أضواء نفسية على الصراع العربي الإسرائيلي: بحث في الصراع السياسي

  • 5/12/2018
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

مفارقة دالة لم يتوقف أمامها أحد، في حدود متابعتي، وهي المسافة بين موقف اليمين الديني واستجابة كافة التيارات الوطنية وعموم الشعب لزلزال يونيو 1967. توجد دراسات غزيرة عن كل موقف منفصلا عن الآخر، وكانت الهزيمة كابوسا شرح صدور الشامتين بتجربة جمال عبدالناصر، وسجد الشيخ متولي الشعراوي لله شكرا. لم يره أحد وهو يسجد، ولكنه قال في برنامج تلفزيوني “فرحت أننا لم ننتصر ونحن في أحضان الشيوعية، لأننا لو نُصرنا ونحن في أحضان الشيوعية، لأصبنا بفتنة في ديننا، فربنا نزّهنا”. أما العقلاء فلم تمسهم أعراض مرض النكوص إلى أزمنة الفتوحات، وانشغلوا بفهم أسباب الكارثة، ونشر قسطنطين زريق كتابه “معنى النكبة مجددا”، وكتب صادق جلال العظم “النقد الذاتي بعد الهزيمة”، وسعى باحثون شبان غير متخصصين في العلوم السياسية إلى معرفة العدو، ومن هؤلاء الكاتب المصري قدري حفني الذي توفي الأحد الماضي (6 مايو 2018)، وكان من أبرز المتخصصين العرب في علم النفس السياسي. المشهد العربي والإقليمي والدولي الآن سائل، لا تكفّ الريح والعواصف عن تحريك كثبان المعارك الكلامية والحربية من ميدان إلى آخر، ففي فندق وضع عبدالناصر حجر أساسه عام 1955، ويطل على ميدان التحرير رمز ثورة 25 يناير 2011، احتفل العدو الإسرائيلي بذكرى 70 عاما على النكبة، ويحاول البعض تجميل سيرة أنور السادات ويرون في سلوكه بُعد نظر، وينتصرون لاختزاله للصراع في كونه حاجزا نفسيا يمكن عبوره. في هذا المشهد الذي قد يتغير بشكل درامي في المسافة الزمنية من كتابة هذه السطور حتى نشرها، ربما تكون قراءة كتاب قدري حفني “أضواء نفسية على الصراع العربي الإسرئيلي” ضرورة، ودعوة إلى ترشيد الانفعال والاحتكام إلى العقل والحكمة وتحديد المفاهيم، وكلها عواصم من القواصم. ما كانت هزيمة 1967 إلا ثمرة دامية لغياب العقلانية، حتى أن الإفاقة من تلك الغيبوبة الحضارية احتاجت إلى هزة بقوة الهزيمة. في الظواهر المركبة، ومنها الظاهرة الصهيونية، يكون الاختزال خطأ مهينا للعقل، ويفرق المؤلف بين “الصراعات ذات المنشأ النفسي والتي قد تترتب عليها نتائج مادية، وتلك الصراعات ذات المنشأ المادي الاجتماعي التاريخي السياسي والتي قد تترتب عليها نتائج نفسية”. ولعلماء التحليل النفسي رؤى مختلفة لهذا الصراع منذ بداياته، وتنطلق كل رؤية من عقيدة صاحبها، وكان مؤسس مدرسة التحليل النفسي سيغموند فرويد (1856 – 1939) ينتمي إلى الفكر الصهيوني، ولم يمنعه إلحاده “من تأكيد انتمائه إلى اليهودية، بل التزامه بالصهيونية، فكرا وتنظيما”، وفي خطابه إلى المعالجة النفسية التي كانت مريضته سابينا اشبيلراين، في أغسطس 1913، تمنى أن يصير مولودها المرتقب “صهيونيا متعصبا… إننا يهود وسنظل يهودا”. المؤلف يفرق بين الصراعات ذات المنشأ النفسي والتي قد تترتب عليها نتائج مادية، وتلك الصراعات ذات المنشأ المادي الاجتماعي التاريخي السياسي والتي قد تترتب عليها نتائج نفسية المؤلف يفرق بين الصراعات ذات المنشأ النفسي والتي قد تترتب عليها نتائج مادية، وتلك الصراعات ذات المنشأ المادي الاجتماعي التاريخي السياسي والتي قد تترتب عليها نتائج نفسية التطرف الصهيوني ولم تكن الرسالة الشخصية مختلفة عن تواصله وتعاطفه مع المنظمات الصهيونية، وفي خطابه من فيينا إلى حاييم كوفلر، عضو الصندوق التأسيسي لتمويل الأنشطة الصهيونية في فلسطين، دليل على موقفه، بعد ثورة البراق عام 1929. وكان المؤتمر الصهيوني السادس عشر المنعقد في زيوريخ عام 1929 قد أدرج قضية حائط البراق للبحث، وقادت منظمة بيتار المتطرفة مظاهرة اتجهت إلى الحائط للاستيلاء عليه، وهتف المتطرفون “الحائط حائطنا”، وأرسل كوفلر إلى فرويد طالبا التوقيع على بيان يدين المظاهرات العربية في فلسطين، فرد فرويد بخطاب في 26 فبراير 1930 ينتهي بتوقيعه مسبوقا بكلمتي “خادمكم المطيع”. ظلت رسالة فرويد سرا على مدى نحو سبعين عاما، وكان كوفلر قد سلمها إلى أبراهام شوادرون، وهو صهيوني يميني متطرف من هواة جمع التواقيع، بشرط ألا يراها أحد. وفي الرسالة يبدو فرويد إزاء موقفين متناقضين في الظاهر، إذ لم يوقع البيان، بسبب “الوقت الحرج الراهن”، ولكنه أعلن أنه “ليس من شك في أنني أتعاطف مع أهداف الصهيونية، كما أنني فخور بجامعتنا في أورشليم، وسعيد بازدهار استيطاننا”. واستبعد أن تصبح فلسطين “دولة يهودية، فالعالمين المسيحي والإسلامي ليسا على استعداد لوضع أماكنهم المقدسة تحت حماية يهودية. إن ما يبدو لي معقولا هو تأسيس وطن قومي يهودي على أرض تكون أقل تشبعا بالتاريخ”. وتوقع فرويد عدم قبول اقتراحه، قائلا إنه يعلم أن “وجهة النظر المنطقية هذه لن تلقى حماسا من قبل الجماهير، ولا دعما ماليا من جانب الأغنياء”، وسجل أن التعصب اليهودي مسؤول عن إثارة عدم الثقة مع العرب “أبناء البلد”. ويخلص قدري حفني إلى أن فرويد كان علمانيا يعتز بأصوله اليهودية، صهيونيا من نوع خاص، أقرب إلى تيار صهيوني لا ينطلق من رؤية توراتية لأرض الميعاد وشعب الله المختار، ولم يتخذ “على الإطلاق موقفا رسميا معاديا للصهيونية، بهدف الحيلولة دون مزيد من التطور للدولة الإسرائيلية. كذلك فإنه لم يقطع قطّ روابطه بجذوره اليهودية”، وقد انضم عام 1895 إلى جماعة بناي بريث (أبناء العهد) الصهيونية، وواظب لسنوات على حضور اجتماعاتها نصف الشهرية، وفيها ألقى أولى محاضراته عن تفسير الأحلام، واحتفلت الجمعية بعيد ميلاده السبعين في 6 مايو 1926، وقال في خطابه بتلك المناسبة إنه “مدين بالفضل لطبيعتي اليهودية فيما أملك من صفتين مميزتين..”