تواصل دول أوروبية كبرى بذل الجهود لحماية استثمارات شركاتها في إيران وتسعى للحفاظ على تطبيق الاتفاق النووي مع طهران بعد انسحاب واشنطن منه وتهديدها بفرض عقوبات على شركات أوروبية.ولكل من ألمانيا وفرنسا علاقات تجارية مهمة مع إيران. وأبقت الدولتان مع بريطانيا على التزامها بالاتفاق النووي في حين يعتزم وزراء خارجية الدول الثلاث عقد اجتماع الثلاثاء لبحث الأمر.يأتي ذلك في إطار سلسلة من الأنشطة الدبلوماسية بعد انسحاب الولايات المتحدة بشكل أحادي من الاتفاق. ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتفاق بأنه «مريع ومن جانب واحد». وترافقت الخطوة مع تهديد بتوقيع عقوبات على أي شركات أجنبية تقوم بأنشطة في إيران.وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن هناك حاجة لمناقشة سبل إنقاذ الاتفاق دون وجود واشنطن فيه مع طهران فيما قال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير إن دول الاتحاد الأوروبي ستقترح على المفوضية الأوروبية إجراءات تحول دون توقيع العقوبات.وتحدث لو مير ووزير المالية الألماني أولاف شولتس إلى وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين وحثاه على بحث منح الشركات الموجودة بالفعل في إيران إعفاءات وتأجيلات من العقوبات.وقال لو مير إنه يسعى للتوصل إلى إعفاءات ملموسة للشركات الموجودة بالفعل في إيران بما يشمل رينو وتوتال وسانوفي ودانون وبيجو. وقال شولتس إنه طلب أيضا إجراءات ملموسة لمساعدة الشركات الألمانية وفقا لما ذكرته صحيفة هاندلسبلات. الحد من الأضرار وقالت إيران إنها طلبت من شركة إيرباص الأوروبية الإعلان عن نواياها في ما يتعلق بصفقة طائرات مع طهران بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي. ولا يبدو الاستمرار في الصفقة مرجحاً بعد أن قال منوتشين يوم الثلاثاء إنه سيتم إلغاء التراخيص التي تسمح لإيرباص ومنافستها بوينج ببيع طائرات ركاب لإيران.وقال لو مير إن باريس ستسعى لتعزيز القدرة الأوروبية على منع تطبيق العقوبات وتوفير تمويل للاستثمارات للشركات. ودعا لإنشاء هيئة للرقابة على تطبيق قواعد العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي.ويخشى البعض من أن يكون هامش المناورة والتحرك لدى أوروبا محدودا. ويقول بيتر باير المفوض الألماني للعلاقات عبر الأطلسي «الأوروبيون في الموقف الأضعف لأنهم ليسوا موحدين». مضيفا أن قوة ترامب تكمن في أنه لا يحتاج إلى الوحدة.وقال وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير لراديو (دويتشه لاند فونك) «نحن مستعدون للحديث إلى جميع الشركات المهتمة بشأن ما يمكننا أن نفعله للحد من التداعيات السلبية... هذا يعني أن الأمر يتعلق بتحجيم الأضرار إلى أضيق الحدود».لكن سفير الولايات المتحدة في برلين ريتشارد جرينيل قال إن الشركات يجب أن تشك في أخلاقيات تنفيذ أنشطة مع إيران.وقال جرينيل لصحيفة بيلد الألمانية «ألمانيا وفرنسا وبريطانيا... نفسها تقول إن إيران تشكل تهديدا. هل تريدون إذاً أن تنخرطوا في أعمال مع تهديد؟».وقال ألتماير إن ألمانيا تريد تجنب «سلسلة من التصعيد» في العلاقات التجارية عبر الأطلسي.لكن ميركل كانت أكثر صراحة. وقالت خلال حفل في كنيسة في مدينة مونستر غرب ألمانيا «إذا ما فعل الجميع ما يودون فهذه أنباء سيئة للعالم... لكن من مصلحتنا أن تكون لدينا علاقات قوية عبر الأطلسي».إلى ذلك قالت أكبر مجموعتين لشحن الحاويات في العالم، وهما الاوروبيتان «ميرسك لاين» و«إم.إس.سي»، إنهما تراجعان عملياتهما في إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق نووي دولي مع طهران وإعلانها عن إعادة فرض عقوبات أمريكية على إيران. وقالت «إم.إس.سي» التي مقرها سويسرا في بيان الجمعة «إم.إس.سي تراجع خدماتها وعملياتها وعلاقات العمل لترى ما إذا كان أي منها سيتأثر، وستتقيد بالجدول الزمني الذي تحدده الحكومة الأمريكية». وقال مصدر في قطاع الشحن البحري إن إم.إس.سي توقفت بالفعل عن تلقي حجوزات لبعض الشحنات التي ستتأثر ببرنامج العقوبات. وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية هذا الأسبوع عن فرض عقوبات على البيع المباشر أو غير المباشر والتوريد والنقل من وإلى إيران للجرافيت والمعادن الخام ونصف المصنعة مثل الألمنيوم والصلب والفحم والبرمجيات للعمليات الصناعية المتكاملة. ومن جانبها قالت ميرسك لاين الدنماركية إنها توقفت عن قبول الشحنات المحددة الواردة في القائمة التي أصدرتها وزارة الخزانة الأمريكية هذا الأسبوع. وأضافت قائلة في بيان «وجودنا في إيران محدود. سنراقب التطورات لتقييم أي تأثير في أنشطتنا». الغرفة الألمانية إلى ذلك، أسفر استطلاع أجرته غرفة الصناعة والتجارة الألمانية بين حوالي خمسة آلاف شركة ألمانية تعمل في 92 دولة عن توقعات إيجابية للعام الجاري: فهناك 40 % من هذه الشركات معظم الشركات الألمانية العاملة في الخارج عقد صفقات جيدة خلال العام الجاري، لكن القلق بشأن السياسة الأمريكية تجاه روسيا وإيران عكرت صفو هذه التوقعات.وتكمن المشكلة في أن العقوبات ستضر أيضا بالشركات الألمانية وفقا لقانون العقوبات الأمريكي، وذلك في حال عقدها مثلا صفقات مع إيران في الوقت الذي تكون فيه عاملة أيضا في الولايات المتحدة.تتوقع نتائج نمو أفضل، كما توقعت 50 % منها البقاء على المستوى الذي تحقق العام الماضي، بينما قال 10 % إنهم يتوقعون تراجع معدلات النمو لديها. (وكالات)
مشاركة :