العالم يعتمد على النفط السعودي أكثر من أي وقت مضى

  • 9/18/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

ربما تكون الولايات المتحدة غارقة في النفط، لكن العالم لا يزال معتمداً على السعودية. والواقع أن السعودية تضخ كميات من الخام أكثر من أي وقت منذ السبعينيات على الأقل. كذلك سجل الإنتاج في الكويت والإمارات مستويات مرتفعة قياسية. هذه الأرقام علامة على اتجاه عام عميق لكن يسهل تجاهله في سوق النفط العالمية. فعلى الرغم من ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة، إلا أن العالم الآن يعتمد أكثر من ذي قبل، على عدد قليل من المنتجين في الخليج لسد فجوة العرض من بلدان أخرى. ويقول جان سيتوارت، رئيس قسم أبحاث سلع الطاقة في بنك كريدي سويس : "بغض النظر عما يحدث في الولايات المتحدة، تظل دول الخليج أساسية جداً بالنسبة لتجارة النفط العالمية". ويضيف : "إن حقيقة أنهم ينتجون هذه الكميات الكبيرة تبين لنا أن الميزان النفطي العالمي مضغوط إلى حد يفوق كثيراً الفكرة التي يريد إجماع المحللين أن تكون موجودة لديك". وكان الأمر الذي أشعل فتيل القفزة في إنتاج الخليج هو انقطاع كميات هائلة من الإمدادات الليبية، حيث أدت إضرابات العاملين والميليشيات إلى تقليص الصادرات من نحو مليون برميل يومياً إلى كميات قليلة للغاية. وفقاً لبيانات وكالة الطاقة الدولية، استجابت السعودية برفع الإنتاج إلى 10.2 مليون برميل يومياً في آب (أغسطس)، وهو أعلى إنتاج في سجلات الوكالة. وبالتالي تحصد السعودية الآن أكثر من مليار دولار يومياً من إيرادات التصدير. كذلك سجلت الكويت والإمارات أرقاماً قياسية للناتج هذا الصيف، بمعدل يبلغ نحو 2.8 مليون برميل يومياً. وفي آب (أغسطس) أنتجت البلدان الخليجية الثلاثة ما نسبته 17.1 في المائة من الطلب العالمي. وتشير بيانات الوكالة إلى أن حصتها خلال 30 سنة لم تتجاوز 18 في المائة. ويبدو أن هذا الاعتماد على الخليج في تزايد. فقد زادت البلدان الثلاثة إنتاجها في السنة الماضية، حين أدت العقوبات إلى تقليص الصادرات الإيرانية بواقع مليون برميل يومياً. وحين توقفت صناعة النفط الليبية أثناء الحرب الأهلية عام 2011، استجابت السعودية في ذلك الوقت أيضاً. وبالنسبة للبلدان المستهلكة للنفط، مثل الولايات المتحدة، وهي أكبر مستورد للنفط في العالم، والهند والصين، يدور الأمر حول ما إذا كانت لبلدان الخليج قدرة إنتاجية احتياطية قادرة على مواصلة الإنتاج عند هذه المستويات – أو حتى زيادة الإنتاج في حالة استمرار اضطراب الإمدادات. وبحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، حتى حين يكون إنتاج السعودية عند المستويات الحالية، تظل لديها طاقة احتياطية تزيد على مليوني برميل يومياً. وفي الأسبوع الماضي أكد علي النعيمي، وزير البترول السعودي، مرة أخرى على استعداد الرياض للوفاء بأي طلب. لكن يبدو أن هذا اقتضى إجراء تحول دقيق في السياسة. فقد كانت السعودية تعمل بصورة بطيئة على إدخال حقل منيفة العملاق في المنطقة المغمورة إلى حيز الإنتاج، بحيث يكون في نهاية المطاف قادراً على إنتاج 900 ألف برميل يومياً. وفي البداية كانت الرياض تعتزم إرسال ناتج منيفة إلى معمل تكرير محلي، وفي الوقت نفسه تقليص الإنتاج من عدد من حقولها الأخرى من أجل إطالة أعمارها. ومن شأن هذا لو حدث أن يقلص كميات النفط المتاحة للسوق العالمية، لكن تعتقد وكالة الطاقة تعتقد أن هذا لم يحدث. يقول أنطوان هالف، رئيس قسم أبحاث النفط في الوكالة : "بسبب اضطراب الإمدادات من بلدان أخرى، نعتقد أن زيادة الإنتاج من منيفة يتم توريدها للسوق". ولأن الوكالة احتسبت الإنتاج من حقل منيفة، فقد رفعت من تقديرها للطاقة الإنتاجية السعودية بأكثر من نصف مليون برميل يومياً هذا العام، لتصل إلى 12.5 مليون برميل يومياً. وهذا يؤمن نوعاً من الوقاية للسوق، ويعني أن الوكالة ترجو أن يتحسن العسر الحالي في سوق النفط خلال الأشهر القليلة المقبلة، في الوقت الذي يتم فيه إغلاق معامل التكرير للصيانة. لكن ضمن الخليج، تعتبر قدرة السعودية على تحقيق إنتاج جديد حسب الرغبة حالة استثنائية. فقد أجلت الإمارات هدفها لزيادة الإنتاج إلى 3.5 مليون برميل يومياً من عام 2017 إلى عام 2020. ولا تزال الكويت تستهدف إنتاج أربعة ملايين برميل يومياً بحلول عام 2020، لكنها تعاني في سبيل التغلب على معدلات التراجع السريع في الإنتاج من حقولها الحالية. ويضخ البَلدان ما يقرب من طاقتهما القصوى، وفقاً للوكالة الدولية للطاقة، بينما شهدت قطر إنتاجها يتراجع قليلاً في السنوات الأخيرة. وتراجع الإنتاج من البلدان غير الأعضاء في أوبك منذ عام 2008، حتى مع ارتفاع الطلب على النفط. فالإنتاج في فنزويلا وأنجولا والجزائر الآن أقل مما كان عليه الحال قبل خمس سنوات. ويقول أمريتا سين، وهو محلل في شركة الاستشارات إنيرجي أسبِكتْس : "لدى السعودية رقم مستهدف واضح للإنتاج وطريقة منهجية للعمل لتحقيقه، في حين أن من غير المرجح أن نشهد نمواً فعلياً في الناتج من دول الخليج الأخرى على مدى بقية هذا العقد". وآثار ذلك في الاقتصاد العالمي لا يستهان بها. فالسعودية هي أكبر مورد وحيد لكثير من البلدان المستوردة الكبيرة، مثل الصين. لكنها لا تبيع الخام إلا لزبائنها الحاليين، ولا تسمح للمشترين بالبيع اعتمادا على شحناتهم. ورغم كل ما يقال حول طفرة النفط الصخري، إلا أن الأمور تسير كالمعتاد بالنسبة لبقية العالم من حيث العرض. وستستمر السوق في مراقبة هذه البيانات الخاصة بالناتج بصورة وثيقة.

مشاركة :