. واستمرت عضوية فرويد في الجمعية حتى وفاته بعد 44 عاما. ليس كتاب “أضواء نفسية على الصراع العربي الإسرئيلي” عن صهيونية فرويد، وإنما عن جذور الصراع العربي الإسرائيلي وحاضره من زاوية علم النفس السياسي. ويعترف المؤلف بأن شعوره بتحمّـل بعض المسؤولية عن هزيمة 1967؛ لتقاعسه عن “دراسة العدو”، كان سببا في هذا الاهتمام، ولم يكن وحده من المشتغلين العرب بالعلوم النفسية الذي دفعته الهزيمة إلى إعمال تخصصه العلمي في محاولة فهم ما جرى. وبعد انتهائه من رسالة الماجستير بعنوان “دراسة تجريبية لأثر الجمود الإدراكي والجمود الحركي على التعرض للإصابات في الصناعة”، اختار لرسالته للدكتوراه عام 1974 عنوان “دراسة في الشخصية الإسرائيلية: الأشكنازيم”، ثم أسس وحدة الدراسات الإسرائيلية بمركز بحوث الشرق الأوسط في جامعة عين شمس، وعمل أستاذا في عدد من الجامعات العربية والأجنبية باليمن والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. ولد قدري حفني عام 1938، وفي شبابه المبكر جذبه تيار الإخوان المسلمين ثم الفكر الماركسي، ولكن واقعة ذات دلالة غيرت مفهومه لدور المثقف الذي يجب أن يراجع مواقفه الفكرية، وألا يتعالى على جماهير يزعم الانتماء إليها، وأن يجيد قراءة واقعه الاجتماعي. في مقال عنوانه “مخاطر جمود الأفكار”، نشرته صحيفة الأهرام في 1 يونيو 2006، كتب أن سيارات الترحيلات نقلت المعتقلين، في 1 أغسطس 1960، من سجن أبوزعبل جنوبي القاهرة إلى معتقل الواحات غربي البلاد، “وكان بوسعنا أن ننظر من فجوات نوافذ السيارة إلى شوارع القاهرة التي كان يخيم عليها المساء، وهناك من يسيرون هنا وهناك، وثمة أضواء تلمع داخل المنازل حيث يمكن أن نلمح مظاهر الحياة تمضي في هدوء كأن شيئا لم يحدث. كانت جلستي في السيارة إلى جوار الصديق الراحل فيليب جلاب.. وتهامسنا متسائلين: أين تلك الجماهير التي ضحينا ونضحي من أجلها؟ ولماذا تبدو لامبالية إلى هذا الحد؟ وظل ذلك التساؤل يؤرقني وربما يؤرق غيري طوال ‏1383‏ يوما قضيتها متنقلا بين المعتقلات. ما يجري منذ بدايات القرن العشرين حقائق انتهت بابتلاع فلسطين، وما زال المخطط الصهيوني يلح على {تمييع قضية الاحتلال} كان تفسيري لذلك الصمت الجماهيري آنذاك هو أن السلطة قد تمكنت من تزييف وعي الجماهير بحيث لم تعد تعي مصالحها الحقيقية، أو أنها نجحت في إثارة الرعب لدى الجماهير بحيث أرغمتها على الصمت. ولم يرد إلى الذهن في ذلك الزمن البعيد أن اتهام الجماهير بالغفلة أو الجبن إنما يعني التسليم بأن أفكاري لا تعبر سوى عن نخبة بعيدة عن مشاعر وأفكار تلك الجماهير، ولم يخطر على البال قط أننا ربما أخطأنا في قراءتنا للواقع الاجتماعي المصري، أو لعلنا أخطأنا في اختيار النغمة الصحيحة لمخاطبة الجماهير، أو لعل الجماهير لا ترى فينا أننا نمثلها حقا. عجزت طوال تلك الأيام عن إعادة النظر في أفكاري، وربما يرجع ذلك إلى حقيقة تؤكدها دراسات علم النفس السياسي مؤداها أن نقد الذات تحت سياط التعذيب يهدد بانهيار هوية الضحية إلا لمن أوتي صلابة تفوق قدرة البشر، ولم أكن بحال من هؤلاء”. الصهيونية في العقل العربي في كتاب “أضواء نفسية