لم يكتف سعيد عقل أن يشغل الناس وهو حي طوال مئة وسنتين، بل شغل الناس والإعلام منذ وفاته وحتى قبل أن يوارى الثرى. فسعيد عقل بمواقفه الجدلية في السياسة واللغة والقومية قسم الناس حوله بالرغم من أنهم قد اجتمعوا دون أي نقاش حول قيمته الشعرية، سعيد عقل الراحل بعد هذا العمر الطويل يترك الكثير من الأسئلة خلفه وربما الكثير من الفراغ الشعري، فهو الحالة الخاصة التي إن كنت معها أو ضدها فلا بد لك أن تعترف بقيمتها. الناقد الأدبي عقل عويط لا يرضى أن يعترف بأي فراغ سيتركه عقل فالقصيدة كما يقول كفيلة أن تملأ الفراغ ويشرح لـ «عكاظ» فيقول: لن يترك سعيد عقل أي فراغ في الحياة الشعرية أو الأدبية، قصائده محفوظة، ليس على المهتمين بتاريخ الأدب والشعر سوى أن يضعوه تحت مجهر النقد ليروا ماذا يبقى من هذا الشعر وماذا لا يبقى منه». وعن موقفه من بعض القضايا السياسية التي تناولها الشاعر الراحل أوضح عويط لـ«عكاظ»: أقرأ شعر سعيد عقل بمعزل عن أي موقف سياسي، شعره يجب أن يؤخذ بالنقد الأدبي فحسب. أما سعيد عقل السياسي فللناس فيه آراء شتى. أنا نفسي لن أغفر له موقفه من اللغة العربية ولا موقفه من العدو الإسرائيلي ولا موقفه العنصري حيال الشعب الفلسطيني، لكني لا أستطيع أن أقبل التعمية الغرائزية التي تأخذ الشاعر العظيم لصالح بعض مواقفه المستنكرة. أما الأديبة غادة السمان فقالت لـ «عكاظ» «الشاعر سعيد عقل أسس لذاكرة عربية في المنطقة ولا أعتقد أنه سيترك أي فراغ، فالفراغ قد احتلنا جميعا بجميع المفاهيم الثقافية والإنسانية والاجتماعية بعدما استطاعت جميع القوى المخربة الاستيلاء على إرثنا الفكري والثقافي والحضاري بتدمير كل ما بناه شاعر بحجم سعيد عقل». وأضافت السمان : أعتقد بأن الهجمة التي مارسها البعض على سعيد عقل بعد وفاته هي هجمة غير موفقة فربما وأشدد على كلمة ــ ربما ــ، أجد له في ظرفه آنذاك بعض المبرر وما أسهل أن ننبش أوكار الخفافيش، ولكن عندما كان سعيد عقل يشير إلى ما أشار إليه وتابعته اللقطات الإعلامية كتبت عنه، لكن اليوم أستطيع أن أفهم لماذا قال حينها ذلك، كان لبنان مهددا بالتغيير الديموغرافي والجغرافي والاجتماعي من بلد محتل شعبه فأراد سعيد عقل أن يجد البديل في لبنان وهي الحركة الفلسطينية التي كانت لها غاية لا تخفى على أحد وهي التوطين. لكن الإعلام الذي شن عليه حملة شرسة يهتم اليوم بالقضايا السخيفة ولا يستطيع إعلامنا أن يرتقي ليتناول شخصية ثقافية بحجم سعيد عقل.
مشاركة :