من الواضح أن المدافع الفرنسي غايل كليشي ما زال يتذكر جيداً اللحظة التي غيّر فيها المدير الفني الإسباني لنادي مانشستر سيتي جوسيب غوارديولا نظرته للطريقة التي يجب أن يقضي بها السنوات الأخيرة من مسيرته الكروية. عندما وصل غوارديولا إلى مانشستر سيتي في صيف عام 2016 استدعى المدافع الفرنسي إلى مكتبه للحديث معه حول مستقبله مع النادي، وقال لكليشي بكل بصراحة: «مسيرتك المهنية أصبحت خلفك الآن، لكن لديك واجباً يتعين عليك القيام به كل يوم وكل حصة تدريبية، وفي كل سلوك تقوم به؛ لأن اللاعبين الشباب يتطلعون إليك، وحتى إذا كنت لا تشعر بأنك لاعب استثنائي، فقد لعبت لسنوات كثيرة في إنجلترا وحصلت على بطولات، وأنت شخص سوف ينظر اللاعبون الشباب إليه ويتصرفون كما تتصرف». وبعد موسم واحد من العمل تحت قيادة غوارديولا، رحل كليشي عن النادي الإنجليزي، لكن كلمات المدير الفني الإسباني لا تزال محفورة في ذاكرته. وبعد الرحيل عن مانشستر سيتي لم يرغب كليشي في الانضمام إلى دوري متوسط المستوى من أجل الحصول على مزيد من الأموال، لكنه اتخذ قراراً جريئاً بالانضمام إلى نادي إسطنبول باشاك شهير التركي، الذي يسعى لكسر احتكار غلاطة سراي وبشكتاش وفناربغشه ألقاب كرة القدم التركية. وعندما قابلته في استاد فاتح تريم، قال كليشي، البالغ من العمر الآن 32 عاماً: «عندما جئت إلى هنا، اعتقدت أن الأمور ستكون سهلة، وقلت لزوجتي إنني لن ألعب سوى سنوات قليلة؛ لذا يجب أن أستمتع بها، لكنني أعمل بشكل أقوى مما كنت عليه في مانشستر سيتي؛ وذلك لأن رئيس النادي قد منحني كل شيء. عندما تقابل أشخاصاً مثل هؤلاء، فإنك تشعر بأنه يتعين عليك أن ترد لهم الجميل، وأن تعمل بكل ما أوتيت من قوة. الدوري التركي ليس في مستوى الدوري الإنجليزي الممتاز من حيث الاحترافية، لكنني سأتذكر دوماً ما أخبرني به غوارديولا؛ لذلك سأتدرب كل يوم بقوة؛ لأن هؤلاء اللاعبين الشباب يتابعونني. يتعين عليّ أن أعمل على تغيير هذا النادي إلى الأفضل». وأضاف: «يتعين عليك أن تكون واقعياً - أنا لست غايل كليشي بالشكل الذي كنت عليه قبل 10 سنوات، ولو كنت كذلك لما جئت إلى هنا، وهذا شيء طبيعي في عالم كرة القدم، لكنني أعتقد أنه لا يزال لدي شيء أعطيه لهذا النادي ولهذا الفريق. عندما تعاقدوا معي، قالوا لي إنهم يريدون الفوز بلقب الدوري التركي – وقد ننجح في تحقيق هذا الهدف خلال هذا العام أو في العام المقبل، أو في غضون عامين. الشيء الذي نعرفه هو أننا نملك المقومات لتحقيق ذلك، فلدينا مرافق رائعة، ورئيس النادي يعطينا كل شيء، ولدينا لاعبون ممتازون، ونحن نتحرك للأمام خطوة بخطوة، وهذه هي فلسفة النادي». وعلى الرغم من حداثة النادي، وحقيقة أن عدد الجمهور في مباريات الفريق على ملعبه لا يتجاوز خمسة آلاف متفرج، فإن النادي يضم عدداً من اللاعبين الممتازين مثل التوغولي إيمانويل أديبايور والتركي أردا توران، وهناك خطط كبيرة لتوسعة ملعب التدريب ودمج أكاديمية النادي الموجودة بجوار الملعب. وهناك ثلاثة ملاعب بجوار الاستاد وسيرتفع عددها إلى عشرة ملاعب في غضون عشر سنوات، كما يتعاقد النادي مع لاعبين كبار بخبرات هائلة، مثل كليشي لتطوير النادي وزيادة مستوى الاحترافية به. وقال كليشي: «الدوري التركي ليس مثل