على الصراع العربي الإسرئيلي” مراجعة لجذور التحولات في طبيعة اقتراب العقل العربي من الظاهرة الصهيونية، بعيدا عن تعميمات تساعد على رفع درجة الصراخ وطبقات الهتاف، ولا تفيد في الفهم، فيهود اليوم موزعون في أرجاء الأرض، وتختلف أفكارهم وأنماط سلوكهم ومرجعياتهم الاجتماعية والثقافية والسياسية، ومنهم العلماني والمتطرف والوسطي والمسالم والقاتل، ومنهم الصهيوني الذي يقاتل من أجل قيام دولة يهودية، ومنهم المعادي للصهيونية لتناقضها مع عقيدة يهودية تخص عودة المسيح. ولا يقارن باروخ غولدشتاين الصهيوني الذي ارتكب مجزرة المسجد الأقصى عام 1994، بالفتاة الأميركية راشيل كوري التي حاولت منع هدم منزل فلسطيني، فسحقتها جرافة إسرائيلية في مارس 2003. لم يكن تيودور هرتزل أول من حث اليهود على التوجه إلى فلسطين، فهذه الدعوة ترجع إلى بدايات القرن السابع عشر، منذ أصدر المحامي البريطاني هنري فنش عام 1621 كتابه “البعث العالمي الكبير أو دعوة اليهود”، وتكررت الدعوة في كتابات شبتاي بن زفي (1626 – 1676)، ويهودا القالي (1798 – 1878)، وموزوس هس (1812 – 1875)، وغيرهم، وقد اقترنت الدعوة بالعاطفة الدينية التقليدية في زيارة الأماكن المقدسة والسكنى بجوارها. وكان عدد اليهود في فلسطين عام 1799 نحو خمسة آلاف، وارتفع عام 1876 إلى 13920، ثم اتخذت الهجرة اليهودية طابعا أكثر تنظيما وكثافة منذ عام 1882 مع تصاعد “المشكلة اليهودية” في روسيا، من دون طرح فكرة إقامة “الدولة اليهودية” التي اقترحها هرتزل، وتمكن من تحويل الفكرة إلى تيار صهيوني ثم إلى تنظيم سياسي أسهم في إنشاء الدولة. ولم يستشهد هرتزل في كتابه بأي نص توراتي، ولم يحدد للدولة مكانا، وترك لليهود أن يفاضلوا بين الأرجنتين وفلسطين، وقال هرتزل في خطاب إلى آل روتشليد، في 14 يونيو 1895، “سأخبركم الآن كل شيء عن ‘أرض الميعاد’ إلا عن مكانها، هذه مسألة علمية صرفة.. فكرت أولا بفلسطين، التي لها ميزة أنها مركز شعبنا وأجدادنا الذي لا ينسى.. ولكن معظم اليهود لم يبقوا بعد شرقيين.. مبدئيا لست ضد فلسطين ولا مع الأرجنتين. علينا فقط أن نجد طقسا منوعا يلائم اليهود”. كارثة 1967 جرفت الزيف الفكري الذي عاشه العقل العربي طويلا، وانتقل الفكر العربي من التهويل وتضخيم الذات إلى جلدها، وبدأ جهد بحثي عربي يستهدف المعرفة الموضوعية بإسرائيل والصهوينية كارثة 1967 جرفت الزيف الفكري الذي عاشه العقل العربي طويلا، وانتقل الفكر العربي من التهويل وتضخيم الذات إلى جلدها، وبدأ جهد بحثي عربي يستهدف المعرفة الموضوعية بإسرائيل والصهوينية وفي المؤتمر الصهيوني السادس 1903 طرح الاستيطان اليهودي في أوغندا، ومنذ المؤتمر الأول في بازل عام 1897 اقتصر انعقاد المؤتمرات الصهيونية على مدن أوروبية، إلى أن عقد المؤتمر الحادي والعشرون “الاستثنائي” في نيويورك عام 1942، ويرى فيه قدري حفني “دلالة على انتقال مركز ثقل العمل الصهيوني على الصعيد الدولي