تونس - تُوجّه الطبقة السياسية في تونس عقب تجاوزها صفعة محطة الانتخابات المحلية، التي حققت فيها القوائم المستقلة تقدّما ملحوظا على حزبي الحكم نداء تونس والنهضة وبقية أحزاب المعارضة، بوصلتها لتعديل وزاري مرتقب في حكومة يوسف الشاهد. ويلتقي، الاثنين، رؤساء الأحزاب والأمناء العامون للمنظمات الوطنية في قصر قرطاج بإشراف الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، لمناقشة الصياغة الأولية لوثيقة أولويات الحكومة الجديدة، أو ما يعرف بـ”وثيقة قرطاج 2″، وذلك قبل المصادقة عليها ومن ثمة مناقشة أشكال التعديل الوزاري الذي قد يشمل رئيس الحكومة يوسف الشاهد. وكانت اللجنة الفنية المكوّنة من أعضاء الأحزاب والمنظمات الوطنية التونسية المساندة لحكومة الوحدة الوطنية قد استكملت صياغة مسودة وثيقة قرطاج 2، منذ الجمعة 4 مايو، وأحالتها إلى لجنة رؤساء الأطراف الموقعة على الوثيقة الأولى التي يشرف عليها الرئيس الباجي قائد السبسي. وقبل اجتماع الاثنين، تباينت مواقف الأطراف الشريكة في “وثيقة قرطاج 2″ حول مستقبل ما يعرف بحكومة الوحدة الوطنية وتحديدا حول رئيسها. ويتمسّك الاتحاد العام التونسي للشغل بوجوب إدخال تعديل عميق على الفريق الحكومي وحتى على الوظائف والمناصب العليا في مفاصل الدولة. وقال حفيّظ حفيّظ الأمين العام المساعد باتحاد الشغل لـ”العرب”، “لا أعتقد أن اجتماع الاثنين سيناقش ملامح التركيبة الحكومية القادمة باعتبار أن للاتحاد العديد من الاحترازات على بعض المقترحات المضمّنة بوثيقة قرطاج 2″. حفيّظ حفيّظ يستبعد مناقشة اجتماع الاثنين لملامح التركيبة الحكومية القادمة حفيّظ حفيّظ يستبعد مناقشة اجتماع الاثنين لملامح التركيبة الحكومية القادمة ويأتي موقف حفيّظ عقب تصريح الأمين العام للمنظمة نورالدين الطبوبي منذ أيام بأن اجتماع الاثنين سيكون مصيريا وأنه سيحدد بصفة كبرى ملامح التركيبة الحكومية الجديدة. وشدّد حفيّظ على أن اتحاد الشغل أعدّ ورقة بها كل تحفظاته إزاء مضامين وثيقة قرطاج 2، خاصة في ما يتعلق بالإصلاحات الكبرى وبالتحديد ملف المؤسسات العمومية، مؤكدا أن الاتحاد لن يكون طرفا في الحكومة المرتقبة لكن لديه تصورات واضحة من أهمها وجوب القيام بتعديل وزاري عميق طالما أن المنظومة الحاكمة لن تتغيّر. وأوضح حفيّظ أن المنظمة النقابية ستتمسّك عند بدء التفاوض حول التركيبة الحكومية بضرورة التعديل العميق الذي يجب أن يشمل كافة مفاصل الدولة وفي مقدمتها الوزراء والمناصب العليا بالدولة من محافظين ومعتمدين ورؤساء عامين بالعديد من المؤسسات، داعيا إلى “ربان جديد يكون قادرا على الوصول بسفينة الوطن إلى برّ الأمان خاصة في ما يتعلق بالملفات الاقتصادية والاجتماعية الملحة”. وبخلاف موقف اتحاد الشغل، فإن حركة النهضة أكثر الأحزاب تمثيلية في الحكومة الحالية، ترفض فكرة التعديل العميق وتتمسّك بإبقاء الشاهد إلى غاية الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة في عام 2019. وكان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قد أكّد الأسبوع الماضي أن حركته تؤيد فكرة التعديل الجزئي لضخ دماء جديدة في الحكومة للمحافظة على الاستقرار السياسي بالبلاد إلى غاية 2019. أما موقف الحزب الحاكم نداء تونس بخصوص التعديل الوزاري المرتقب فيكتنفه، وفق الملاحظين، الكثير من الغموض وخاصة بشأن مصير الشاهد الذي يعتبر أحد أهم قياداته الحزبية. وأكّد محسن حسن القيادي بحزب نداء تونس لـ”العرب”، أن مسألة المفاوضات حول شكل أو تركيبة الحكومة القادمة غير مطروحة إلى حدّ اللحظة باعتبار أن اجتماع الاثنين سيناقش كل بنود وثيقة قرطاج 2، وأن كل الأمور تبقى بيد رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي صاحب المبادرة الأصلي. وتُوجّه العديد من قيادات الحزب الحاكم انتقادات حادة للاتحاد العام التونسي للشغل على خلفية دعوته إلى تغيير بعض الأسماء في أجهزة الدولة كالمحافظين أو المسؤولين المحليين، معتبرة أن التسميات تبقى من صلاحيات الأحزاب الفائزة في انتخابات 2014. وأقرّ محسن حسن بأن حزب نداء تونس يطرح بدوره على كل الموقعين على وثيقة أولويات الحكومة وجوب إجراء تعديل وزاري عميق لإضفاء نفس جديد يمكّن من إنقاذ البلاد من كل أزماتها. يشار إلى أن العديد من الفاعلين السياسيين انتقدوا تحركات الشاهد ومشاركته في حملة حزبه بمناسبة الانتخابات المحلية، معتبرين أن خطوته تهدف إلى حشد دعم سياسي من هياكل وقواعد حزبه للبقاء في القصبة (قصر الحكومة). وتعتبر أحزاب المعارضة وفي مقدمتها الجبهة الشعبية وحركة مشروع تونس والتيار الديمقراطي أن تونس ليست بحاجة إلى تعديل وزاري لا يكون مرفوقا بتغيير جذري في السياسات الاقتصادية والاجتماعية أو الخيارات التي يتبعها الحزبان الحاكمان منذ انتخابات عام 2014.
مشاركة :