يتجه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر على ما يبدو للعودة إلى الساحة السياسية في العراق بعد أداء قوي في الانتخابات البرلمانية في أعقاب تهميشه لسنوات من قبل منافسين تدعمهم إيران.فقد أبلغ مصدر بمفوضية الانتخابات ومسؤول أمني رويترز بأن تحالف الصدر حل في المركز الثاني في الانتخابات التي أجريت أمس السبت خلف قائمة مرشحي رئيس الوزراء حيدر العبادي.وصنع الصدر اسمه من قيادته انتفاضتين ضد القوات الأمريكية في العراق، ليستقي بذلك دعم الأحياء الفقيرة في بغداد ومدن أخرى. ووصفت الولايات المتحدة جيش المهدي، وهو فصيل شيعي مسلح موال للصدر، بأنه أكبر تهديد لأمن العراق.وبينما صوت كبار الساسة في فندق فاخر ببغداد أمس وهم يرتدون سترات حديثة، ظهر الصدر بعباءته وعمامته التقليديتين وهو يسير إلى مركز اقتراع للإدلاء بصوته.وعززت لقطات تلفزيونية للصدر صورته كمتمرد يجد هوى في نفوس المحرومين العراقيين.وإذا تأكدت النتائج الأولية فربما يضطر العبادي، الشيعي الذي تلقى تعليمه في بريطانيا والذي كون علاقات مع واشنطن وطهران، لتشكيل تحالف مع الصدر الذي قاتل الأمريكيين ويعد واحدا من الزعماء الشيعة القلائل الذين يحتفظون بمسافة بينهم وبين إيران صاحبة النفوذ القوي في العراق.ويسعى الصدر لتوسيع قاعدة دعمه الإقليمي. والتقى العام الماضي بالأمير محمد بن سلمان ولي عهد السعودية، الحليف الإقليمي للولايات المتحدة الذي يناصب إيران العداء.وللصدر، الذي شوهد وهو يشرب العصير في قصر بمدينة جدة السعودية، مصلحة مشتركة في مواجهة النفوذ الإيراني في العراق.وظهر الصدر على واجهة الأحداث خلال الاضطرابات والفوضى التي اندلعت في العراق بعد إطاحة القوات الأمريكية بحكم صدام حسين عام 2003. وتحدى الفصيل المسلح التابع للصدر، والذي يتسلح أغلب أفراده ببنادق الكلاشنيكوف والقذائف الصاروخية، أقوى جيش في العالم لدى محاولته إعادة الاستقرار للعراق.ويستمد الصدر الكثير من سلطته من عائلته. فوالده هو آية الله العظمى محمد صادق الصدر الذي اغتيل في عام 1999 لتحديه صدام حسين. وقتل صدام أيضا ابن عم والده محمد باقر في عام 1980.واتهم مسؤولون أمريكيون وزعماء سنة جيش المهدي بالمسؤولية عن الكثير من عمليات القتل الطائفية التي اجتاحت العراق. وأصدرت سلطة الاحتلال الأمريكي مذكرة اعتقال بحقه لدوره المزعوم في قتل رجل دين منافس.وتبرأ الصدر من انتهاج العنف ضد العراقيين وأمر في عام 2008 الميليشيات التابعة له بأن تتحول إلى منظمة إنسانية.وما زال بإمكانه حشد الآلاف من أنصاره للضغط لتحقيق أهدافه وشكل تحالفا بعيد الاحتمال مع الشيوعيين وأنصار علمانيين مستقلين آخرين للمطالبة بتشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة لإنهاء الفساد.وفي خطاب تلفزيوني في أبريل نيسان دعا الصدر الشعب العراقي إلى المشاركة في ثورة بيضاء. وطالب الجميع بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية والتي وصفها بأنها الفرصة الأخيرة للتغيير. وتعرف قائمة الصدر باسم "سائرون".قال جمعة البهادلي وهو نائب في البرلمان المنتهية ولايته من كتلة الصدريين "برنامجنا يتضمن بناء مؤسسات دولة فاعلة وخالية من الفساد، ويتضمن إعادة تأهيل وتطوير البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية كالطبابة والتعليم للفقراء".ويمتد التأييد للصدر إلى مدينة البصرة معقل الشيعة في جنوب البلاد وبالقرب من حقول النفط الرئيسية بالبلاد.وقال مهندس في البصرة يدعى مهند محمد صاحب (38 عاما) والذي صوت لقائمة سائرون "اليوم انتصرنا على الفاسدين الذين حكموا العراق منذ 2003 . اليوم اثبت التيار الصدري وأتباع الصدر أنهم هم الشعب".وقال بعض الناخبين إن دعوة رجل الدين الشيعي صاحب النفوذ آية الله العظمى علي السيستاني للناخبين بنبذ المرشحين الفاسدين كانت إشارة ضمنية لدعم قائمة سائرون.وقال محمد مطر الذي أيد أيضا قائمة الصدر "صحيح أن المرجعية (الشيعية) لم تذكر سائرون بشكل شخصي ولكنها كانت تقصدها ضمنيا والكل فهم ذلك لان سائرون هي الكتلة الوحيدة التي مثلت جميع طبقات المجتمع وكل أطياف الشعب".لكن الكثير من ساسة الأحزاب الرئيسية سعوا في الماضي لتقويض الدعم الذي يحظى به الصدر. فلقد أمر رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وهو حليف وثيق لإيران بشن حملة على جيش المهدي في البصرة عام 2008 واصفا أعضاء الجيش بالخارجين عن القانون. وقتل العشرات في تلك الحملة.
مشاركة :