سكان الموصل يؤكدون أهمية المشاركة في أول انتخابات بعد هزيمة «داعش»

  • 5/13/2018
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

لم تر أم ليلى وفريدة حسن بعضهما بعضا منذ اليوم الذي ساعدهما فيه جنود عراقيون على الهرب من الحكم المتوحش لتنظيم «داعش»، في الموصل. والتقت السيدتان سويا مرة أخرى في أحد مراكز الاقتراع بالموصل، وهي مدينة سنية شعر سكانها طويلا بالتهميش على يد نفس الساسة الشيعة الذي يتنافسون حاليا على منصب رئيس الوزراء بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت اليوم السبت. وقالت فريدة حسن وهي تقبل جارتها، «لم أكن أتصور أنني سألتقي بك مرة أخرى وبصفة خاصة ليس هنا.. لمن ستدلين بصوتك». وفي حين أن نسبة التصويت في باقي أنحاء البلاد قد تصل إلى نحو 40 في المئة، وهو انخفاض في الإقبال على التصويت عن الانتخابات السابقة فإن سكان الموصل خرجوا بأعداد كبيرة اليوم السبت رغم أن كثيرين لا يعتقدون أن نسبة الإقبال ستتجاوز 40 في المئة في المدينة. ورحب سكان الموصل في البداية بتنظيم «داعش»، المتشدد الذي اجتاح مناطق كثيرة من العراق في 2014، واستغل الاستياء العام تجاه الحكومة التي يقودها الشيعة ويترأسها نوري المالكي الذي يأمل الآن أن يختاره البرلمان الجديد رئيسا للوزراء مرة أخرى. ويتهمه السنة في أكبر مدينة في الشمال بتبني أجندة طائفية وبتهميش أقليتهم السنية. ومع تعرض أجزاء كثيرة من المدنية للدمار بسبب الحرب الطاحنة ضد «داعش»، يأمل السكان في أن تساعد أصواتهم في انتخاب جيل جديد من الزعماء يهتم بأمرهم خلافا للجيل السابق الذين يصمونهم بالفساد وعدم الكفاءة. وقال طالب جامعي يدعى محمد فراس مجيد (20 عاما)، «باعونا والآن يريدون شرائنا مجددا بثمن بخس».توترات طائفية يثني البعض على رئيس الوزراء حيدر العبادي فيما يتعلق بهزيمة المتشددين الذين أرهبوهم على مدى ثلاث سنوات ويقرون بأن المهندس الذي تلقى تعليمه في بريطانيا يروج للمصالحة. لكن الشكوك لا تزال عميقة في العراق الذي انزلق إلى حرب أهلية طائفية في عامي 2006 و2007. وليس كل سكان الموصل متحمسين بشأن الانتخابات. وزارت «رويترز»، ثمانية مراكز اقتراع في الموصل خلال اليوم، ورأت إقبالا من العرقيات المختلفة. وفي النصف الغربي من المدينة الذي عانى من أشد الأضرار خلال الحرب كانت مراكز الاقتراع أكثر ازدحاما من مثيلاتها في شرق المدينة الذي يعود للحياة الطبيعية تدريجيا. وأظهرت بيانات جمعتها «رويترز» من نحو 20 مركزا للتصويت في أنحاء المدينة أن معدل الإقبال يتراوح بين 30 و40 بالمئة. وانحسر التصويت بعد بداية قوية، وذلك إلى حد كبير بسبب حظر على القيادة في أنحاء البلاد بسبب مخاوف أمنية. واضطر الكثير من الناس للسير وسط الركام والشاحنات المنقلبة للوصول إلى مراكز الاقتراع في المدينة، تلاحقهم ذكريات التجويع في الأحياء التي مروا بها. وقال محمد بلال، وهو فني معامل يقيم حاليا في شرق الموصل ويأمل في أن يتمكن السنة من العودة بعد أن تبدلت حظوظهم عندما أطاح غزو قادته الولايات المتحدة بصدام قبل 15 عاما، «لكن كان علينا أن نأتي وندلي بأصواتنا». وأضاف، «منذ عام 2003، لم يصوت أي منا أبدا حيث كنا متشككين في النظام الجديد. لكن هذا العام يجب أن يكون مختلفا. آن الأوان لأن نشارك في السياسة وأن نطالب بحقوقنا». وكان البعض يحملون على المقاعد المتحركة وما زالت بهم آثار من جروح جراء التعذيب على يد تنظيم «داعش»، بينما نام آخرون في بيوتهم المهدمة جزئيا لكي يتمكنوا من الوصول إلى لجان الاقتراع في الوقت المحدد. وبالنسبة لمن لديهم سعة من المال، فقد دفعوا بضع دولارات مقابل أن تقلهم حافلة صغيرة مرخصة عبر المدينة، وهناك أيضا من تمكنوا من اللحاق بحافلات دفع أجرتها مرشحون مختلفون. وقال محمد عماد يونس (26 عاما)، وهو طالب جامعي يحمل سياسات من يحكمون العراق مسؤولية استيلاء تنظيم «داعش»، على ثلث البلاد في عام 2014، «لم نعتد أبدا الاهتمام بأمر الانتخابات، لكن يتعين علينا الآن أن نهتم». وأضاف، «هذه هي المرة الأولى التي أصوت فيها. هؤلاء الساسة الفاسدون أنفسهم سمحوا لداعش بالدخول إلى الموصل والآن علينا أن نصوت ضدهم». وبدا أن آخرين يمشون مع التيار السائد دون إدراك لأهمية المشاركة في الانتخابات. وقال ناصر عامر مجيد (46 عاما)، وهو ضابط جيش متقاعد كان يصوت في شرق الموصل، «لست مؤمنا في الواقع بالمرشح الذي أصوت له». وقال بعض السكان، إن الإقبال الكبير كان نتيجة لتقديم مرشحين هبات لسكان المناطق الأكثر فقرا في غرب الموصل. ولم يتسن لـ«رويترز» التحقق من هذا الأمر. وعشية الانتخابات، شاهد أحد مراسلي «رويترز»، جدلا بين محافظ نينوى ومدير مكتب المفوضية العليا للانتخابات في المحافظة محمد هاني البدراني بشأن المرور وبيع بطاقات هوية ناخبين بشكل غير قانوني. واشتكى من أن مئات من بطاقات الهوية التي تخص موتى من تنظيم «داعش»، تشتري وتباع من قبل المرشحين المنافسين في المحافظة. وقال البدراني في وقت لاحق لـ«رويترز»، إنه لا يستطيع أن يسيطر على ما تفعله أسرة ببطاقة هوية ابنها المشتبة في انتمائه لتنظيم «داعش». وقبل ساعتين من إغلاق مراكز الاقتراع، كان رجال ونساء في المدينة يسقطون بالفعل لافتات الحملات الانتخابية وينزعون منها الأجزاء المعدنية أملا في بيعها خردة.

مشاركة :