إلى الولايات المتحدة”. يرصد المؤلف ظواهر استمرت طويلا ثم اندثرت؛ لأنها عاكست مسار التاريخ، ومنها الحروب الصليبية، والحكم النازي، والنظام العنصري في جنوب إفريقيا، وبالمثل فإن المشروع الصهيوني “يسبح ضد حركة التاريخ متحديا قوانينه العلمية”، وسيتراوح هذا المشروع بين صعود وهبوط، وربما يتعثر ويخفق، ولكنه لن ينتهي تماما، “فالجهد الصهيوني يمكن أن يستمر لإحياء الحلم وتنشيطه.. الأمر يتوقف في النهاية على طبيعة الفعل العربي، ونوعية الخطاب السياسي” العربي، في مقابل خطاب إسرائيلي صاغه رواد الصهيونية، ويشمل نغمتين: الأولى استضعافية عن تعرض اليهود الدائم للإفناء، وما يمثله الطوفان العربي المحيط بهم من تهديد، وسعيها لرد الاعتداءات العربية بالدفاع عن أمنها. والنغمة الثانية استقوائية تبرز قدرة إسرائيل على إحباط مخططات أعدائها وضمانها لأمن اليهود وسلامتهم في أي مكان، وتخلو هذه النغمة الاستقوائية من أي إشارة إلى ترسانة إسرائيل النووية. وقد استمرت نغمة الاستضعاف بعد هزيمة العرب عام 1967، “حتى كادت تطغى على نغمة الانتصار الإسرائيلي، تلك النغمة التي بدأت خافتة وسرعان ما توارت”، ويفسر ذلك بإدراك صناع الخطاب السياسي خطورة ارتفاع نغمة الاستقواء، فتخفت نغمة الاستضعاف، وتتراجع “كفاءة العازفين”، وينسى الجيل الجديد أن التهديد العربي مستمر، والاحتفال بالنصر يعني انتهاء الترويع، والإلحاح على الاستضعاف يذكرهم بأنهم معرضون للإبادة وليس أمامهم إلا التماسك والانصهار، فتستفز طاقاتهم العدوانية دفاعا عن أنفسهم. أما الخطاب العربي فكان ينتهج نغمتي التهوين من شأن الخطر الصهيوني، والتهويل من حجم القدرة العربية على إعادة اليهود إلى بلادهم، وتجاوبت النغمة الأخيرة مع نغمة الاستضعاف الصهيونية. وقد أدى “ارتفاع الصراخ العربي بهاتين النغمتين” إلى تراجع المعرفة العلمية العربية بالعدو، وساعد غياب المفاهيم الدقيقة عن حقائق القوة على الأرض، قبل إعلان التقسيم وبعده، على اعتبار الخطر الصهيوني شأنا عارضا، “وتجاوز الأمر حدود التجاهل ليصبح جهلا ثم تجهيلا، ويصبح ذلك التجهيل بمثابة السياسة العربية المعتمدة، بل لتصبح محاولة تحصيل أية معلومات عن إسرائيل من قبيل المحرمات”، إلى أن وقعت كارثة 1967 التي جرفت “ذلك الزيف الفكري الذي عاشه العقل العربي طويلا”، وانتقل الفكر العربي من التهويل وتضخيم الذات إلى جلدها، وفي المراجعات ظهر شعار “اعرف عدوك”، وبدأ جهد بحثي عربي يستهدف المعرفة الموضوعية بإسرائيل والصهوينية. ليس أكثر إهانة للعقل وخيانة لدماء الشهداء، من زعم مهزوم أن هذا الصراع قضية نفسية. ما يجري منذ بدايات القرن العشرين حقائق مادية انتهت بابتلاع فلسطين، ومازال المخطط الصهيوني يلح على “تمييع قضية الاحتلال”، وتصوير الصراع كما لو كان في جوهره نفسيا، وكأن اغتصاب الأرض وحرمان اللاجئين من حقهم في العودة والحصار والقتل والاعتقال من تجليات الصراع النفسي.

مشاركة :