس في المدارس الخاصة لأنها تحتسب عمله بالساعات، مؤكدا أنه يعطي دروسا خصوصية للتلاميذ في حيه بمقابل. ورغم كل هذا المجهود “المعقد” الذي يقوم به، لم يتمكن محمد علي من تسديد إيجار منزله هذا الشهر خاصة أنه يجب أن يقتني لابنه عبوة حليب كل يومين، مؤكدا انه لم يعد يستطيع الاعتماد على مساعدة والده الأستاذ المتقاعد كل مرة بعد مرضه. الحقيقة أن محمد علي لا يعتبر استثناء في تونس، فحتى أولئك الذين يتقاضون الآلاف من الدينارات كرواتب شهرية مرتهنة أغلبها للبنوك، أصبحوا يشتكون الغلاء. وعمد بعضهم إلى إخراج أبنائهم من المدارس الخاصة وإلحاقهم بالتعليم العمومي لأنهم لم يقدروا على تحمل التكاليف. يعاني الجميع فترات صعبة بسبب موجة الغلاء التي تضرب البلاد منذ مدة بسبب سياسات اقتصادية لا يفهمها الشعب انعكست على المجتمع. وكما أن محمد علي ليس استثناء في تونس فإن تونس ليست استثناء بين الدول العربية، فالطبقةَ الوسطى تعاني الإحباط وتشعر أنها مُهْمَلة رغم أنها هي التي تحمل المجتمع والدولة على كتفها. ترى الطبقة الوسطى كيف أن ملايين الشباب من أبنائها عاطلين عن العمل، على الرغم من حصولهم على تعليم أو تكوين جيد، وتشاهد إنفاق أو تضييع مليارات من جيوب دافعي الضرائب في أمور لا علاقة لها بالحياة اليومية العادية. إنها الطبقة التي تدرك على مضض أنه يجب عليها أن تتحمل تكاليف من لا يعملون. مجبر لا بطل تتردد دائما منذ المئات من السنين مقولة من يملك المال هو الأقوى وهي مازالت إلى اليوم، فالسلطة الأعلى دائما هي التي تقرض والمتحكم فيه هو المُقترض، وهنا لو فشل في سداد أصل القرض سيتحكم به المُقرض كيفما شاء، في سبيل استعادة القرض وهذا ما يفعله صندوق النقد الدولي بالعديد من الدول العربية.

مشاركة :