الدوري الإنجليزي الممتاز، لكنني وجدت نادياً مشابهاً لمانشستر سيتي. إنه نادٍ جديد ذو طموحات جيدة لديه بنية تحتية جيدة، وعندما التقيت أشخاصاً من النادي ورئيس النادي ونائب الرئيس، اتخذت قراري بالانضمام إليه». ويمتلك كليشي خبرات هائلة بفضل اللعب تحت قيادة مديرين فنيين كبيرين هما آرسين فينغر في آرسنال، وغوارديولا في مانشستر سيتي. وقد أعجب كليشي بشدة بطريقة غوارديولا في التدريب، ولديه حماس كبير لما يمكن أن يحققه في المستقبل. وقال المدافع الفرنسي: «عندما تلعب في صفوف آرسنال لمدة ثماني سنوات وفي مانشستر سيتي لمدة ست سنوات، فستذهب إلى مستوى أقل بعد ذلك. لقد كنت محظوظاً خلال الاثني عشر شهراً الأخيرة بالعمل مع غوارديولا، إنه شخص عبقري في كرة القدم. أنا لا أقول إنه أفضل مدير فني، حيث نجح مديرون فنيون آخرون بطرق مختلفة، لكنه بالتأكيد يمنحك شعوراً مختلفاً، ويجعلك تنظر إلى كرة القدم بطريقة مختلفة. لقد انبهرت بطريقته في العمل». ويبدو من الصعب على كليشي أن يحصل على بطولة مع فريقه في الموسم الحالي، لكنه يأمل أن يكون جزءاً من نادٍ يحاول أن يصنع لنفسه اسماً بين الكبار، ويقول: «أرضية التدريب سوف تتحسن، ولدينا لاعبون ممتازون ولا توجد كلمات مناسبة لتوجيه الشكر لرئيس ونائب رئيس النادي على النصيحة التي يقدماها لي ولأسرتي كل يوم. لقد كان تحدياً كبيراً وما زلت أعمل على التكيف مع الحياة هنا؛ لأنها تختلف تماماً عن الحياة التي كنت أعيشها من قبل». ولا يزال كليشي يركز على تحقيق النجاح على المدى الطويل بدلاً من خيبة الأمل التي من المحتمل أن يشعر بها لاعبو فريقه بعد فشلهم في المنافسة على لقب الدوري التركي خلال الموسم الحالي. ويعتقد كليشي أنه يتعين على آرسنال أن يفكر بالطريقة نفسها وهو يحاول إيجاد بديل للمدير الفني الفرنسي آرسين فينغر، وقال: «سوف يتذكر الجميع ما قدمه هذا الرجل على مدى 22 عاماً ليس فقط لآرسنال، بل لكرة القدم الإنجليزية ككل». وأضاف: «أعتقد أنهم قد وصلوا للحظة يريد الناس عندها رؤية شخص آخر. لا يتعلق الأمر بمجرد الفوز بالدوري الأوروبي أو الدوري الإنجليزي الممتاز أو هذه البطولة أو تلك، أو حتى التعاقد مع هذا اللاعب أو ذاك، لكنهم يريدون رؤية شخص جديد. وحتى لو كان آرسنال قد فاز بلقب الدوري الأوروبي، فكانوا سيطلبون أيضا التعاقد مع مدير فني جديد لأن هذه هي كرة القدم». ويؤمن كليشي بأن فينغر سيواصل العمل في مجال التدريب وسينجح في أي مكان يعمل به، قائلاً: «عندما تحب كرة القدم، فأنت تحب اللعبة ولا تزال تملك شيئاً يمكنك أن تقدمه. لا أعرف إلى أين سيذهب، لكن أي نادٍ سوف يعمل به مديراً فنياً أو مديراً رياضياً سيكون محظوظاً للغاية؛ لأنه سيعمل مع رجل حقيقي نجح في تغيير اللعبة ككل». وعلى الرغم من أن كليشي قد لعب تحت قيادة اثنين من أكثر المديرين الفنيين تأثيراً في الدوري الإنجليزي الممتاز منذ نشأته، فإنه يعرف أنه لكي يستطيع تغيير الدوري التركي الممتاز فإنه يتعين عليه أن يلتزم بفلسفته البسيطة. يقول المدافع الفرنسي: «ليس لدي سوى بضع سنوات متبقية في مسيرتي الكروية، وأريد أن أستمتع بنفسي، لكن لكي أستطيع أن أستمتع يتعين عليّ أن أعمل بكل جد. أنا رجل مجتهد، وهذا ما تدربت على القيام به».
مشاركة :